للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا لَوْ نَزَعَ ثُمَّ أَوْلَجَ (أَوْ رَمَى اللُّقْمَةَ مِنْ فِيهِ) عِنْدَ ذِكْرِهِ أَوْ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَوْ ابْتَلَعَهَا إنْ قَبْلَ إخْرَاجِهَا كَفَّرَ وَبَعْدَهُ لَا (أَوْ جَامَعَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَلَمْ يُنْزِلْ) يَعْنِي فِي غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ

ــ

[رد المحتار]

بِدُونِ تَرْجِيحٍ لِأَحَدِهِمَا.

وَقَدْ اعْتَرَضَهُ ح بِأَنَّ وُجُوبَهَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا أَكَلَ أَوْ جَامَعَ نَاسِيًا فَأَكَلَ عَمْدًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ لِشُبْهَةِ خِلَافِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ بِفَسَادِ الصَّوْمِ إذَا أَكَلَ أَوْ جَامَعَ نَاسِيًا. اهـ.

قُلْت: وَوَجْهُ الْمُخَالَفَةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَجِبْ الْكَفَّارَةُ فِي الْأَكْلِ عَمْدًا بَعْدَ الْجِمَاعِ نَاسِيًا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا تَجِبَ بِالْأَوْلَى فِيمَا إذَا جَامَعَ نَاسِيًا فَتَذَكَّرَ وَمَكَثَ وَحَرَّكَ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ بِالتَّحْرِيكِ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ التَّحْرِيكِ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ جِمَاعٍ وَالْجِمَاعُ كَالْأَكْلِ وَإِذَا أَكَلَ أَوْ جَامَعَ عَمْدًا بَعْدَ جِمَاعِهِ نَاسِيًا لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فَكَذَا لَا تَجِبُ إذَا حَرَّكَ نَفْسَهُ بِالْأَوْلَى، لَكِنَّ هَذَا لَا يُخَالِفُ مَسْأَلَةَ الطُّلُوعِ.

نَعَمْ يُؤَيِّدُ عَدَمَ الْوُجُوبِ فِيهَا أَيْضًا إطْلَاقُ مَا فِي الْبَدَائِعِ حَيْثُ قَالَ هَذَا أَيْ عَدَمُ الْفَسَادِ إذَا نَزَعَ بَعْدَ التَّذَكُّرِ أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَنْزِعْ وَبَقِيَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ فِي الطُّلُوعِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْجِمَاعِ كَانَ عَمْدًا وَهُوَ وَاحِدٌ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَالْجِمَاعُ الْعَمْدُ يُوجِبُهَا وَفِي التَّذَكُّرِ لَا كَفَّارَةَ وَوَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِإِفْسَادِ الصَّوْمِ وَذَلِكَ بَعْدَ وُجُودِهِ، وَبَقَاؤُهُ فِي الْجِمَاعِ يَمْنَعُ وُجُودَ الصَّوْمِ فَاسْتَحَالَ إفْسَادُهُ فَلَا كَفَّارَةَ. اهـ.

فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَدَمَ وُجُوبِهَا فِي التَّذَكُّرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ لَمْ يَكُنْ عَمْدًا وَهُوَ فِعْلٌ وَاحِدٌ فَدَخَلَتْ فِيهِ الشُّبْهَةُ وَلِأَنَّ فِيهِ شُبْهَةَ خِلَافِ مَالِكٍ كَمَا عَلِمْت وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الطُّلُوعِ وَمَا وَجَّهَ بِهِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ تَحْرِيكِ نَفْسِهِ وَعَدَمِهِ.

هَذَا وَفِي نَقْلِ الْهِنْدِيَّةِ عِبَارَةُ الْبَدَائِعِ سَقْطٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ نَزَعَ ثُمَّ أَوْلَجَ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ نَزَعَ حِينَ تَذَكَّرَ ثُمَّ عَادَ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الصُّبْحِ. اهـ.

لَكِنْ فِي مَسْأَلَةِ التَّذَكُّرِ يَنْبَغِي عَدَمُ الْكَفَّارَةِ لِمَا عَلِمْت مِنْ شُبْهَةِ خِلَافِ مَالِكٍ وَلَعَلَّ مَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ لَا) أَيْ لِاسْتِقْذَارِهَا وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ، وَفِيهِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ إنْ قَبْلَ أَنْ تَبْرُدَ كَفَّرَ وَبَعْدَهُ لَا وَعَنْ ابْنِ الْفَضْلِ إنْ كَانَتْ لُقْمَةَ نَفْسِهِ كَفَّرَ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

مَطْلَبٌ مُهِمٌّ الْمُفْتِي فِي الْوَقَائِعِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ضَرْبِ اجْتِهَادٍ وَمَعْرِفَةٍ بِأَحْوَالِ النَّاسِ قُلْت: وَالتَّعْلِيلُ لِلْأَصَحِّ بِالِاسْتِقْذَارِ يَدُلُّ عَلَى تَقْيِيدِهِ بِأَنْ تَبْرُدَ فَيَتَحَدَّ مَعَ الْقَوْلِ الثَّانِي لِقَوْلِهِمْ: إنَّ اللُّقْمَةَ الْحَارَّةَ يُخْرِجُهَا ثُمَّ يَأْكُلُهَا عَادَةً وَلَا يَعَافُهَا، لَكِنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْفِدَاءَ الْمُوجِبَ لِلْكَفَّارَةِ مَا يَمِيلُ إلَيْهِ الطَّبْعُ، وَتَنْقَضِي بِهِ شَهْوَةُ الْبَطْنِ لَا مَا يَعُودُ نَفْعُهُ إلَى صَلَاحِ الْبَدَنِ وَالشَّارِحُ فِيمَا سَيَأْتِي اعْتَمَدَ الثَّانِيَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ فِيمَا لَوْ أَكَلَ لَحْمًا بَيْنَ أَسْنَانِهِ قَدْرَ الْحِمَّصَةِ فَأَكْثَرَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ زُفَرَ لَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ يَعَافُهُ الطَّبْعُ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ التُّرَابِ فَقَالَ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُفْتِي فِي الْوَقَائِعِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ضَرْبِ اجْتِهَادٍ وَمَعْرِفَةٍ بِأَحْوَالِ النَّاسِ، وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَفْتَقِرُ إلَى كَمَالِ الْجِنَايَةِ فَيُنْظَرُ فِي صَاحِبِ الْوَاقِعَةِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَعَافُ طَبْعُهُ ذَلِكَ أَخَذَ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُف وَإِلَّا أَخَذَ بِقَوْلِ زُفَرَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُنْزِلْ) .

أَمَّا لَوْ أَنْزَلَ قَضَى فَقَطْ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ أَيْ بِلَا كَفَّارَةٍ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَعَمَلُ الْمَرْأَتَيْنِ كَعَمَلِ الرِّجَالِ جِمَاعٌ أَيْضًا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لَا قَضَاءَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَّا إذَا أَنْزَلَتْ وَلَا كَفَّارَةَ مَعَ الْإِنْزَالِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي فِي غَيْر السَّبِيلَيْنِ) أَشَارَ لِمَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ أَرَادَ بِالْفَرْجِ كُلًّا مِنْ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ، فَمَا دُونَهُ حِينَئِذٍ التَّفْخِيذُ وَالتَّبْطِينُ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَرْجَ لَا يَشْمَلُ الدُّبُرَ لُغَةً وَإِنْ شَمِلَهُ حُكْمًا قَالَ فِي الْمُغْرِبِ الْفَرْجُ قُبُلُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُهُ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ كِلَاهُمَا فَرْجٌ يَعْنِي فِي الْحُكْمِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>