مُطْلَقًا اتِّفَاقًا (أَوْ) لَبْثُ (امْرَأَةٍ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا) وَيُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ صَلَاتِهَا مِنْ بَيْتِهَا كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَسْجِدٌ وَلَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا إذَا اعْتَكَفَتْ فِيهِ، وَهَلْ يَصِحُّ مِنْ الْخُنْثَى فِي بَيْتِهِ لَمْ أَرَهُ وَالظَّاهِرُ لَا لِاحْتِمَالِ ذُكُورِيَّتِهِ (بِنِيَّةٍ) فَاللَّبْثُ: هُوَ الرُّكْنُ وَالْكَوْنُ فِي الْمَسْجِدِ وَالنِّيَّةُ مِنْ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ طَاهِرٍ مِنْ جَنَابَةٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ شَرْطَانِ.
(وَهُوَ) ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ (وَاجِبُ النَّذْرِ) بِلِسَانِهِ وَبِالشُّرُوعِ
ــ
[رد المحتار]
الْمَسْجِدُ يَشْمَلُ الْخَاصَّ كَمَسْجِدِ الْمُحَلَّةِ وَالْعَامِّ، وَهُوَ الْجَامِعُ كَأُمَوِيِّ دِمَشْقَ مَثَلًا أَخْرَجَهُ مِنْ عُمُومِهِ تَبَعًا لِلْكَافِي وَغَيْرِهِ لِعَدَمِ الْخِلَافِ فِيهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصَلُّوا فِيهِ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا ح عَنْ الْبَحْرِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ جَمَاعَةٌ.
[تَنْبِيهٌ] :
هَذَا كُلُّهُ لِبَيَانِ الصِّحَّةِ قَالَ فِي النَّهْرِ وَالْفَتْحِ، وَأَمَّا أَفْضَلُ الِاعْتِكَافِ فَفِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ثُمَّ فِي مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، ثُمَّ فِي الْجَامِعِ قِيلَ إذَا كَانَ يُصَلَّى فِيهِ بِجَمَاعَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي مَسْجِدِهِ أَفْضَلُ لِئَلَّا يَحْتَاجَ إلَى الْخُرُوجِ ثُمَّ مَا كَانَ أَهْلُهُ أَكْثَرَ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا) وَهُوَ الْمُعَدُّ لِصَلَاتِهَا الَّذِي يُنْدَبُ لَهَا وَلِكُلِّ أَحَدٍ اتِّخَاذُهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ نَهْرٌ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلرَّجُلِ أَيْضًا أَنْ يُخَصِّصَ مَوْضِعًا مِنْ بَيْتِهِ لِصَلَاتِهِ النَّافِلَةِ أَمَّا الْفَرِيضَةُ وَالِاعْتِكَافُ فَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَ فِي السِّرَاجِ وَلَيْسَ لِزَوْجِهَا أَنْ يَطَأَهَا إذَا أَذِنَ لَهَا لِأَنَّهُ مَلَّكَهَا مَنَافِعَهَا فَإِنْ مَنَعَهَا بَعْدَ الْإِذْنِ لَا يَصِحُّ مَنْعُهُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهَا الِاعْتِكَافُ بِلَا إذْنِهِ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَإِنْ أَذِنَ لَهَا كُرِهَ لَهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ يُخْلِفُ وَعْدَهُ وَجَازَ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ مَنَافِعَهَا (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ تَنْزِيهًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ النِّهَايَةِ نَهْرٌ وَصَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَسْجِدٌ) أَيْ مَسْجِدُ بَيْتٍ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ أَعَدَّتْهُ لِلصَّلَاةِ عِنْدَ إرَادَةِ الِاعْتِكَافِ أَنْ يَصِحَّ (قَوْلُهُ وَهُوَ يَصِحُّ إلَخْ) الْبَحْثُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ ح (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ لَا) لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ يَصِحُّ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَعَلَى تَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ لَا يَصِحُّ فِي الْبَيْتِ بِوَجْهٍ ح.
قُلْت: لَكِنْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْبِدْعَةِ يَأْتِي بِهِ احْتِيَاطًا وَمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ يَتْرُكُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْبِدْعَةِ الْمَكْرُوهُ تَحْرِيمًا وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الِاعْتِكَافُ مَنْذُورًا (قَوْلُهُ فَاللَّبْثُ هُوَ الرُّكْنُ) فِيهِ أَنَّ هَذَا حَقِيقَتُهُ اللُّغَوِيَّةُ أَمَّا حَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ فَهِيَ اللَّبْثُ الْمَخْصُوصُ أَيْ فِي الْمَسْجِدِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مِنْ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ) لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَصِحُّ بِدُونِ الْإِسْلَامِ وَالْعَقْلِ فَهُمَا شَرْطَانِ لَهَا وَبِهِ يُسْتَغْنَى عَنْ جَعْلِهِمَا شَرْطَيْنِ لِلِاعْتِكَافِ الْمَشْرُوطِ بِالنِّيَّةِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ طَاهِرٍ مِنْ جَنَابَةٍ إلَخْ) جَعَلَ فِي الْبَدَائِعِ الطَّهَارَةَ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ شَرْطًا لِلِاعْتِكَافِ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اشْتِرَاطُ الطَّهَارَةِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فِيهِ عَلَى رِوَايَةِ اشْتِرَاطِ الصَّوْمِ فِي نَفْلِهِ أَمَّا عَلَى عَدَمِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ شَرَائِطِ الْحِلِّ فَقَطْ كَالطَّهَارَةِ مِنْ الْجَنَابَةِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا. اهـ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الطَّهَارَةَ مِنْ الثَّلَاثَةِ شَرْطٌ لِلْحِلِّ وَمِنْ الْأَوَّلَيْنِ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ أَيْضًا فِي الْمَنْذُورِ وَكَذَا فِي النَّفْلِ عَلَى رِوَايَةِ اشْتِرَاطِ الصَّوْمِ فِيهِ، بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ لِصِحَّةِ الصَّوْمِ مَعَهَا وَبَحَثَ فِيهِ الرَّحْمَتِيُّ بِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَقْصِدَ الْأَصْلِيَّ مِنْ شَرْعِيَّةِ الِاعْتِكَافِ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ لَيْسَا بِأَهْلٍ لِلصَّلَاةِ فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُهُمَا بِخِلَافِ الْجُنُبِ إذْ يُمْكِنُهُ الطَّهَارَةُ وَالصَّلَاةُ اهـ وَيَلْزَمُهُ أَنَّ الْجُنُبَ لَوْ لَمْ يَتَطَهَّرْ وَيُصَلِّي لَا يَصِحُّ مِنْهُ وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهِ الصَّلَاةُ بِالْجَمَاعَةِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ شَرْطَانِ) خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ وَهُوَ الْكَوْنُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِلِسَانِهِ) فَلَا يَكْفِي لِإِيجَابِهِ النِّيَّةُ مِنَحٌ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ وَبِالشُّرُوعِ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ اشْتِرَاطُ زَمَنٍ لِلتَّطَوُّعِ وَأَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ النَّفْلِ سَاعَةٌ فَلَا اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute