للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ أَرَ مَا لَوْ جُنَّ فَأَحْرَمُوا عَنْهُ وَطَافُوا بِهِ الْمَنَاسِكَ، وَكَلَامُ الْفَتْحِ يُفِيدُ الْجَوَازَ (أَوْ جَهِلَ أَنَّهَا عَرَفَةُ صَحَّ حَجُّهُ) لِأَنَّ الشَّرْطَ الْكَيْنُونَةُ لَا النِّيَّةُ.

(وَمَنْ لَمْ يَقِفْ فِيهَا فَاتَ حَجُّهُ) لِحَدِيثِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» (فَطَافَ وَسَعَى وَتَحَلَّلَ) أَيْ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ (وَقَضَى) وَلَوْ حَجَّةً نَذْرًا أَوْ تَطَوُّعًا (مِنْ قَابِلٍ) وَلَا دَمَ عَلَيْهِ

(وَالْمَرْأَةُ) فِيمَا مَرَّ (كَالرَّجُلِ) لِعُمُومِ الْخِطَابِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ الْخُصُوصِ (لَكِنَّهَا تَكْشِفُ وَجْهَهَا لَا رَأْسَهَا؛ وَلَوْ سَدَلَتْ شَيْئًا عَلَيْهِ

ــ

[رد المحتار]

وَالسَّعْيِ وَالْوُقُوفِ وَهُوَ الْأَصَحُّ نَعَمْ ذَلِكَ أَوْلَى نَهْرٌ، وَانْظُرْ هَلْ يَكْتَفِي الْمُبَاشِرُ بِطَوَافٍ وَاحِدٍ عَنْهُ وَعَنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ كَمَا لَوْ حَمَلَهُ وَطَافَ بِهِ أَوْ لَا؟ لَمْ أَرَهُ أَبُو السُّعُودِ.

قُلْت: الظَّاهِرُ الثَّانِي لِأَنَّهُ إذَا أُحْضِرَ الْمَوْقِفَ كَانَ هُوَ الْوَاقِفَ، وَإِذَا طِيفَ بِهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الطَّائِفِ رَاكِبًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا إذَا لَمْ يُحْضَرْ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ وُقُوفٍ عَنْهُ وَإِنْشَاءِ طَوَافٍ وَسَعْيٍ عَنْهُ غَيْرِ مَا يَفْعَلُهُ الْمُبَاشِرُ عَنْ نَفْسِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَ مَا لَوْ جُنَّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ) الْبَحْثُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ. وَقَدَّمْنَا قُبَيْلَ فُرُوضِ الْحَجِّ أَنَّ صَاحِبَ الْبَحْرِ تَوَقَّفَ فِيهِ وَقَالَ إنَّ إحْرَامَ وَلِيِّهِ عَنْهُ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ عَنْ شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ عَنْ الْبَحْرِ الْعَمِيقِ أَنَّهُ لَا حَجَّ عَلَى مَجْنُونٍ مُسْلِمٍ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ إذَا حَجَّ بِنَفْسِهِ وَلَكِنْ يُحْرِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ اهـ فَمَنْ خَرَجَ عَاقِلًا يُرِيدُ الْحَجَّ ثُمَّ جُنَّ قَبْلَ إحْرَامِهِ يُحْرِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ بِالْأَوْلَى، وَلَعَلَّ التَّوَقُّفَ فِي إحْرَامِ رَفِيقِهِ عَنْهُ وَكَلَامُ الْفَتْحِ هُوَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ أَحْرَمَ وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ أَصَابَهُ عَتَهٌ فَقَضَى بِهِ أَصْحَابُهُ الْمَنَاسِكَ وَوَقَفُوا بِهِ فَمَكَثَ كَذَلِكَ سِنِينَ ثُمَّ أَفَاقَ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهَذَا رُبَّمَا يُومِئُ إلَى الْجَوَازِ اهـ وَإِنَّمَا قَالَ يُومِئُ إلَى الْجَوَازِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّ كَلَامَ الْفَتْحِ فِي الْمَعْتُوهِ وَكَلَامُنَا فِي الْمَجْنُونِ، بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّ كَلَامَ الْفَتْحِ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ أَصَابَهُ الْعَتَهُ، وَكَلَامُنَا فِيمَا إذَا جُنَّ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِيمَاءُ الْفَتْحِ إلَى الْجَوَازِ فِي ذَلِكَ فِي غَايَةِ الْخَفَاءِ فَافْهَمْ. .

[فَرْعٌ]

الصَّبِيُّ الْغَيْرُ الْمُمَيِّزِ لَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ وَلَا أَدَاؤُهُ، بَلْ يَصِحَّانِ مِنْ وَلِيِّهِ لَهُ، فَيُحْرِمُ عَنْهُ مَنْ كَانَ أَقْرَبَ إلَيْهِ، فَلَوْ اجْتَمَعَ وَالِدٌ وَأَخٌ يُحْرِمُ الْوَالِدُ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ، إلَّا أَنَّهُ إذَا جُنَّ بَعْدَ الْإِحْرَامِ يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ وَيَصِحُّ مِنْهُ الْأَدَاءُ وَتَمَامُهُ فِي اللُّبَابِ

(قَوْلُهُ لِحَدِيثِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» ) أَيْ مُعْظَمُ رُكْنَيْهِ الْوُقُوفُ بِهَا بِاعْتِبَارِ الْأَمْنِ مِنْ الْبُطْلَانِ عِنْدَ فِعْلِهِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ الطَّوَافَ أَفْضَلُ ط (قَوْلُهُ فَطَافَ إلَخْ) عَطْفُ تَحَلَّلَ عَلَى طَافَ وَسَعَى عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَالْأَوْلَى الْإِتْيَانُ فِي الثَّلَاثَةِ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ، بَلْ الْأَوْلَى قَوْلُ الْكَنْزِ فِي بَابِ الْفَوَاتِ فَلْيُحْلِلْ بِعُمْرَةٍ لِيُفِيدَ الْوُجُوبَ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ، لَكِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَفْعَلُ مِثْلَ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعُمْرَةٍ حَقِيقَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي بَابِ الْفَوَاتِ مِنْ اللُّبَابِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْكَلَامِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ إحْرَامَ الْحَجِّ بَاقٍ وَهَذَا عِنْدَهُمَا. وَقَالَ الثَّانِي: انْقَلَبَ إحْرَامُهُ إحْرَامَ عَمْرَةٍ. وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ أُخْرَى صَحَّ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَيَرْفُضُهَا لِئَلَّا يَصِيرَ جَامِعًا بَيْنَ إحْرَامَيْ حَجٍّ، وَعَلَيْهِ دَمٌ وَحَجَّتَانِ وَعُمْرَةٌ مِنْ قَابِلٍ. وَقَالَ الثَّانِي: يَمْضِي فِيهَا لِانْقِلَابِ إحْرَامِ الْأُولَى. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ أَصْلًا نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَجَّةً نَذْرًا أَوْ تَطَوُّعًا) وَكَذَا لَوْ فَاسِدًا سَوَاءٌ طَرَأَ فَسَادُهُ أَوْ انْعَقَدَ فَاسِدًا كَمَا إذَا أَحْرَمَ مُجَامِعًا نَهْرٌ

(قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجِّ ط (قَوْلُهُ لَكِنَّهَا تَكْشِفُ وَجْهَهَا لَا رَأْسَهَا) كَذَا عَبَّرَ فِي الْكَنْزِ. وَاعْتَرَضَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّهُ تَطْوِيلٌ بِلَا فَائِدَةٍ لِأَنَّهَا لَا تُخَالِفُ الرَّجُلَ فِي كَشْفِ الْوَجْهِ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَا تَكْشِفُ رَأْسَهَا لَكَانَ أَوْلَى. وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ كَشْفُ وَجْهِهَا خَفِيًّا لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ إلَى الْفَهْمِ أَنَّهَا لَا تَكْشِفُهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْفِتْنَةِ نَصَّ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَا سَوَاءً فِيهِ، وَالْمُرَادُ بِكَشْفِ الْوَجْهِ عَدَمُ مُمَاسَّةِ شَيْءٍ لَهُ، فَلِذَلِكَ يُكْرَهُ لَهَا أَنْ تَلْبَسَ الْبُرْقُعَ لِأَنَّ ذَلِكَ يُمَاسُّ وَجْهَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اهـ. قُلْت: لَوْ عَطَفَ قَوْلَهُ وَالْمُرَادُ بِأَوْ لَكَانَ جَوَابًا آخَرَ أَحْسَنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>