للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَفْطَرَ يَوْمًا) وَلَوْ مِنْ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ (اسْتَقْبَلَ) لِأَنَّهُ أَخَلَّ بِالْوَصْفِ مَعَ خُلُوِّ شَهْرٍ عَنْ أَيَّامِ نَهْيٍ نَهْرٌ بِخِلَافِ السَّنَةِ (لَا) يَسْتَقْبِلُ (فِي نَذْرِ) شَهْرٍ (مُعَيَّنٍ) لِئَلَّا يَقَعَ كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ

(وَالنَّذْرُ) مِنْ اعْتِكَافٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ غَيْرِهَا (غَيْرِ الْمُعَلَّقِ) وَلَوْ مُعَيَّنًا (لَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَدِرْهَمٍ وَفَقِيرٍ) فَلَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِمَكَّةَ بِهَذَا الدِّرْهَمِ عَلَى فُلَانٍ فَخَالَفَ جَازَ، وَكَذَا لَوْ عَجَّلَ قَبْلَهُ فَلَوْ عَيَّنَ شَهْرًا لِلِاعْتِكَافِ أَوْ صَوْمٍ فَعَجَّلَ قَبْلَهُ عَنْهُ صَحَّ وَكَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ سَنَةً كَذَا فَحَجَّ سَنَةً قَبْلَهَا صَحَّ

ــ

[رد المحتار]

بِعَيْنِهَا فَيَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ سِرَاجٌ.

وَفِي الْبَحْرِ: لَوْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ صَوْمًا مُتَتَابِعًا فَصَامَهُ مُتَفَرِّقًا لَمْ يَجُزْ وَعَلَى عَكْسِهِ جَازَ. اهـ.

وَفِي الْمِنَحِ وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ مِثْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ إنْ أَرَادَ مِثْلَهُ فِي الْوُجُوبِ، فَلَهُ أَنْ يُفَرِّقَ وَإِنْ أَرَادَ مِثْلَهُ فِي التَّتَابُعِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُتَابِعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلَهُ أَنْ يَصُومَ مُتَفَرِّقًا. اهـ. ط (قَوْلُهُ فَأَفْطَرَ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ فَصَامَهُ وَأَفْطَرَ يَوْمًا ط (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَخَلَّ بِالْوَصْفِ) وَهُوَ التَّتَابُعُ ط (قَوْلُهُ مَعَ خُلُوِّ شَهْرٍ عَنْ أَيَّامِ نَهْيٍ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ فَالْفِطْرُ ضَرُورِيٌّ لِوُجُوبِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ بَلْ يَقْضِيَهُ عَقِبَهُ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ نَكَّرَ السَّنَةَ وَشَرَطَ التَّتَابُعَ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ السَّنَةَ الْمُتَتَابِعَةَ لَا تَخْلُو عَنْ أَيَّامٍ مَنْهِيَّةٍ بِخِلَافِ الشَّهْرِ وَعَلَى هَذَا مَا فِي السِّرَاجِ مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَ طُهْرُهَا شَهْرًا فَأَكْثَرَ فَإِنَّهَا تَصُومُ فِي أَوَّلِ طُهْرِهَا، فَلَوْ صَامَتْ فِي أَثْنَائِهِ فَحَاضَتْ اسْتَقْبَلَتْ وَلَوْ كَانَ حَيْضُهَا أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ تَقْضِي أَيَّامَ حَيْضِهَا مُتَّصِلَةً (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَقَعَ كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ) لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَمَا يَأْتِي إلَّا أَنَّ وُقُوعَهُ بَعْدَ وَقْتِهِ يَكُونُ قَضَاءً، وَلِذَا يُشْتَرَطُ لَهُ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ كَمَا مَرَّ وَالْأَدَاءُ خَيْرٌ مِنْ الْقَضَاءِ، ثُمَّ تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ كُلَّهُ إنَّمَا يَظْهَرُ كَمَا قَالَ ط فِيمَا إذَا أَفْطَرَ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ مِنْ الشَّهْرِ، أَمَّا لَوْ أَفْطَرَ الْعَاشِرَ مِنْهُ مَثَلًا فَلَا أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَ الصَّوْمَ مِنْ الْحَادِيَ عَشَرَ وَأَتَمَّ شَهْرًا لَزِمَ وُقُوعُ بَعْضِهِ فِي الْوَقْتِ وَبَعْضِهِ خَارِجَهُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ مُعَيَّنًا) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ فَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ لَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ مِنْهَا بِالْأَوْلَى كَمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِدِرْهَمٍ مُنَكَّرٍ وَأَطْلَقَ (قَوْلُهُ فَلَوْ نَذَرَ إلَخْ) مِثَالٌ لِلتَّعْيِينِ فِي الْكُلِّ عَلَى النَّشْرِ الْمُرَتَّبِ ط (قَوْلُهُ فَخَالَفَ) أَيْ فِي بَعْضِهَا أَوْ كُلِّهَا بِأَنْ تَصَدَّقَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِبَلَدٍ آخَرَ بِدِرْهَمٍ آخَرَ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا جَازَ لِأَنَّ الدَّاخِلَ تَحْتَ النَّذْرِ مَا هُوَ قُرْبَةً، وَهُوَ أَصْلُ التَّصَدُّقِ دُونَ التَّعْيِينِ فَبَطَلَ التَّعْيِينُ، وَلَزِمَتْهُ الْقُرْبَةُ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَفِي الْمِعْرَاجِ، وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ غَدٍ فَأَخَّرَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْغَدِ جَازَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مُسِيئًا كَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ السَّاعَةَ فَتَصَدَّقَ بَعْدَ سَاعَةٍ. اهـ.

[تَنْبِيهٌ]

ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي رِسَالَتِهِ فِي النَّذْرِ بِالصَّدَقَةِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ التَّصَدُّقَ بِدَرَاهِمَ فَهَلَكَتْ سَقَطَ النَّذْرُ، قَالَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ وَأَلْغَيْنَا تَعْيِينَ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، فَيُقَالُ إلَّا فِي هَذِهِ فَإِنَّا لَوْ أَلْغَيْنَاهُ مُطْلَقًا لَكَانَ الْوَاجِبُ فِي ذِمَّتِهِ فَإِذَا هَلَكَ الْمُعَيَّنُ لَمْ يَسْقُطْ الْوَاجِبُ، وَكَذَا قَوْلُهُمْ أَلْغَيْنَا تَعْيِينَ الْفَقِيرِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُطْعِمَ هَذَا الْمِسْكِينَ شَيْئًا سَمَّاهُ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يُعْطِيَهُ لِلَّذِي سَمَّى لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمَنْذُورَ صَارَ تَعْيِينُ الْفَقِيرِ مَقْصُودًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهُ. اهـ.

هَذَا وَفِي الْحَمَوِيِّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ لَوْ أَمَرَ رَجُلًا وَقَالَ تَصَدَّقْ بِهَذَا الْمَالِ عَلَى مَسَاكِينِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَتَصَدَّقَ عَلَى مَسَاكِينِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ ضَامِنًا، وَفِي الْمُنْتَقَى: لَوْ أَوْصَى لِفُقَرَاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِكَذَا فَأَعْطَى الْوَصِيُّ فُقَرَاءَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ. اهـ.

قُلْت: وَوَجْهُهُ أَنَّ الْوَكِيلَ يَضْمَنُ بِمُخَالَفَةِ الْآمِرِ وَأَنَّ الْوَصِيَّ هَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَصِيلِ أَوْ الْوَكِيلِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ عَجَّلَ قَبْلَهُ) هَذَا دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ فَخَالَفَ (قَوْلُهُ صَحَّ) أَيْ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ غَيْرَ أَنَّ مُحَمَّدًا لَا يُجِيزُ التَّعْجِيلَ مُطْلَقًا وَزُفَرَ إذَا كَانَ الزَّمَانُ الْمُعَجَّلُ فِيهِ أَقَلَّ فَضِيلَةٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>