صَحِيحٌ وَحَدِيثُ الِاكْتِحَالِ فِيهِ ضَعِيفَةٌ لَا مَوْضُوعَةٌ كَمَا زَعَمَهُ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
(وَ) لَا (سِوَاكَ وَلَوْ عَشِيًّا) أَوْ رَطْبًا بِالْمَاءِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَكَرِهَهُ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ الزَّوَالِ وَكَذَا لَا تُكْرَهُ حِجَامَةٌ وَتَلَفُّفٌ بِثَوْبٍ مُبْتَلٍّ وَمَضْمَضَةٌ أَوْ اسْتِنْشَاقٌ أَوْ اغْتِسَالٌ لِلتَّبَرُّدِ عِنْدَ الثَّانِي وَبِهِ يُفْتَى شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الْبُرْهَانِ. .
وَيُسْتَحَبُّ السُّحُورُ وَتَأْخِيرُهُ وَتَعْجِيلُ الْفِطْرِ
ــ
[رد المحتار]
لَكِنَّهُ زَادَ عَلَيْهَا مَا ذَكَرَهُ فِي أَحَادِيثِ الِاكْتِحَالِ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْفَتْحِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ فِي الْفَتْحِ ذَكَرَ أَحَادِيثَ الِاكْتِحَالِ لِلصَّائِمِ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ بَعْضُهَا مُقَيَّدٌ بِعَاشُورَاءَ، وَهُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ، وَبَعْضُهَا مُطْلَقٌ فَمُرَادُهُ الِاحْتِجَاجُ بِمَجْمُوعِ أَحَادِيثِ الِاكْتِحَالِ لِلصَّائِمِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِاحْتِجَاجُ بِحَدِيثِ الِاكْتِحَالِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، كَيْفَ وَقَدْ جَزَمَ بِوَضْعِهِ الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ فِي الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ، وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ مِنْهُمْ مَثَلًا عَلِيٌّ الْقَارِي فِي كِتَابِ الْمَوْضُوعَاتِ، وَنَقَلَ السُّيُوطِيّ فِي الدُّرَرِ الْمُنْتَثِرَةِ عَنْ الْحَاكِمِ أَنَّهُ مُنْكَرٌ، وَقَالَ الْجَرَّاحِيُّ فِي كَشْفِ الْخَفَاءِ وَمُزِيلِ الْإِلْبَاسِ قَالَ الْحَاكِمُ أَيْضًا الِاكْتِحَالُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَرِدْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ أَثَرٌ، وَهُوَ بِدْعَةٌ، نَعَمْ حَدِيثُ التَّوْسِعَةِ ثَابِتٌ صَحِيحٌ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ فِي الدُّرَرِ (قَوْلُهُ: كَمَا زَعَمَهُ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ) الَّذِي فِي النَّهْرِ وَالْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ ابْنُ الْعِزِّ. قُلْت: وَهُوَ صَاحِبُ النُّكَتِ عَلَى مُشْكِلَاتِ الْهِدَايَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي السَّعْدِيَّةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا سِوَاكَ) بَلْ يُسَنُّ لِلصَّائِمِ كَغَيْرِهِ صَرَّحَ بِهِ فِي النِّهَايَةِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ وَعِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» لِتَنَاوُلِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَحْكَامُهُ فِي الطَّهَارَةِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَشِيًّا) أَيْ بَعْدَ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) وَكُرِهَ الثَّانِي الْمَبْلُولُ بِالْمَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ إدْخَالِهِ فَمَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَقْوَى مِنْ الْمَضْمَضَةِ أَمَّا الرَّطْبُ الْأَخْضَرُ فَلَا بَأْسَ بِهِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا تُكْرَهُ حِجَامَةٌ) أَيْ الْحِجَامَةُ الَّتِي لَا تُضْعِفُهُ عَنْ الصَّوْمِ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهَا إلَى وَقْتِ الْغُرُوبِ وَالْفَصْدُ كَالْحِجَامَةِ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ شَرْطَ الْكَرَاهَةِ ضَعْفٌ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْفِطْرِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إمْدَادٌ، وَقَالَ قَبْلَهُ: وَكُرِهَ لَهُ فِعْلُ مَا ظَنَّ أَنَّهُ يُضْعِفُهُ عَنْ الصَّوْمِ كَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَالْعَمَلِ الشَّاقِّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضِهِ لِإِفْسَادٍ اهـ. قُلْت: وَيَلْحَقُ بِهِ إطَالَةُ الْمُكْثِ فِي الْحَمَّامِ فِي الصَّيْفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَمَضْمَضَةٍ أَوْ اسْتِنْشَاقٍ) أَيْ لِغَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ اغْتِسَالٍ نُورُ الْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ: لِلتَّبَرُّدِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَتَلَفُّفٍ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُفْتَى) «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ، وَهُوَ صَائِمٌ مِنْ الْعَطَشِ أَوْ مِنْ الْحَرِّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَبِلُّ الثَّوْبَ وَيَلُفُّهُ عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِمٌ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فِيهَا عَوْنٌ عَلَى الْعِبَادَةِ وَدَفْعُ الضَّجَرِ الطَّبِيعِيِّ وَكَرِهَهَا أَبُو حَنِيفَةَ لِمَا فِيهَا مِنْ إظْهَارِ الضَّجَرِ فِي الْعِبَادَةِ؛ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ إمْدَادٌ.
(قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ السُّحُورُ) لِمَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا أَبَا دَاوُد عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» قِيلَ الْمُرَادُ بِالْبَرَكَةِ: حُصُولُ التَّقَوِّي عَلَى صَوْمِ الْغَدِ أَوْ زِيَادَةِ الثَّوَابِ وَقَوْلُهُ فِي النِّهَايَةِ: إنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فِي أَكْلِ السُّحُورِ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَبْطِهِ بِالضَّمِّ جَمْعُ سَحَرٍ وَالْأَعْرَفُ فِي الرِّوَايَةِ الْفَتْحُ وَهُوَ اسْمٌ لِلْمَأْكُولِ فِي السَّحَرِ وَهُوَ السُّدُسُ الْأَخِيرُ مِنْ اللَّيْلِ كَالْوَضُوءِ بِالْفَتْحِ مَا يُتَوَضَّأُ بِهِ، وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ الضَّمُّ؛ لِأَنَّ الْبَرَكَةَ وَنَيْلَ الثَّوَابِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ لَا بِنَفْسِ الْمَأْكُولِ فَتْحٌ مُلَخَّصًا قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ أَرَ صَرِيحًا فِي كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُحَصِّلُ السُّنَّةَ بِالْمَاءِ وَحْدَهُ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يُفِيدُهُ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ: «السُّحُورُ كُلُّهُ بَرَكَةٌ فَلَا تَدَعُوهُ وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ فَإِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ» (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُهُ) ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الِاسْتِعَانَةِ فِيهِ أَبْلَغُ بَدَائِعُ وَمَحَلُّ الِاسْتِحْبَابِ مَا إذَا لَمْ يَشُكَّ فِي بَقَاءِ اللَّيْلِ، فَإِنْ شَكَّ كُرِهَ الْأَكْلُ فِي الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَتَعْجِيلُ الْفِطْرِ) أَيْ إلَّا فِي يَوْمِ غَيْمٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute