وَخُبْزٍ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ (وَهُوَ) أَيْ الصَّاعُ الْمُعْتَبَرُ (مَا يَسَعُ أَلْفًا وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا مِنْ مَاشٍ أَوْ عَدَسٍ) إنَّمَا قُدِّرَ بِهِمَا
ــ
[رد المحتار]
عَلَيْهِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْحِنْطَةِ عَنْ الْحِنْطَةِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ بِأَنْ أَدَّى نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ عَنْ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ وَسَطٍ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ غَيْرِ الْحِنْطَةِ عَنْ الْحِنْطَةِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ بِأَنْ أَدَّى نِصْفَ صَاعِ تَمْرٍ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ قِيمَةَ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ عَنْ الْحِنْطَةِ بَلْ يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَلَيْهِ تَكْمِيلُ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي غَيْرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ. اهـ.
[تَنْبِيهٌ] يَجُوزُ عِنْدَنَا تَكْمِيلُ جِنْسٍ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ مِنْ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ. فَفِي الْبَحْرِ عَنْ النَّظْمِ لَوْ أَدَّى نِصْفَ صَاعِ شَعِيرٍ وَنِصْفَ صَاعِ تَمْرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعِ تَمْرٍ وَمَنًّا وَاحِدًا مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ نِصْفَ صَاعِ شَعِيرٍ وَرُبْعَ صَاعِ حِنْطَةٍ جَازَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَخُبْزٍ) عَدَمُ جَوَازِ دَفْعِهِ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ هُوَ الصَّحِيحُ لِعَدَمِ وُرُودِ النَّصِّ بِهِ فَكَانَ كَالذُّرَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحُبُوبِ الَّتِي لَمْ يَرِدْ بِهَا نَصٌّ وَكَالْأَقِطِ بَحْرٌ. مَطْلَبٌ فِي تَحْرِيرِ الصَّاعِ وَالْمُدِّ وَالْمَنِّ وَالرِّطْلِ
(قَوْلُهُ وَهُوَ أَيْ الصَّاعُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الصَّاعَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَالْمُدُّ رِطْلَانِ وَالرِّطْلُ نِصْفُ مَنٍّ وَالْمَنُّ بِالدَّرَاهِمِ مِائَتَانِ وَسِتُّونَ دِرْهَمًا وَبِالْإِسْتَارِ أَرْبَعُونَ وَالْإِسْتَارُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ بِالدَّرَاهِمِ سِتَّةٌ وَنِصْفٌ بِالْمَثَاقِيلِ قِيلَ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ كَذَا فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ فَالْمُدُّ وَالْمَنُّ سَوَاءٌ كُلٌّ مِنْهُمَا رُبْعُ صَاعٍ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا، وَفِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْفَتْحِ: اُخْتُلِفَ فِي الصَّاعِ فَقَالَ الطَّرَفَانِ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ بِالْعِرَاقِيِّ وَقَالَ الثَّانِي خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ، قِيلَ لَا خِلَافَ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ قَدَّرَهُ بِرِطْلِ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّهُ ثَلَاثُونَ إسْتَارًا وَالْعِرَاقِيُّ عِشْرُونَ وَإِذَا قَابَلْت ثَمَانِيَةً بِالْعِرَاقِيِّ بِخَمْسَةٍ وَثُلُثٍ بِالْمَدِينِيِّ وَجَدْتهمَا سَوَاءً وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَذْكُرْ خِلَافَ أَبِي يُوسُفَ وَلَوْ كَانَ لَذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمَذْهَبِهِ اهـ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الدِّرْهَمَ الشَّرْعِيَّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَالْمُتَعَارَفُ الْآنَ سِتَّةَ عَشَرَ، فَإِذَا كَانَ الصَّاعُ أَلْفًا وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا شَرْعِيًّا يَكُونُ بِالدِّرْهَمِ الْمُتَعَارَفِ تِسْعَمِائَةٍ وَعَشَرَةً، وَقَدْ صَرَّحَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى فِي بَابِ زَكَاةِ الْخَارِجِ بِأَنَّ الرِّطْلَ الشَّامِيَّ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَنَّ الْمُدَّ الشَّامِيَّ صَاعَانِ وَعَلَيْهِ فَالصَّاعُ بِالرِّطْلِ الشَّامِيِّ رِطْلٌ وَنِصْفٌ، وَالْمُدُّ ثَلَاثَةُ أَرْطَالٍ وَيَكُونُ نِصْفُ الصَّاعِ مِنْ الْبُرِّ رُبْعَ مُدٍّ شَامِيٍّ، فَالْمُدُّ الشَّامِيُّ يُجْزِئُ عَنْ أَرْبَعٍ وَهَكَذَا رَأَيْته أَيْضًا مُحَرَّرًا بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا إبْرَاهِيمَ السَّائِحَانِيِّ وَشَيْخِ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ وَكَفَى بِهِمَا قُدْوَةً لَكِنِّي حَرَّرْت نِصْفَ الصَّاعِ فِي عَامِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ فَوَجَدْته ثَمِينَةً وَنَحْوَ ثُلُثَيْ ثَمِينَةٍ فَهُوَ تَقْرِيبًا رُبْعُ مُدٍّ مَمْسُوحًا مِنْ غَيْرِ تَكْوِيمٍ، وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمُدَّ فِي زَمَانِنَا أَكْبَرُ مِنْ الْمُدِّ السَّابِقِ وَكَذَا الرِّطْلُ فِي زَمَانِنَا فَإِنَّهُ الْآنَ يَزِيدُ عَلَى سَبْعِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى تَقْرِيرِ الصَّاعِ بِالْمَاشِ أَوْ الْعَدَسِ أَمَّا عَلَى تَقْدِيرِهِ بِالْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا فَيَزِيدُ نِصْفَ الصَّاعِ عَلَى ذَلِكَ فَالْأَحْوَطُ إخْرَاجُ رُبْعِ مُدٍّ شَامِيٍّ عَلَى التَّمَامِ مِنْ الْحِنْطَةِ الْجَيِّدَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَالَ ط: وَقَدَّرَ بَعْضُ مَشَايِخِي نِصْفَ الصَّاعِ بِقَدَحٍ وَسُدُسٍ بِالْمِصْرِيِّ وَعَنْ الدَّفَرِيِّ تَقْدِيرُهُ بِقَدَحٍ وَثُلُثٍ وَعَلَيْهِ فَالرُّبْعُ الْمِصْرِيُّ يَكْفِي عَنْ ثَلَاثٍ (قَوْلُهُ: إنَّمَا قَدَّرَ بِهِمَا) أَيْ قَدَّرَ الصَّاعَ بِمَا يَسَعُ الْوَزْنَ الْمَذْكُورَ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ مَجْمُوعِهَا: أَيْ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَتَسَاوَى كَيْلُهُ وَوَزْنُهُ إذْ لَا تَخْتَلِفُ أَفْرَادُهُ ثِقَلًا وَكِبَرًا فَإِذَا مَلَأْت إنَاءً مِنْ مَاشٍ وَزْنُهُ أَلْفٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا ثُمَّ مَلَأْته مِنْ مَاشٍ آخَرَ يَكُونُ وَزْنُهُ مِثْلَ وَزْنِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ مَاشٍ وَمَاشٍ آخَرَ وَكَذَا لَوْ فَعَلْت بِالْعَدَسِ كَذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا كَالْبُرِّ مَثَلًا فَإِنَّ بَعْضَ الْبُرِّ قَدْ يَكُونُ أَثْقَلَ مِنْ الْبَعْضِ فَيَخْتَلِفُ كَيْلُهُ وَوَزْنُهُ فَلِذَا قُدِّرَ الصَّاعُ بِالْمَاشِ أَوْ الْعَدَسِ فَيَكُونُ مِكْيَالًا مُحَرَّرًا يُكَالُ بِهِ مَا يُرَادُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمَنْصُوصَةِ بِلَا اعْتِبَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute