لَزِمَهُ مَاشِيًا وَلَوْ شَرَعَ مُتَنَفِّلًا زَحْفًا فَمَشْيُهُ أَفْضَلُ (وَالطَّهَارَةُ فِيهِ) مِنْ النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ قِيلَ وَالْحَقِيقِيَّةِ مِنْ ثَوْبٍ وَبَدَنٍ وَمَكَانِ طَوَافٍ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ كَمَا فِي شَرْحِ لُبَابِ الْمَنَاسِكِ (وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ) فِيهِ وَبِكَشْفِ رُبُعِ الْعُضْوِ فَأَكْثَرَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ يَجِبُ الدَّمُ.
(وَبُدَاءَةُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ الصَّفَا) وَلَوْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ لَا يُعْتَدُّ بِالشَّوْطِ الْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ (وَالْمَشْيُ فِيهِ) فِي السَّعْيِ (لِمَنْ لَيْسَ لَهُ عُذْرٌ)
ــ
[رد المحتار]
عِنْدَنَا عَلَى هَذَا نَصَّ الْمَشَايِخُ وَهُوَ كَلَامُ مُحَمَّدٍ، وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ أَفْضَلُ تَسَاهُلٍ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى النَّافِلَةِ لَا يُقَالُ بَلْ يَنْبَغِي فِي النَّافِلَةِ أَنْ تُجِبْ صَدَقَةً لِأَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِيهِ وَجَبَ فَوَجَبَ الْمَشْيُ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ شُرُوعَهُ لَمْ يَكُنْ بِصِفَةِ الْمَشْيِ، وَالشُّرُوعُ إنَّمَا يُوجِبُ مَا شَرَعَ فِيهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ مَاشِيًا) .
قَالَ صَاحِبُ اللُّبَابِ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ ثُمَّ إنْ طَافَهُ زَحْفًا أَعَادَهُ كَذَا فِي الْأَصْلِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ يُجْزِيهِ لِأَنَّهُ أَدَّى مَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ فَمَشْيُهُ أَفْضَلُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الزَّحْفَ يُجْزِيهِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ وُجُوبِهِ بِالشُّرُوعِ، وَوُجُوبِهِ بِالنَّذْرِ عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْإِيجَابَ بِالْقَوْلِ أَقْوَى مِنْهُ بِالْفِعْلِ فَيَجِبُ بِالْقَوْلِ كَامِلًا لِئَلَّا يَكُونَ نَذْرًا بِمَعْصِيَةٍ كَمَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا بِدُونِ صَوْمٍ لَزِمَهُ بِهِ، وَيَلْغُو وَصْفُهُ لَهُ بِالنُّقْصَانِ وَالْوَاجِبُ بِالشُّرُوعِ هُوَ مَا شَرَعَ فِيهِ، وَقَدْ شَرَعَ فِيهِ زَحْفًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَإِلَّا وَجَبَ بِغَيْرِ مُوجِبٍ، تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مِنْ النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ) أَيْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْإِثْمِ وَالْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ ابْنُ شُجَاعٍ إنَّهَا سُنَّةٌ شَرْحُ اللُّبَابِ لِلْقَارِي (قَوْلُهُ مِنْ ثَوْبٍ) الْأَوْلَى لِثَوْبٍ أَوْ فِي ثَوْبٍ ط (قَوْلُهُ وَمَكَانِ طَوَافٍ) لَمْ يَنْقُلْ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ التَّصْرِيحَ بِالْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ وَإِنَّمَا قَالَ وَأَمَّا طَهَارَةُ الْمَكَانِ فَذَكَرَ الْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةٍ عَنْ صَاحِبِ الْغَايَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مَكَانِ طَوَافِهِ نَجَاسَةٌ لَا يَبْطُلُ طَوَافُهُ وَهَذَا يُفِيدُ نَفْيَ الشَّرْطِ وَالْفَرْضِيَّةِ وَاحْتِمَالِ ثُبُوتِ الْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ اهـ (قَوْلُهُ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الطَّهَارَةِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ شَرْحُ اللُّبَابِ بَلْ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَمَا فِي بَعْضِ الْكُتُبِ مِنْ أَنَّ بِنَجَاسَةِ الثَّوْبِ كُلِّهِ يَجِبُ الدَّمُ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الرِّوَايَةِ. اهـ.
وَفِي الْبَدَائِعِ إنَّهُ سُنَّةٌ فَلَوْ طَافَ وَعَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ أَكْثَرُ مِنْ الدِّرْهَمِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بَلْ يُكْرَهُ لِإِدْخَالِ النَّجَاسَةِ الْمَسْجِدَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ فِيهِ) أَيْ فِي الطَّوَافِ وَفَائِدَةُ عَدِّهِ وَاجِبًا هُنَا مَعَ أَنَّهُ فَرْضٌ مُطْلَقًا لُزُومُ الدَّمِ بِهِ، كَمَا عُدَّ مِنْ سُنَنِ الْخُطْبَةِ فِي الْجُمُعَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِتَرْكِهِ فَسَادُهَا، وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ تُبَايِنُ الْفَرْضَ لِعَدَمِ الْإِثْمِ بِتَرْكِهَا مَرَّةً هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَقَدَّمْنَاهُ فِي الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ فَأَكْثَرَ) أَيْ مِنْ الرُّبُعِ فَلَوْ أَقَلَّ لَا يَمْنَعُ، وَيُجْمَعُ الْمُتَفَرِّقُ لُبَابٌ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ) أَيْ كَمَا هُوَ الْقَدْرُ الْمَانِعُ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ يَجِبُ الدَّمُ) أَيْ إنْ لَمْ يُعِدْهُ وَإِلَّا سَقَطَ وَهَذَا فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَإِلَّا تَجِبُ الصَّدَقَةُ.
(قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ الْكَرْمَانِيُّ أَنَّهُ يُعْتَدُّ بِهِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ لِتَرْكِ السُّنَّةِ، وَتُسْتَحَبُّ إعَادَةُ ذَلِكَ الشَّوْطِ لِتَكُونَ الْبُدَاءَةُ عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ، وَمَشَى فِي اللُّبَابِ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ السَّعْيِ، فَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِالشَّوْطِ الْأَوَّلِ يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِ لُزُومُ إعَادَتِهِ أَوْ لُزُومُ الْجَزَاءِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِهَا وَإِنَّمَا الْفَرْقُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا لَمْ يُعِدْ الشَّوْطَ الْأَوَّلَ يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ لِتَرْكِ السَّعْيِ عَلَى الْقَوْلِ بِالشَّرْطِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا صِحَّةَ لِلْمَشْرُوطِ بِدُونِ شَرْطِهِ، وَلِتَرْكِ الشَّوْطِ الْأَوَّلِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ الْأَعْدَلُ الْمُخْتَارُ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ، كَمَا فِي شَرْحِ اللُّبَابِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ إذَا لَمْ يُعْتَدَّ بِالْأَوَّلِ حَصَلَ الْبُدَاءَةُ بِالصَّفَا بِالثَّانِي فَقَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ تَرْكُهُ إنَّمَا يَكُونُ تَارِكًا لِآخِرِ الْأَشْوَاطِ إلَّا إذَا أَعَادَ الْأَوَّلَ، وَكَوْنُ ذَلِكَ شَرْطًا لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ شَرْطًا لِآخَرَ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّتُهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّيْءُ فَرْضًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْحَلْقِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ هُنَا، وَفِي الْحَلْقِ وَلَوْ كَانَ فَرْضًا لَزِمَ فَرْضِيَّةُ السَّعْيِ، أَوْ فَرْضِيَّةُ بَعْضِهِ وَوُجُوبُ بَاقِيهِ مَعَ أَنَّهُ كُلَّهُ وَاجِبٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute