للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجِبُ إجْرَاءُ الْمُوسَى عَلَى الْأَقْرَعِ وَذِي قُرُوحٍ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا سَقَطَ، وَمَتَى تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا لِعَارِضٍ تَعَيَّنَ الْآخَرُ فَلَوْ لَبَّدَهُ بِصَمْغٍ بِحَيْثُ تَعَذَّرَ التَّقْصِيرُ تَعَيَّنَ الْحَلْقُ بَحْرٌ (وَحَلْقُهُ) لِكُلٍّ (أَفْضَلُ) وَلَوْ أَزَالَهُ بِنَحْوِ نَوْرَةٍ جَازَ

ــ

[رد المحتار]

الْأُنْمُلَةِ كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَمُرَادُهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ شَعْرَةٍ مِقْدَارَ الْأُنْمُلَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْبَدَائِعِ قَالُوا: يَجِبُ أَنْ يَزِيدَ فِي التَّقْصِيرِ عَلَى قَدْرِ الْأُنْمُلَةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ مِنْ كُلِّ شَعْرَةٍ بِرَأْسِهِ لِأَنَّ أَطْرَافَ الشَّعْرِ غَيْرُ مُتَسَاوِيَةٍ عَادَةً.

قَالَ الْحَلَبِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ وَهُوَ حَسَنٌ اهـ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمُرَادَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ أَيْ مِنْ شَعْرِ الرُّبُعِ عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ وَمِنْ الْكُلِّ عَلَى سَبِيلِ الْأَوْلَوِيَّةِ فَلَا مُخَالَفَةَ فِي الْأَجْزَاءِ لِأَنَّ الرُّبُعَ كَالْكُلِّ كَمَا فِي الْحَلْقِ اهـ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ كُلِّ شَعْرَةٍ أَيْ مِنْ الرُّبُعِ لَا مِنْ الْكُلِّ وَإِلَّا نَاقَضَ مَا بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: وُجُوبًا قَيْدٌ لِقَدْرِ الْأُنْمُلَةِ فَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ: وَالرُّبُعُ وَاجِبٌ وَالْأُنْمُلَةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَضَمِّ الْمِيمِ لُغَةٌ مَشْهُورَةٌ، وَمَنْ خَطَّأَ رَاوِيَهَا فَقَدْ أَخْطَأَ وَاحِدَةُ الْأَنَامِلِ بَحْرٌ. وَفِي تَهْذِيبِ اللُّغَاتِ لِلنَّوَوِيِّ الْأَنَامِلُ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الشَّيْبَانِيُّ والسجستاني وَالْجَرْيُ لِكُلِّ أُصْبُعٍ ثَلَاثُ أُنْمُلَاتٍ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ إجْرَاءُ الْمُوسَى عَلَى الْأَقْرَعِ) هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْبَحْرِ وَاللُّبَابِ وَغَيْرِهَا، وَقِيلَ اسْتِحْبَابًا قَالَ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ وَقِيلَ اسْتِنَانًا وَهُوَ الْأَظْهَرُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا سَقَطَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إجْرَاءُ الْمُوسَى عَلَيْهِ وَلَا يَصِلُ إلَى تَقْصِيرِهِ سَقَطَ عَنْهُ وَحَلَّ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حَلَقَ، وَالْأَحْسَنُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْإِحْلَالَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُؤَخِّرْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِ قُرُوحٌ لَكِنَّهُ خَرَجَ إلَى الْبَادِيَةِ فَلَمْ يَجِدْ آلَةً أَوْ مَنْ يَحْلِقُهُ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ، وَلَيْسَ هَذَا بِعُذْرٍ فَتْحٌ لِأَنَّ إصَابَةَ الْآلَةِ مَرْجُوَّةٌ فِي كُلِّ سَاعَةٍ بِخِلَافِ بُرْءِ الْقُرُوحِ وَلِأَنَّ الْإِزَالَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْمُوسَى أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَمَتَى تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ قَالَ ط: وَالْأَحْسَنُ تَأْخِيرُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَنْ قَوْلِهِ وَحَلْقُهُ أَفْضَلُ. اهـ. (قَوْلُهُ فَلَوْ لَبَّدَهُ إلَخْ) مِثَالٌ لِتَعَذُّرِ التَّقْصِيرِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ الشَّعْرُ قَصِيرًا فَيَتَعَيَّنُ الْحَلْقُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَعْقُوصًا أَوْ مَضْفُورًا كَمَا عُزِيَ إلَى الْمَبْسُوطِ.

وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا نَقَضَهُ تَنَاثَرَ بَعْضُ الشَّعْرِ، فَيَكُونُ جِنَايَةً عَلَى إحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ مِنْهُ فَيَتَعَيَّنُ الْحَلْقُ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا التَّنَاثُرَ غَيْرُ جِنَايَةٍ لِأَنَّهُ فِي وَقْتِ جَوَازِ إزَالَةِ الشَّعْرِ بِحَلْقٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ نَتْفًا مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي فَبَقِيَ مَا فِي الْمَبْسُوطِ مُشْكِلًا تَأَمَّلْ. وَمِثَالُ تَعَذُّرِ الْحَلْقِ يَمْنَعُ إمْكَانَ التَّقْصِيرِ أَنْ يَفْقِدَ آلَةَ الْحَلْقِ أَوْ مَنْ يَحْلِقُهُ أَوْ يَضُرُّهُ الْحَلْقُ لِنَحْوِ صُدَاعٍ أَوْ قُرُوحٍ بِرَأْسِهِ وَتَقَدَّمَ مِثَالُ تَعَذُّرِهِمَا جَمِيعًا فِي الْأَقْرَعِ وَذِي قُرُوحٍ شَعْرُهُ قَصِيرٌ (قَوْلُهُ وَحَلْقُهُ أَفْضَلُ) أَيْ هُوَ مَسْنُونٌ وَهَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ، وَيُكْرَهُ لِمَرْأَةٍ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا كَحَلْقِ الرَّجُلِ لِحْيَتَهُ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى حَلْقِ الرُّبُعِ جَازَ. كَمَا فِي التَّقْصِيرِ، لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِتَرْكِهِ السُّنَّةَ فَإِنَّ السُّنَّةَ حَلْقُ جَمِيعِ الرَّأْسِ أَوْ تَقْصِيرُ جَمِيعِهِ كَمَا فِي شَرْحِ اللُّبَابِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ، قَالَ فِي النَّهْرِ: وَإِطْلَاقُهُ أَيْ إطْلَاقُ قَوْلِ الْكَنْزِ وَالْحَلْقُ أَحَبُّ يُفِيدُ أَنَّ حَلْقَ النِّصْفِ أَوْلَى مِنْ التَّقْصِيرِ وَلَمْ أَرَهُ. اهـ.

قُلْت: إنْ أَرَادَ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ تَقْصِيرِ الْكُلِّ فَهُوَ مَمْنُوعٌ لِمَا عَلِمْت أَوْ مِنْ تَقْصِيرِ النِّصْفِ أَوْ الرُّبُعِ فَهُوَ مُمْكِنٌ. .

[تَنْبِيهٌ]

هَذَا فِي غَيْرِ الْمُحْصَرِ، أَمَّا الْمُحْصَرُ فَلَا حَلْقَ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي بَدَائِعُ (قَوْلُهُ بِنَحْوِ نُورَةٍ) كَحَلْقٍ وَنَتْفٍ، وَكَذَا لَوْ قَاتَلَ غَيْرَهُ فَنَتَفَهُ أَجْزَأَ عَنْ الْحَلْقِ قَصْدًا فَتْحٌ. .

[تَنْبِيهٌ]

قَالُوا يُنْدَبُ الْبُدَاءَةُ بِيَمِينِ الْحَالِقِ لَا الْمَحْلُوقِ إلَّا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ يُفِيدُ الْعَكْسَ، وَذَلِكَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْحَلَّاقِ خُذْ وَأَشَارَ إلَى الْجَنْبِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ» قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ الصَّوَابُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمَذْهَبِ. اهـ.

وَأَقُولُ: يُوَافِقُهُ مَا فِي الْمُلْتَقَطِ عَنْ الْإِمَامِ: حَلَقْت رَأْسِي فَخَطَّأَنِي الْحَلَّاقُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: لَمَّا أَنْ جَلَسْت قَالَ اسْتَقْبِلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>