للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ

(وَحَلَّ لِأَهْلِ دَاخِلِهَا) يَعْنِي لِكُلِّ مَنْ وُجِدَ فِي دَاخِلِ الْمَوَاقِيتِ (دُخُولُ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ) مَا لَمْ يُرِدْ نُسُكًا لِلْحَرَجِ كَمَا لَوْ جَاوَزَهَا حَطَّابُو مَكَّةَ فَهَذَا (مِيقَاتُهُ الْحِلُّ) الَّذِي بَيْنَ الْمَوَاقِيتِ وَالْحَرَمِ

(وَ) الْمِيقَاتُ (لِمَنْ بِمَكَّةَ) يَعْنِي مَنْ بِدَاخِلِ الْحَرَمِ (لِلْحَجِّ الْحَرَمُ وَلِلْعُمْرَةِ الْحِلُّ) لِيَتَحَقَّقَ نَوْعُ سَفَرٍ

ــ

[رد المحتار]

قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَإِنَّمَا كَانَ التَّقْدِيمُ عَلَى الْمَوَاقِيتِ أَفْضَلَ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ تَعْظِيمًا وَأَوْفَرُ مَشَقَّةً وَالْأَجْرُ عَلَى قَدْرِ الْمَشَقَّةِ وَلِذَا كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ الْإِحْرَامَ بِهِمَا مِنْ الْأَمَاكِنِ الْقَاصِيَةِ.

رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَعِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ مِنْ الْبَصْرَةِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْ الشَّامِ وَابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ الْقَادِسِيَّةِ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - " «مَنْ أَهَلَّ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِعُمْرَةٍ أَوْ حَجَّةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد بِنَحْوِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ إنْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) أَمَّا قَبْلَهَا فَيُكْرَهُ وَإِنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ الْوُقُوعَ فِي الْمَحْظُورَاتِ لِشَبَهِ الْإِحْرَامِ بِالرُّكْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَأَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ) وَإِلَّا فَالْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ بَلْ تَأْخِيرُهُ إلَى آخِرِ الْمَوَاقِيتِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ أَمِيرْ حَاجّْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

(قَوْلُهُ وَحَلَّ لِأَهْلِ دَاخِلِهَا) شُرُوعٌ فِي الصِّنْفِ الثَّانِي مِنْ الْمَوَاقِيتِ، وَالْمُرَادُ بِالدَّاخِلِ غَيْرُ الْخَارِجِ فَيَشْمَلُ مَنْ فِيهَا نَفْسِهَا وَمَنْ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَنْصُوصِ مِنْ الرِّوَايَةِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ دَاخِلُ جَمِيعِهَا لِيَخْرُجَ مَنْ كَانَ بَيْنَ مِيقَاتَيْنِ كَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بَيْنَ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَالْجُحْفَةِ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْجُحْفَةِ خَارِجَ الْمِيقَاتِ؛ فَلَا يَحِلُّ لَهُ دُخُولُ الْحَرَمِ بِلَا إحْرَامٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ يَعْنِي لِكُلِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَهْلِ مَا يَشْمَلُ مَنْ قَصَدَهُمْ مِنْ غَيْرِهِمْ كَمَا أَفَادَهُ قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ أَمَّا لَوْ قَصَدَ مَوْضِعًا مِنْ الْحِلِّ إلَخْ (قَوْلُهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ) حَالٌ مِنْ أَهَلَّ وَلَمْ يَجْمَعْهُ نَظَرًا إلَى لَفْظِ أَهَلَّ فَإِنَّهُ مُفْرَدٌ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ جَمْعًا ح (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُرِدْ نُسُكًا) أَمَّا إنْ أَرَادَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ قَبْلَ دُخُولِهِ أَرْضَ الْحَرَمِ فَمِيقَاتُهُ كُلُّ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ فَتْحٌ.

وَعَنْ هَذَا قَالَ الْقُطْبِيُّ فِي مَنْسَكِهِ وَمِمَّا يَجِبُ التَّيَقُّظُ لَهُ سُكَّانُ جُدَّةَ بِالْجِيمِ، وَأَهْلِ حِدَّةَ بِالْمُهْمَلَةِ، وَأَهْلُ الْأَوْدِيَةِ الْقَرِيبَةِ مِنْ مَكَّةَ فَإِنَّهُمْ غَالِبًا يَأْتُونَ مَكَّةَ فِي سَادِسِ أَوْ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ بِلَا إحْرَامٍ، وَيُحْرِمُونَ لِلْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَعَلَيْهِمْ دَمٌ لِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ، لَكِنْ بَعْدَ تَوَجُّهِهِمْ إلَى عَرَفَةَ يَنْبَغِي سُقُوطُهُ عَنْهُمْ بِوُصُولِهِمْ إلَى أَوَّلِ الْحِلِّ مُلَبِّينَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ عَوْدًا إلَى الْمِيقَاتِ لِعَدَمِ قَصْدِهِمْ الْعَوْدَ لِتَلَافِي مَا لَزِمَهُمْ بِالْمُجَاوَزَةِ بَلْ قَصَدُوا التَّوَجُّهَ إلَى عَرَفَةَ. اهـ.

وَقَالَ الْقَاضِي مُحَمَّدُ عِيدٍ فِي شَرْحِ مَنْسَكِهِ وَالظَّاهِرُ السُّقُوطُ لِأَنَّ الْعَوْدَ إلَى الْمِيقَاتِ مَعَ التَّلْبِيَةِ مُسْقِطٌ لِدَمِ الْمُجَاوَزَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ التَّعْظِيمُ (قَوْلُهُ لِلْحَرَجِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَحَلَّ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ جَاوَزَهَا إلَخْ) يَحْتَمِلُ عَوْدَ الْهَاءِ إلَى مَكَّةَ فَتَكُونُ الْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ لِأَنَّ الْمَكِّيَّ إذَا خَرَجَ إلَى الْحِلِّ الَّذِي فِي دَاخِلِ الْمِيقَاتِ الْتَحَقَ بِأَهْلِهِ كَمَا مَرَّ آنِفًا، بِشَرْطِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ مِيقَاتَ الْآفَاقِيِّ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْآفَاقِيِّ لَا يَحِلُّ لَهُ دُخُولُهُ بِلَا إحْرَامٍ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ، وَيَحْتَمِلُ عَوْدَهَا إلَى الْمَوَاقِيتِ فَالْكَافُ لِلتَّنْظِيرِ لِلْمَنْفِيِّ فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ يُرِدْ نُسُكًا، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَهُ مِنْ أَهْلِ الْحِلِّ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ، وَنَظِيرُهُ الْمَكِّيُّ إذَا خَرَجَ مِنْهَا وَجَاوَزَ الْمَوَاقِيتَ لَا يَحِلُّ لَهُ الْعَوْدُ بِلَا إحْرَامٍ لَكِنَّ إحْرَامَهُ مِنْ الْمِيقَاتِ بِخِلَافِ مُرِيدِ النُّسُكِ فَإِنَّهُ مِنْ الْحِلِّ كَمَا عَلِمْته (قَوْلُهُ فَهَذَا) الْإِشَارَةُ إلَى أَهْلِ دَاخِلِهَا بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَالْحَرَمُ حَدٌّ فِي حَقِّهِ كَالْمِيقَاتِ لِلْآفَاقِيِّ فَلَا يَدْخُلُ الْحَرَمَ إنْ قَصَدَ النُّسُكَ إلَّا مُحْرِمًا بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالْمَكِّيِّ مَنْ كَانَ دَاخِلَ الْحَرَمِ سَوَاءٌ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ لَا. اهـ.

فَيَشْمَلُ الْآفَاقِيَّ الْمُفْرِدَ بِالْعُمْرَةِ وَالْمُتَمَتِّعَ وَالْحَلَالَ مِنْ أَهْلِ الْحِلِّ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ لِحَاجَةٍ كَمَا فِي اللُّبَابِ (قَوْلُهُ لِيَتَحَقَّقَ نَوْعُ سَفَرٍ) لِأَنَّ أَدَاءَ الْحَجِّ فِي عَرَفَةَ، وَهِيَ فِي الْحِلِّ فَيَكُونُ إحْرَامُ الْمَكِّيِّ بِالْحَجِّ مِنْ الْحَرَمِ لِيَتَحَقَّقَ لَهُ نَوْعُ سَفَرٍ بِتَبَدُّلِ الْمَكَانِ، وَأَدَاءِ الْعُمْرَةِ فِي الْحَرَمِ فَيَكُونُ إحْرَامُهُ بِهَا مِنْ الْحِلِّ لِيَتَحَقَّقَ لَهُ نَوْعٌ مِنْ السَّفَرِ شَرْحُ النُّقَايَةِ لِلْقَارِي فَلَوْ عَكَسَ فَأَحْرَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>