بَحْرٌ
(وَلَا يُصَامُ يَوْمُ الشَّكِّ) هُوَ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِلَّةً أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ لِجَوَازِ تَحَقُّقِ الرُّؤْيَةِ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى، وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ فَلَيْسَ بِشَكٍّ وَلَا يُصَامُ أَصْلًا شَرْحُ الْمَجْمَعِ لَلْعَيْنِيِّ عَنْ الزَّاهِدِيِّ (إلَّا نَفْلًا) وَيُكْرَهُ غَيْرُهُ (وَلَوْ صَامَهُ لِوَاجِبٍ آخَرَ كُرِهَ) تَنْزِيهًا وَلَوْ جَزَمَ أَنْ يَكُونَ عَنْ رَمَضَانَ كُرِهَ تَحْرِيمًا (وَيَقَعُ عَنْهُ فِي الْأَصَحِّ إنْ لَمْ تَظْهَرْ رَمَضَانِيَّتُهُ وَإِلَّا) بِأَنْ ظَهَرَتْ (فَعَنْهُ) لَوْ مُقِيمًا (وَالتَّنَفُّلُ فِيهِ أَحَبُّ) أَيْ أَفْضَلُ اتِّفَاقًا (إنْ وَافَقَ صَوْمًا يَعْتَادُهُ) أَوْ صَامَ مِنْ آخِرِ شَعْبَانَ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ
ــ
[رد المحتار]
وَأَمَّا مَنْ نَوَى الْقَضَاءَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَإِنَّ مَا نَوَاهُ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ جَهْلُ لُزُومِ التَّبْيِيتِ فَلَمْ يُعْذَرْ وَصَحَّ شُرُوعُهُ فَلَوْ قَطَعَهُ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ رَحْمَتِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُصَامُ يَوْمُ الشَّكِّ) هُوَ اسْتِوَاءُ طَرَفَيْ الْإِدْرَاكِ مِنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: هُوَ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ) الْأَوْلَى قَوْلُ نُورِ الْإِيضَاحِ هُوَ مَا يَلِي التَّاسِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ أَوَّلَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ ابْتِدَاءِ شَعْبَانَ فَمَنْ ابْتِدَائِيَّةٌ لَا تَبْعِيضِيَّةٌ تَأَمَّلْ.
مَبْحَثٌ فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ [تَنْبِيهٌ]
فِي الْفَيْضِ وَغَيْرِهِ لَوْ وَقَعَ الشَّكُّ فِي أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ أَوْ يَوْمُ النَّحْرِ فَالْأَفْضَلُ فِيهِ الصَّوْمُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِلَّةً إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى وَبِهِ انْدَفَعَ كَلَامُ الْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِ اهـ: أَيْ حَيْثُ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا غُمَّ هِلَالُ شَعْبَانَ فَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ الثَّلَاثُونَ مِنْ شَعْبَانَ أَوْ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ أَوْ غُمَّ هِلَالُ رَمَضَانَ فَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ الْأَوَّلُ مِنْهُ أَوْ الثَّلَاثُونَ مِنْ شَعْبَانَ أَوْ رَآهُ وَاحِدٌ أَوْ فَاسِقَانِ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ فَلَوْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً وَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ فَلَيْسَ بِيَوْمِ شَكٍّ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الْمُجْتَبَى بِزِيَادَةٍ وَلَا يَجُوزُ صَوْمُهُ ابْتِدَاءً لَا فَرْضًا وَلَا نَفْلًا وَكَلَامُهُمْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا.
(قَوْلُهُ: بِعَدَمِ اعْتِبَارِ اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ) سَقَطَ مِنْ أَكْثَرِ النُّسَخِ لَفْظُ اعْتِبَارِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا كَلَامَ فِي اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي اعْتِبَارِهِ وَعَدَمِهِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ إلَخْ) أَيْ فَيَلْزَمُ الْبَلْدَةُ الَّتِي لَمْ يُرَ فِيهَا الْهِلَالُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُصَامُ أَصْلًا) أَيْ ابْتِدَاءً لَا فَرْضًا وَلَا نَفْلًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْمُجْتَبَى؛ لِأَنَّهُ لَا احْتِيَاطَ فِي صَوْمِهِ لِلْخَوَاصِّ بِخِلَافِ يَوْمِ الشَّكِّ نَعَمْ لَوْ وَافَقَ صَوْمًا يَعْتَادُهُ فَالْأَفْضَلُ صَوْمُهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمُجْتَبَى بِقَوْلِهِ ابْتِدَاءً فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا نَفْلًا) فِي نُسَخِهِ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ غَيْرُهُ) أَيْ مِنْ فَرْضٍ أَوْ وَاجِبٍ بِنِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مُتَرَدِّدَةٍ وَكَذَا إطْلَاقُ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ شَامِلٌ لِلْمَقَادِيرِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ لِوَاجِبٍ آخَرَ) كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَقَضَاءٍ سِرَاجٌ (قَوْلُهُ: كُرِهَ تَنْزِيهًا) سَنَذْكُرُ وَجْهَهُ (قَوْلُهُ: كُرِهَ تَحْرِيمًا) لِلتَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُمْ زَادُوا فِي صَوْمِهِمْ وَعَلَيْهِ حُمِلَ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ التَّقَدُّمِ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَيَقَع عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْوَاجِبِ وَقِيلَ يَكُونُ تَطَوُّعًا هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَظْهَرْ رَمَضَانِيَّتُهُ) فِي السِّرَاجِ إذَا صَامَهُ بِنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ لَا يَسْقُطُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ فَلَا يَكُونُ قَضَاءً بِالشَّكِّ اهـ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَظْهَرْ الْحَالُ لَا يَكْفِي عَمَّا نَوَى فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ أَجْزَأَهُ عَمَّا نَوَى فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ يَجْزِيهِ لِوُجُودِ أَصْلِ النِّيَّةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَعَنْهُ) أَيْ عَنْ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: لَوْ مُقِيمًا) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ كُرِهَ تَنْزِيهًا وَلِقَوْلِهِ فَعَنْهُ قَالَ فِي السِّرَاجِ: وَلَوْ كَانَ مُسَافِرًا فَنَوَى فِيهِ وَاجِبًا آخَرَ لَمْ يُكْرَهْ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ رَمَضَانَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَلَمْ يُشْبِهْ صَوْمَهُ الزِّيَادَةَ وَيَقَعُ عَمَّا نَوَى وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ وَعِنْدَهُمَا يُكْرَهُ كَالْمُقِيمِ وَيُجْزَى عَنْ رَمَضَانَ إنْ بَانَ أَنَّهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: إنْ وَافَقَ صَوْمًا يَعْتَادُهُ) كَمَا لَوْ كَانَ عَادَتُهُ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ الِاثْنَيْنِ فَوَافَقَ ذَلِكَ يَوْمَ الشَّكِّ سِرَاجٌ وَهَلْ تَثْبُتُ الْعَادَةُ بِمَرَّةٍ كَمَا فِي الْحَيْضِ تَرَدَّدَ فِيهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute