للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّقْصِ لَا لِزِيَادَةٍ

(وَجَازَ الرَّمْيُ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ كَالْحَجَرِ وَالْمَدَرِ) وَالطِّينِ وَالْمَغْرَةِ (وَ) كُلِّ مَا (يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ وَلَوْ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ) فَيَقُومُ مَقَامَ حَصَاةٍ وَاحِدَةٍ (لَا) يَجُوزُ (بِخَشَبٍ وَعَنْبَرٍ وَلُؤْلُؤٍ) كِبَارٍ (وَجَوَاهِرَ) لِأَنَّهُ إعْزَازٌ لَا إهَانَةٌ وَقِيلَ يَجُوزُ (وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) لِأَنَّهُ يُسَمَّى نِثَارًا لَا رَمْيًا (وَبَعْرٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَمَا فِي فُرُوقِ الْأَشْبَاهِ مِنْ جَوَازِهِ بِالْبَعْرِ خِلَافُ الْمَذْهَبِ -

ــ

[رد المحتار]

[تَنْبِيهٌ]

لَا يُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الرَّمَيَاتِ بَلْ يُسَنُّ فَيُكْرَهُ تَرْكُهَا لُبَابٌ

(قَوْلُهُ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَاعْتَرَضَهُ الشُّرَّاحُ بِالْفَيْرُوزَجِ وَالْيَاقُوتِ فَإِنَّهُمَا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ حَتَّى جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِمَا وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ الرَّمْيُ بِهِمَا، وَأَجَابَ فِي الْعِنَايَةِ تَبَعًا لِلنِّهَايَةِ بِأَنَّ الْجَوَازَ مَشْرُوطٌ بِالِاسْتِهَانَةِ بِرَمْيِهِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِرَمْيِهَا. اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ كَلَامِ الْهِدَايَةِ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ نَحْوُ الْفَيْرُوزَجِ وَالْيَاقُوتِ، لَكِنْ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ أَيْ رِوَايَةَ اشْتِرَاطِ الِاسْتِهَانَةِ مُحَالِفَةٌ لِمَا ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ، وَكَذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ، وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ بِنَاءً عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ الِاشْتِرَاطِ، وَمِمَّنْ ذَكَرَ جَوَازَهُ الْفَارِسِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ. اهـ. وَمُفَادُ كَلَامِهِ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ، وَإِبْقَاءُ كَلَامِ الْهِدَايَةِ عَلَى عُمُومِهِ، وَلِذَا اعْتَرَضَ فِي السَّعْدِيَّةِ عَلَى مَا فِي الْعِنَايَةِ بِمَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَشَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الرَّمْيُ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَالْحَجَرِ وَالْمَدَرِ وَالطِّينِ وَالْمَغْرَةِ وَالنُّورَةِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْأَحْجَارِ النَّفِيسَةِ كَالْيَاقُوتِ وَالزُّمُرُّدِ وَالْبَلْخَشِ وَنَحْوِهَا وَالْمِلْحِ الْجَبَلِيِّ وَالْكُحْلِ أَوْ قَبْضَةٍ مِنْ تُرَابٍ وَبِالزَّبَرْجَدِ وَالْبِلَّوْرِ وَالْعَقِيقِ وَالْفَيْرُوزَجِ، بِخِلَافِ الْخَشَبِ وَالْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْجَوَاهِرِ، أَمَّا الْخَشَبُ وَاللُّؤْلُؤُ وَالْجَوَاهِرُ وَهِيَ كِبَارُ اللُّؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ، وَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فَإِنَّ فِعْلَهُمَا يُسَمَّى نِثَارًا لَا رَمْيًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمَدَرِ) أَيْ قِطَعِ الطِّينِ الْيَابِسِ (قَوْلُهُ وَالْمَغْرَةِ) طِينٌ أَحْمَرُ يُصْبَغُ بِهِ (قَوْلُهُ وَلُؤْلُؤٍ كِبَارٍ) قَيَّدَ بِهِ تَبَعًا لِلنَّهْرِ لِأَنَّ الْكِبَارَ هِيَ الَّتِي يَتَأَتَّى بِهَا الرَّمْيُ وَإِلَّا فَالصِّغَارُ لَا يَجُوزُ بِهَا الرَّمْيُ أَيْضًا لِتَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ أَفَادَهُ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ وَجَوَاهِرَ) عَلِمْت مِمَّا مَرَّ عَنْ الْغَايَةِ أَنَّهَا كِبَارُ اللُّؤْلُؤِ وَعَلَيْهِ كَانَ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطَ قَوْلِهِ كِبَارٍ وَيَكُونُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ جَارِيًا عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُحِيطِ مِنْ جَوَازِ الرَّمْيِ بِالْفَيْرُوزَجِ وَالْيَاقُوتِ لَكِنْ لَا يُنَاسِبُهُ تَعْلِيلُ الشَّارِحِ فَالْأَوْلَى تَفْسِيرُ الْجَوَاهِرِ بِالْأَحْجَارِ النَّفِيسَةِ لِيُوَافِقَ تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ اللُّؤْلُؤَ بِالْكِبَارِ وَتَعْلِيلَ الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ يَجُوزُ إشَارَةٌ إلَى مَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ وَالْمُحِيطِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ السُّرُوجِيَّ وَالزَّيْلَعِيَّ وَالْفَارِسِيَّ مَشَوْا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى نِثَارًا لَا رَمْيًا) قَالَ فِي الْفَتْحِ فَلَمْ يَجُزْ لِانْتِقَاءِ اسْمِ الرَّمْيِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الرَّمْيِ مَعَ كَوْنِهِ يُسَمَّى نِثَارًا، فَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ رَمْيٌ خُصَّ بِاسْمٍ آخَرَ بِاعْتِبَارِ خُصُوصِ مُتَعَلَّقِهِ، وَلَا تَأْثِيرَ لِذَلِكَ فِي سُقُوطِ اسْمِ الرَّمْيِ عَنْهُ، وَلَا صُورَتِهِ.

ثُمَّ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُلَاحَظَ مُجَرَّدُ الرَّمْيِ أَوْ مَعَ الِاسْتِهَانَةِ أَوْ خُصُوصُ مَا وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَوَّلُ يَسْتَلْزِمُ الْجَوَازَ بِالْجَوَاهِرِ، وَالثَّانِي بِالْبَعْرَةِ وَالْخَشَبَةِ الَّتِي لَا قِيمَةَ لَهَا، وَالثَّالِثُ بِالْحَجَرِ خُصُوصًا، فَلْيَكُنْ هَذَا أَعَمَّ لِكَوْنِهِ أَسْلَمَ. اهـ.

قُلْت: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَأْثُورَ كَوْنُ الرَّمْيِ لِرَغْمِ الشَّيْطَانِ، وَمَا وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الرَّمْيِ بِالْحَصَى أَفَادَ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ جَوَازَهُ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ، فَاعْتُبِرَ كُلٌّ مِنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَعًا دُونَ الْأَوَّلِ، فَلَمْ يَجُزْ بِالْبَعْرَةِ وَالْخَشَبَةِ وَلَا بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ لَكِنْ هَذَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْجَوَازِ بِالْفَيْرُوزَجِ وَالْيَاقُوتِ أَيْضًا وَبِهِ يَتَرَجَّحُ قَوْلُهُ الْآخَرُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ) وَلِذَا قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: وَبَعْضُ الْمُتَقَشِّفَةِ يَقُولُونَ لَوْ رَمَى بِالْبَعْرَةِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>