للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ نَذَرَ شَهْرًا لَزِمَهُ كَامِلًا أَوْ الشَّهْرَ فَبَقِيَّتُهُ أَوْ صَوْمَ جُمُعَةٍ فَالْأُسْبُوعُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْيَوْمَ، وَلَوْ نَذَرَ يَوْمَ السَّبْتِ صَوْمَ ثَمَانِيَةٍ أَيَّامٍ صَامَ سَبْتَيْنِ وَلَوْ قَالَ سَبْعَةً فَسَبْعَةُ أَسْبُتٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّبْتَ لَا يَتَكَرَّرُ فِي السَّبْعَةِ فَحُمِلَ عَلَى الْعَدَدِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ النَّذْرَ الَّذِي يَقَعُ لِلْأَمْوَاتِ مِنْ أَكْثَرِ الْعَوَّامِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالشَّمْعِ وَالزَّيْتِ وَنَحْوِهَا إلَى ضَرَائِحِ الْأَوْلِيَاءِ الْكِرَامِ تَقَرُّبًا إلَيْهِمْ فَهُوَ بِالْإِجْمَاعِ بَاطِلٌ وَحَرَامٌ مَا لَمْ يَقْصِدُوا صَرْفَهَا لِفُقَرَاء الْأَنَامِ وَقَدْ اُبْتُلِيَ النَّاسُ بِذَلِكَ،

ــ

[رد المحتار]

بِهِ الْيَمِينَ فَقَدِمَ فُلَانٌ فِي يَوْمِ رَمَضَانَ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْبِرِّ وَهُوَ الصَّوْمُ بِنِيَّةِ الشُّكْرِ، وَلَوْ قَدِمَ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ فَنَوَى بِهِ الشُّكْرَ لَا عَنْ رَمَضَانَ بَرَّ بِالنِّيَّةِ وَأَجْزَأَهُ عَنْ رَمَضَانَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ اهـ وَبِهِ يَتَّضِحُ بَقِيَّةُ كَلَامِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ كَامِلًا) وَيَفْتَتِحُهُ مَتَى شَاءَ بِالْعَدَدِ لَا هِلَالِيًّا وَالشَّهْرُ الْمُعَيَّنُ هِلَالِيٌّ كَذَا فِي اعْتِكَافِ فَتْحِ الْقَدِيرِ ح (قَوْلُهُ فَبَقِيَّتُهُ) أَيْ بَقِيَّةُ الشَّهْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ مُعَرَّفًا فَيَنْصَرِفُ إلَى الْمَعْهُودِ بِالْحُضُورِ، فَإِنْ نَوَى شَهْرًا فَعَلَى مَا نَوَى لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ فَتْحٌ عَنْ التَّجْنِيسِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْيَوْمَ) أَفَادَ أَنَّ لُزُومَ الْأُسْبُوعِ يَكُونُ فِيمَا إذَا نَوَى أَيَّامَ جُمُعَةٍ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لِأَنَّ الْجُمُعَةَ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَأَيَّامُ الْجُمُعَةِ لَكِنَّ الْأَيَّامَ أَغْلَبُ فَانْصَرَفَ الْمُطْلَقُ إلَيْهِ تَجْنِيسٌ.

قَالَ ح: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ الْجُمُعَةَ أَنْ يَلْزَمَهُ بَقِيَّتُهَا عَلَى قِيَاسِ السَّنَةِ وَالشَّهْرِ فَإِنَّ مَبْدَأَهَا الْأَحَدُ وَآخِرَهَا السَّبْتُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ.

قُلْت فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ قَالَ صَوْمُ أَيَّامِ الْجُمُعَةِ فَعَلَيْهِ صَوْمُ سَبْعَةِ أَيَّامٍ اهـ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) أَيْ فَإِنَّ السَّبْتَ يَتَكَرَّرُ فِيهِ فَأُرِيدَ الْمُتَكَرِّرُ فِي الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ كَأَنَّهُ قَالَ السَّبْتُ الْكَائِنُ فِي ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ سَبْتَانِ قَالَ فِي الْمِنَحِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَمَّا إذَا وُجِدَتْ لَزِمَهُ مَا نَوَى اهـ ط.

مَطْلَبٌ فِي النَّذْرِ الَّذِي يَقَعُ لِلْأَمْوَاتِ مِنْ أَكْثَرِ الْعَوَّامِ مِنْ شَمْعٍ أَوْ زَيْتٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ تَقَرُّبًا إلَيْهِمْ) كَأَنْ يَقُولَ يَا سَيِّدِي فُلَانٌ إنْ رُدَّ غَائِبِي أَوْ عُوفِيَ مَرِيضِي أَوْ قُضِيَتْ حَاجَتِي فَلَكَ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَوْ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ الشَّمْعِ أَوْ الزَّيْتِ كَذَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ بَاطِلٌ وَحَرَامٌ) لِوُجُوهٍ: مِنْهَا أَنَّهُ نَذَرَ لِمَخْلُوقٍ وَالنَّذْرُ لِلْمَخْلُوقِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَالْعِبَادَةُ لَا تَكُونُ لِمَخْلُوقٍ. وَمِنْهَا أَنَّ الْمَنْذُورَ لَهُ مَيِّتٌ وَالْمَيِّتُ لَا يَمْلِكُ.

وَمِنْهُ أَنَّهُ إنْ ظَنَّ أَنَّ الْمَيِّتَ يَتَصَرَّفُ فِي الْأُمُورِ دُونَ اللَّهِ تَعَالَى وَاعْتِقَادَهُ ذَلِكَ كُفْرٌ، اللَّهُمَّ إلَّا إنْ قَالَ يَا اللَّهُ إنِّي نَذَرْت لَك إنْ شَفَيْت مَرِيضِي أَوْ رَدَدْت غَائِبِي أَوْ قَضَيْت حَاجَتِي أَنْ أُطْعِمَ الْفُقَرَاءَ الَّذِينَ بِبَابِ السَّيِّدَةِ نَفِيسَةَ أَوْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ أَوْ الْإِمَامِ اللَّيْثِ أَوْ اشْتَرَى حُصْرًا لِمَسَاجِدِهِمْ أَوْ زَيْتًا لِوَقُودِهَا أَوْ دَرَاهِمَ لِمَنْ يَقُومُ بِشَعَائِرِهَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ نَفْعٌ لِلْفُقَرَاءِ وَالنَّذْرُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَذِكْرُ الشَّيْخِ إنَّمَا هُوَ مَحَلٌّ لِصَرْفِ النَّذْرِ لِمُسْتَحِقَّيْهِ الْقَاطِنِينَ بِرِبَاطِهِ أَوْ مَسْجِدِهِ فَيَجُوزُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ ذَلِكَ لِغَنِيٍّ وَلَا لِشَرِيفٍ مُنَصَّبٍ أَوْ ذِي نَسَبٍ أَوْ عِلْمٍ، مَا لَمْ يَكُنْ فَقِيرًا وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الشَّرْعِ جَوَازُ الصَّرْفِ لِلْأَغْنِيَاءِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى حُرْمَةِ النَّذْرِ لِلْمَخْلُوقِ، وَلَا يَنْعَقِدُ وَلَا تَشْتَغِلُ الذِّمَّةُ بِهِ وَلِأَنَّهُ حَرَامٌ بَلْ سُحْتٌ وَلَا يَجُوزُ لِخَادِمِ الشَّيْخِ أَخْذُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا أَوْ لَهُ عِيَالٌ فُقَرَاءُ عَاجِزُونَ فَيَأْخُذُونَهُ عَلَى سَبِيلِ الصَّدَقَةِ الْمُبْتَدَأَةِ، وَأَخْذُهُ أَيْضًا مَكْرُوهٌ مَا لَمْ يَقْصِدْ النَّاذِرُ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَصَرْفَهُ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَيَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ نَذْرِ الشَّيْخِ بَحْرٌ مُلَخَّصًا عَنْ شَرْحِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقْصِدُوا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ صِيغَةُ النَّذْرِ لِلَّهِ تَعَالَى لِلتَّقَرُّبِ إلَيْهِ وَيَكُونَ ذِكْرُ الشَّيْخِ مُرَادًا بِهِ فُقَرَاؤُهُ كَمَا مَرَّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ لَهُ الصَّرْفَ إلَى غَيْرِهِمْ كَمَا مَرَّ سَابِقًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَنْذُورُ مِمَّا يَصِحُّ بِهِ النَّذْرُ كَالصَّدَقَةِ بِالدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا، أَمَّا لَوْ نَذَرَ زَيْتًا لِإِيقَادِ قِنْدِيلٍ فَوْقَ ضَرِيحِ الشَّيْخِ أَوْ فِي الْمَنَارَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>