(إلَى) حِينِ (عَوْدِهِ) وَقِيلَ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ وَقِيلَ بِشَهْرٍ (مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ) بِغَلَبَةِ السَّلَامَةِ وَلَوْ بِالرِّشْوَةِ عَلَى مَا حَقَّقَهُ الْكَمَالُ وَسَيَجِيءُ آخِرَ الْكِتَابِ أَنَّ قَتْلَ بَعْضِ الْحُجَّاجِ عُذْرٌ وَهَلْ مَا يُؤْخَذُ
ــ
[رد المحتار]
إلَّا إذَا قَدَرَ عَلَى الْوَفَاءِ كَمَا مَرَّ وَكَذَا جَازَ قَطْعُ الصَّلَاةِ أَوْ تَأْخِيرُهَا لِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ نَفْسِ غَيْرِهِ أَوْ مَالِهِ كَخَوْفِ الْقَابِلَةِ عَلَى الْوَلَدِ وَالْخَوْفِ مِنْ تَرَدِّي أَعْمَى وَخَوْفِ الرَّاعِي مِنْ الذِّئْبِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ كَإِفْطَارِ الضَّيْفِ (قَوْلُهُ إلَى حِينِ عَوْدِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَضْلًا أَوْ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى مَا يَحْتَاجُ أَوْ بِنَفَقَةٍ أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ نَفَقَةٍ لِمَا بَعْدَ عَوْدِهِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ) أَيْ وَقْتِ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ وَإِنْ كَانَ مُخِيفًا فِي غَيْرِهِ بَحْرٌ وَقَدَّمْنَا عَنْ اللُّبَابِ أَنَّهُ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ وَفِي شَرْحِهِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَرَجَّحَهُ فِي الْفَتْحِ، وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ شَرْطُ وُجُوبٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَجِبُ الْوَصِيَّةُ بِهِ إذَا مَاتَ قَبْلَ أَمْنِ الطَّرِيقِ أَمَّا بَعْدَهُ فَتَجِبُ اتِّفَاقًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ بِغَلَبَةِ السَّلَامَةِ) كَذَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ.
وَاخْتَلَفَ فِي سُقُوطِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ فَقِيلَ: يَسْقُطُ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: إنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ السَّلَامَةَ مِنْ مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِرُكُوبِهِ يَجِبُ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ الْأَصَحُّ بَحْرٌ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَعَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ عَدَمُ غَلَبَةِ الْخَوْفِ، حَتَّى لَوْ غَلَبَ لِوُقُوعِ النَّهْبِ وَالْغَلَبَةِ مِنْ الْمُحَارِبِينَ مِرَارًا أَوْ سَمِعُوا أَنَّ طَائِفَةً تَعَرَّضَتْ لِلطَّرِيقِ، وَلَهَا شَوْكَةٌ وَالنَّاسُ يَسْتَضْعِفُونَ أَنْفُسَهُمْ عَنْهُمْ لَا يَجِبُ، وَمَا أَفْتَى بِهِ الرَّازِيّ مِنْ سُقُوطِهِ عَنْ أَهْلِ بَغْدَادَ وَقَوْلِ الْإِسْكَافِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ لَا أَقُولُ إنَّهُ فُرِضَ فِي زَمَانِنَا وَقَوْلِ الثَّلْجِيِّ لَيْسَ عَلَى أَهْلِ خُرَاسَانَ مُنْذُ كَذَا كَذَا سَنَةً حِجٌّ إنَّمَا كَانَ وَقْتَ غَلَبَةِ النَّهْبِ وَالْخَوْفِ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ زَالَ وَلِلَّهِ الْمِنَّةُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا حَقَّقَهُ الْكَمَالُ) حَيْثُ قَالَ وَقَوْلُ الصَّفَارِ لَا أَرَى الْحَجَّ فَرْضًا مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً مِنْ حِينِ خَرَجَتْ الْقَرَامِطَةُ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِإِرْشَادِهِمْ، فَتَكُونُ الطَّاعَةُ سَبَبَ الْمَعْصِيَةِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِهِمْ، إنَّمَا شَأْنُهُمْ اسْتِحْلَالُ قَتْلِ الْأَنْفُسِ وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ، وَكَانُوا يَغْلِبُونَ عَلَى أَمَاكِنَ يَتَرَصَّدُونَ فِيهَا لِلْحُجَّاجِ، وَقَدْ هَجَمُوا عَلَيْهِمْ مَرَّةً فِي مَكَّةَ فَقَتَلُوا خَلْقًا فِي الْحَرَمِ، وَقَدْ سُئِلَ الْكَرْخِيُّ عَمَّنْ لَا يَحُجُّ خَوْفًا مِنْهُمْ فَقَالَ: مَا سَلِمَتْ الْبَادِيَةُ مِنْ الْآفَاتِ أَيْ لَا تَخْلُو عَنْهَا لِقِلَّةِ الْمَاءِ وَهَيَجَانِ السَّمُومِ، وَهَذَا إيجَابٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَحْمَلُهُ أَنَّهُ رَأَى الْغَالِبَ انْدِفَاعَ شَرِّهِمْ عَنْ الْحَاجِّ، وَبِتَقْدِيرِهِ فَالْإِثْمُ فِي مِثْلِهِ عَلَى الْآخِذِ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ تَقْسِيمِ الرِّشْوَةِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ اهـ مُلَخَّصًا وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْهِدَايَةِ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْقَضَاءِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُعْطِي مُضْطَرًّا بِأَنْ لَزِمَهُ الْإِعْطَاءُ ضَرُورَةً عَنْ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَمَّا إذَا كَانَ بِالِالْتِزَامِ مِنْهُ فَبِالْإِعْطَاءِ أَيْضًا يَأْثَمُ وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ اهـ وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ، وَأَجَابَ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ بِأَنَّهُ هُنَا مُضْطَرٌّ لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ عَنْ نَفْسِهِ.
قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي عَنْ الْقُنْيَةِ وَالْمُجْتَبَى فَإِنَّ الْمَكْسَ وَالْخَفَارَةَ رِشْوَةٌ وَنَقَلَ ح عَنْ الْبَحْرِ أَنَّ الرِّشْوَةَ فِي مِثْلِ هَذَا جَائِزَةٌ وَلَمْ أَرَهُ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ إنْ قُتِلَ بَعْضُ الْحُجَّاجِ) أَيْ فِي كُلِّ عَامٍ أَوْ فِي غَالِبِ الْأَعْوَامِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا تَكُونُ السَّلَامَةُ غَالِبَةً اهـ ح.
قُلْت: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ غَلَبَةَ السَّلَامَةِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا لِكُلِّ أَحَدٍ بَلْ لِلْمَجْمُوعِ، وَهِيَ لَا تَنْتَفِي إلَّا بِقَتْلِ الْأَكْثَرِ أَوْ الْكَثِيرِ أَمَّا قَتْلُ اللُّصُوصِ لِبَعْضٍ قَلِيلٌ مِنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ سِيَّمَا إذَا كَانَ بِتَفْرِيطِهِ بِنَفْسِهِ وَخُرُوجِهِ مِنْ بَيْنَهُمْ فَالسَّلَامَةُ فِيهِ غَالِبَةٌ نَعَمْ إذَا كَانَ الْقَتْلُ بِمُحَارَبَةِ الْقُطَّاعِ مَعَ الْحُجَّاجِ فَهُوَ عُذْرٌ إذَا غَلَبَ الْخَوْفُ لِمَا مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ عَدَمُ غَلَبَةِ الْخَوْفِ إلَخْ عَلَى أَنَّك قَدْ سَمِعْت آنِفًا جَوَابَ الْكَرْخِيِّ فِي شَأْنِ الْقَرَامِطَةِ الْمُسْتَحِلِّينَ لِقَتْلِ الْحُجَّاجِ وَأَيْضًا فَإِنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْمَوْتِ بِقِلَّةِ الْمَاءِ وَهَيَجَانِ السَّمُومِ أَكْثَرُ مِمَّا يَحْصُلُ بِالْقَتْلِ بِأَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، فَلَوْ كَانَ عُذْرًا لَزِمَ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute