للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُهُمْ بَعْدَ الزَّوَالِ) بِهِ يُفْتَى نَفْيًا لِتُهْمَةِ النَّهْيِ (وَكُلُّ مَنْ عَلِمَ كَيْفِيَّةَ صَوْمِ الشَّكِّ فَهُوَ مِنْ الْخَوَاصِّ وَإِلَّا فَمِنْ الْعَوَامّ، وَالنِّيَّةُ) الْمُعْتَبَرَةُ هُنَا (أَنْ يَنْوِيَ التَّطَوُّعَ) عَلَى سَبِيلِ الْجَزْمِ (مَنْ لَا يَعْتَادُ صَوْمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ) .

أَمَّا الْمُعْتَادُ فَحُكْمُهُ مَرَّ (وَلَا يَخْطُرُ بِبَالِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ فَعَنْهُ) ذَكَرَهُ أَخِي زَادَهُ (وَلَيْسَ بِصَائِمٍ لَوْ) رَدَّدَ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ بِأَنْ (نَوَى أَنْ يَصُومَ غَدًا إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ وَإِلَّا فَلَا) أَصُومُ لِعَدَمِ الْجَزْمِ (كَمَا) أَنَّهُ لَيْسَ بِصَائِمٍ (لَوْ نَوَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَجِدْ غَدَاءً فَهُوَ صَائِمٌ وَإِلَّا فَمُفْطِرٌ وَيَصِيرُ صَائِمًا مَعَ الْكَرَاهَةِ لَوْ) رَدَّدَ فِي وَصْفِهَا بِأَنْ (نَوَى إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ فَعَنْهُ وَإِلَّا فَعَنْ وَاجِبٍ آخَرَ وَكَذَا) يُكْرَهُ (لَوْ قَالَ أَنَا صَائِمٌ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ وَإِلَّا فَعَنْ نَفْلٍ) لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ مَكْرُوهِينَ

ــ

[رد المحتار]

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَيَّدَهُ فِي التُّحْفَةِ بِكَوْنِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعْلَمُ الْعَوَّامُ ذَلِكَ كَيْ لَا يَعْتَادُوا صَوْمَهُ فَيَظُنَّهُ الْجُهَّالُ زِيَادَةً عَلَى رَمَضَانَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِصَّةُ أَبِي يُوسُفَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْإِمْدَادِ وَغَيْرِهِ.

حَاصِلُهَا أَنَّ أَسَدَ بْنَ عَمْرٍو سَأَلَهُ هَلْ أَنْتَ مُفْطِرٌ فَقَالَ لَهُ فِي أُذُنِهِ أَنَا صَائِمٌ وَفِي قَوْلِهِ يَصُومُهُ الْخَوَاصُّ إشَارَةً إلَى أَنَّهُمْ يُصْبِحُونَ صَائِمِينَ لَا مُتَلَوِّمِينَ بِخِلَافِ الْعَوَامّ لَكِنْ فِي الظَّهِيرِيَّةِ الْأَفْضَلُ أَنْ يَتَلَوَّمَ غَيْرُ آكِلٍ وَلَا شَارِبٍ مَا لَمْ يَتَقَارَبْ انْتِصَافُ النَّهَارِ فَإِنْ تَقَارَبَ فَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقُضَاةِ وَالْمُفْتِينَ أَنْ يَصُومُوا تَطَوُّعًا وَيُفْتُوا بِذَلِكَ خَاصَّتَهُمْ وَيُفْتُوا الْعَامَّةَ بِالْإِفْطَارِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ التَّلَوُّمَ أَفْضَلُ فِي حَقِّ الْكُلِّ كَمَا فِي النَّهْرِ لَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُحِيطِ وَالْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمُخْتَارَ أَنْ يَصُومَ الْمُفْتِي بِنَفْسِهِ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ، وَيُفْتِي الْعَامَّةَ بِالتَّلَوُّمِ إلَى وَقْتِ الزَّوَالِ ثُمَّ بِالْإِفْطَارِ وَالتَّلَوُّمِ الِانْتِظَارِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الزَّوَالِ) فِي الْعَزْمِيَّةِ عَنْ خَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فِي هَامِشِ الْهِدَايَةِ إنَّمَا لَمْ يَقُلْ بَعْدَ الضَّحْوَةِ الْكُبْرَى مَعَ أَنَّهُ مُخْتَارُهُ سَابِقًا؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ هُنَا التَّوْسِعَةُ (قَوْلُهُ: نَفْيًا لِتُهْمَةِ النَّهْيِ) أَيْ حَدِيثِ «لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ» كَذَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى فَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَيُفْطِرُ غَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ: وَالنِّيَّةُ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْكَيْفِيَّةِ (قَوْلُهُ فَحُكْمُهُ مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالصَّوْمُ أَحَبُّ إنْ وَافَقَ صَوْمًا يَعْتَادُهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَخْطُرُ بِبَالِهِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَنْوِي وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ عَلَى سَبِيلِ الْجَزْمِ، وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يُرَدِّدَ فِي النِّيَّةِ بَيْنَ كَوْنِهِ نَفْلًا إنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ، وَفَرْضًا إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ بَلْ يَجْزِمُ بِنِيَّتِهِ نَفْلًا مَحْضًا وَلَا يَضُرُّهُ خُطُورُ احْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ جَزْمِهِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ؛ لِأَنَّهُ يَصُومُ احْتِيَاطًا لِذَلِكَ الِاحْتِمَالِ.

قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْمُفْتِي وَالْعَامَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُفْتِيَ يَعْلَمُ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى رَمَضَانَ لَا تَجُوزُ، فَلِذَا يَصُومُ احْتِيَاطًا احْتِرَازًا عَنْ وُقُوعِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ بِخِلَافِ الْعَامَّةِ فَإِنَّهُ قَدْ يَقَعُ فِي وَهْمِهِمْ الزِّيَادَةُ فَلِذَا كَانَ فِطْرُهُمْ أَفْضَلَ بَعْدَ التَّلَوُّمِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ أَخِي زَادَهْ) أَيْ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَكَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِصَائِمٍ إلَخْ) تَكْمِيلٌ لِأَقْسَامِ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْهِدَايَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ تَقَدَّمَ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ: وَهِيَ الْجَزْمُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ أَوْ بِنِيَّةِ وَاجِبٍ أَوْ بِنِيَّةِ رَمَضَانَ، وَعَلِمْت أَحْكَامَهَا، وَالرَّابِعُ: الِاضْطِجَاعُ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ، وَالْخَامِسُ الِاضْطِجَاعُ فِي وَصْفِهَا قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: التَّضْجِيعُ فِي النِّيَّةِ هُوَ التَّرَدُّدُ فِيهَا وَأَنْ لَا يَبُتَّهَا مِنْ ضَجَعَ فِي الْأَمْرِ إذَا وَهَنَ فِيهِ وَقَصَّرَ وَأَصْلُهُ مِنْ الضُّجُوعِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْجَزْمِ) فِي الْعَزْمِ فَقَدْ فَاتَ رُكْنُ النِّيَّةِ لَكِنَّ هَذَا إذَا لَمْ يُجَدِّدْ النِّيَّةَ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ فَإِنْ جَدَّدَهَا عَازِمًا عَلَى الصَّوْمِ جَازَ كَمَا رَأَيْته بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ عَلَى هَامِشِ الْهِدَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّهُ إلَخْ) تَنْظِيرٌ لِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ بِهَذِهِ وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ فَصَارَ كَمَا إذَا نَوَى إلَخْ (قَوْلُهُ: غَدَاءً) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَمْدُودًا (قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ صَائِمًا) أَيْ لِجَزْمِهِ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ وَإِنْ رَدَّدَ فِي وَصْفِهِ بَيْنَ فَرْضٍ وَوَاجِبٍ آخَرَ أَوْ فَرْضٍ وَنَفْلٍ (قَوْلُهُ: مَعَ الْكَرَاهَةِ) أَيْ التَّنْزِيهِيَّةِ؛ لِأَنَّ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ لَا تَثْبُتُ إلَّا إذَا جَزَمَ أَنَّهُ عَنْ رَمَضَانَ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ سَابِقًا ط (قَوْلُهُ: لِلتَّرَدُّدِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْكَرَاهَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ فَفِي الْأُولَى التَّرْدِيدُ بَيْنَ مَكْرُوهَيْنِ وَهُمَا الْفَرْضُ وَالْوَاجِبُ، وَفِي الثَّانِيَةِ بَيْنَ مَكْرُوهٍ وَغَيْرِهِ وَهُمَا الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>