للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي الزَّرْعِ، فَقَالَ: أَوَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ، فَأَسْرَعَ وَبَذَرَ، فَتَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ وَتَكْوِيرُهُ أَمْثَالَ الْجبَالِ، فَيقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: دُونَكَ يَا بْنَ آدَمَ؛ فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَا تَجدُ هَذَا إِلَّا قُرَشِيّاً أَوْ أَنْصَارِيّاً؛ فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، فَأَمَّا نَحْنُ، فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.

(فيقول الله - عز وجل -: دونك يا بن آدم؛ فإنه لا يُشبعك شيء): هذا هو الباعثُ على إدخالِ هذا الحديث في ترجمة كلام الله تعالى مع أهل الجنة.

فإن قيل: قولُه: "لا يُشبعك شيءٌ" معارَض بقولِه تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى} [طه: ١١٨].

فالجواب: أن نفي الشبع أعمُّ من الجوع؛ لثبوت الواسطة، وهي الكفاية، وأكلُ أهلِ الجنة لا عن جوعٍ أصلاً؛ لنفي الله له عنهم.

واختُلف في الشبع، والمختار: أن لا شِبَعَ (١)؛ لأنه لو كان فيها (٢)؛ لمنعَ طولُ الأكلِ المُسَتلذِّ منها مدةَ الشِّبَع، وإنما أراد بقوله (٣) لابن (٤) آدم: "لا يُشبعك شيءٌ": ذَمَّ تركِ القناعة مما كان فيه، وطلب (٥) الزيادة عليه (٦)، وروي: "لا يَسَعُكَ شَيْءٌ"؛ من الوُسْع.


(١) في "ج": "يشبع".
(٢) في "ج": "منهما".
(٣) في "ج": "أراد الله بقوله".
(٤) في "ج": "ابن".
(٥) في "ج": "طلب".
(٦) انظر: "التوضيح" (٣٣/ ٤٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>