للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَنْ يَتَوَسَّعَ فِي النَّفَقَةِ وَيُحَافِظَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَعَلَى صَوْنِ لِسَانِهِ وَيَسْتَأْذِنَ أَبَوَيْهِ وَدَائِنَهُ وَكَفِيلَهُ وَيُوَدِّعَ الْمَسْجِدَ بِرَكْعَتَيْنِ وَمَعَارِفَهُ وَيَسْتَحِلَّهُمْ وَيَلْتَمِسَ دُعَاءَهُمْ وَيَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ عِنْدَ خُرُوجِهِ وَيَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَفِيهِ خَرَجَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَوْ الِاثْنَيْنِ أَوْ الْجُمُعَةِ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِخَارَةِ أَيْ فِي أَنَّهُ هَلْ يَشْتَرِي أَوْ يَكْتَرِي وَهَلْ يُسَافِرُ بَرًّا أَوْ بَحْرًا وَهَلْ يُرَافِقُ فُلَانًا أَوْ لَا لِأَنَّ الِاسْتِخَارَةَ فِي الْوَاجِبِ وَالْمَكْرُوهِ لَا مَحَلَّ لَهَا وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.

(وَأَشْهُرُهُ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتُكْسَرُ (وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتُفْتَحُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَيْسَ مِنْهَا يَوْمُ النَّحْرِ وَعِنْدَ مَالِكٍ ذُو الْحِجَّةِ كُلُّهُ عَمَلًا بِالْآيَةِ.

قُلْنَا اسْمُ الْجَمْعِ يَشْتَرِكُ فِيهِ مَا وَرَاءَ الْوَاحِدِ، وَفَائِدَةُ التَّأْقِيتِ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ خَارِجَهَا لَا يُجْزِيهِ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ كَأَنْ يَتَوَسَّعَ فِي النَّفَقَةِ إلَخْ) أَفَادَ بِالْكَافِ أَنَّهُ بَقِيَ مِنْهَا أَشْيَاءُ لَمْ يَذْكُرْهَا لِأَنَّهَا سَتَأْتِي كَطَوَافِ الْقُدُومِ لِلْآفَاقِيِّ وَالِابْتِدَاءِ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَالْخُطَبِ الثَّلَاثِ وَالْخُرُوجِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا سَيُعْلَمُ (قَوْلُهُ وَعَلَى صَوْنِ لِسَانِهِ) أَيْ عَنْ الْمُبَاحِ وَالْمَكْرُوهِ تَنْزِيهًا وَإِلَّا فَهُوَ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ وَيَسْتَأْذِنُ أَبَوَيْهِ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُونَا مُحْتَاجَيْنِ إلَيْهِ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ وَكَذَا يُكْرَهُ بِلَا إذْنِ دَائِنِهِ وَكَفِيلِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَحْرِيمِيَّةٌ لِإِطْلَاقِهِمْ الْكَرَاهَةَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي مَا مَرَّ فِي تَمْثِيلِهِ لِلْحَجِّ الْمَكْرُوهِ كَالْحَجِّ بِلَا إذْنٍ مِمَّا يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُ فَلَا يَنْبَغِي عَدُّهُ ذَلِكَ مِنْ السُّنَنِ وَالْآدَابِ.

(قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتُكْسَرُ) أَيْ مَعَ سُكُونِ الْعَيْنِ وَحُكِيَ الْفَتْحُ مَعَ كَسْرِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَتُفْتَحُ) عَزَاهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ إلَى تَحْرِيرِ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ، وَقَالَ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الشُّمُنِّيِّ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ إلَّا بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَيْسَ مِنْهَا يَوْمُ النَّحْرِ) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا كَمَا فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُ الْمَتْنِ يُوَافِقُهُ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْعَدَدَ فَكَانَ الْمُرَادُ عَشْرَ لَيَالٍ لَكِنْ إذَا حُذِفَ التَّمْيِيزُ جَازَ التَّذْكِيرُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَشْرَةَ أَيَّامٍ أَفَادَهُ ح عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ وَقِيلَ إنَّ الْعَشْرَ اسْمٌ لِهَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشَرَةِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ اسْمَ الْعَدَدِ، حَتَّى يُعْتَبَرَ فِيهِ التَّذْكِيرُ مَعَ الْمُؤَنَّثِ وَالْعَكْسُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ذُو الْحِجَّةِ كُلُّهُ) مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ تَقْدِيرُهُ مِنْهَا ح (قَوْلُهُ عَمَلًا بِالْآيَةِ) أَيْ قَوْله تَعَالَى - {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧]- (قَوْلُهُ قُلْنَا اسْمُ الْجَمْعِ إلَخْ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ اسْمٌ هُوَ جَمْعٌ وَإِلَّا فَأَشْهُرٌ صِيغَةُ جَمْعٍ حَقِيقَةً، وَهَذَا أَحَدُ جَوَابَيْنِ لِلزَّمَخْشَرِيِ.

حَاصِلُهُ: أَنَّهُ يَجُوزُ فِي إطْلَاقِ صِيغَةِ الْجَمْعِ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ لِعَلَاقَةَ مَعْنَى الِاجْتِمَاعِ وَالتَّعَدُّدِ وَثَانِيهِمَا أَنَّ التَّجَوُّزَ فِي جَعْلِ بَعْضِ الشَّهْرِ شَهْرًا فَالْأَشْهُرُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَاعْتَرَضَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ فِيهِ إخْرَاجَ الْعَشْرِ عَنْ الْإِرَادَةِ لِخُرُوجِهِ عَنْ الشَّهْرَيْنِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِيمَا فَوْقَ الْوَاحِدِ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْحَجِّ ذُو أَشْهُرٍ، أَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ الْحَجِّ فِي أَشْهُرٍ، فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّجَوُّزِ لِأَنَّ الظَّرْفِيَّةَ لَا تَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ لَكِنْ بَيَّنَ الْمُرَادَ الْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ بِأَنَّهَا شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ (قَوْلُهُ وَفَائِدَةُ التَّأْقِيتِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ إشْكَالِ تَقْرِيرِهِ أَنَّ التَّوْقِيتَ بِهَا إنْ اُعْتُبِرَ لِلْفَوَاتِ أَيْ إنَّ أَفْعَالَ الْحَجِّ لَوْ أُخِّرَتْ عَنْ هَذَا الْوَقْتِ يَفُوتُ الْحَجُّ لِفَوْتِهِ بِتَأْخِيرِ الْوُقُوفِ عَنْ طُلُوعِ فَجْرِ الْعَاشِرِ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَصِحَّ طَوَافُ الرُّكْنِ بَعْدَهُ وَإِنْ خُصِّصَ الْفَوَاتُ بِفَوْتِ مُعْظَمِ أَرْكَانِهِ، وَهُوَ الْوُقُوفُ، يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَاشِرُ مِنْهَا كَمَا هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَإِنْ اُعْتُبِرَ التَّوْقِيتُ الْمَذْكُورُ لِأَدَاءِ الْأَرْكَانِ فِي الْجُمْلَةِ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ثَانِي النَّحْرِ وَثَالِثُهُ مِنْهَا: لِجَوَازِ الطَّوَافِ فِيهِمَا، وَأَجَابَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْبَحْرِ وَغَيْرِهِ بِمَا يُفِيدُ اخْتِيَارَ الْأَخِيرِ وَذَلِكَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ أَنَّ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ إلَّا فِيهَا حَتَّى لَوْ صَامَ الْمُتَمَتِّعُ أَوْ الْقَارِنُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ.

وَكَذَا السَّعْيُ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ لَا يَقَعُ عَنْ سَعْيِ الْحَجِّ إلَّا فِيهَا، حَتَّى لَوْ فَعَلَهُ فِي رَمَضَانَ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ يَوْمُ عَرَفَةَ فَوَقَفُوا فَإِذَا هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ جَازَ لِوُقُوعِهِ فِي زَمَانِهِ، وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّ الْحَادِيَ عَشَرَ لَمْ يَجُزْ كَمَا فِي اللُّبَابِ وَغَيْرِهِ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَلَا يُنَافِيهِ إجْزَاءُ الْإِحْرَامِ قَبْلَهَا وَلَا إجْزَاءُ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ وَطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَغَيْرِهَا بَعْدَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ فِيهِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>