للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ تَيَقَّنَ زَوَالَ الضَّرُورَةِ فَاسْتَمَرَّ كَفَّرَ أُخْرَى وَتَغْطِيَةُ رُبْعِ الرَّأْسِ أَوْ الْوَجْهِ كَالْكُلِّ وَلَا بَأْسَ بِتَغْطِيَةِ أُذُنَيْهِ وَقَفَاهُ وَوَضْعِ يَدَيْهِ عَلَى أَنْفِهِ بِلَا ثَوْبٍ

(أَوْ حَلَقَ) أَيْ أَزَالَ (رُبْعَ رَأْسِهِ) أَوْ رُبْعَ لِحْيَتِهِ (أَوْ) حَلَقَ (مَحَاجِمَهُ) يَعْنِي وَاحْتَجَمَ وَإِلَّا فَصَدَقَةٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ (أَوْ) حَلَقَ (إحْدَى إبِطَيْهِ أَوْ عَانَتَهُ أَوْ رَقَبَتَهُ) كُلَّهَا (أَوْ قَصَّ أَظْفَارَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ) أَوْ الْكُلَّ (فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ) فَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ تَعَدَّدَ الدَّمُ إلَّا إذَا اتَّحَدَ

ــ

[رد المحتار]

عَنْ الْحَلَبِيِّ، ثُمَّ قَالَ. فَلْيُحْفَظْ هَذَا، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمُحْرِمِينَ يَغْفُلُ عَنْهُ كَمَا شَاهَدْنَاهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَيَقَّنَ إلَخْ) أَمَّا لَوْ اسْتَمَرَّ مَعَ الشَّكِّ فِي زَوَالِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَفَّرَ أُخْرَى) أَيْ بِلَا تَخْيِيرٍ إنْ دَامَ يَوْمًا بَعْدَ التَّيَقُّنِ (قَوْلُهُ كَالْكُلِّ) هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى مَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ شَرْحُ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِتَغْطِيَةِ أُذُنَيْهِ وَقَفَاهُ) وَكَذَا بَقِيَّةُ الْبَدَنِ إلَّا الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ لِلْمَنْعِ مِنْ لُبْسِ الْقُفَّازَيْنِ وَالْجَوْرَبَيْنِ، وَمَرَّ تَمَامُهُ فِي فَصْلِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ بِلَا ثَوْبٍ) كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَضْعُ بِالثَّوْبِ فَفِيهِ الْكَرَاهَةُ التَّحْرِيمِيَّةُ فَقَطْ لِأَنَّ الْأَنْفَ لَا يَبْلُغُ رُبْعَ الْوَجْهِ أَفَادَهُ ط.

(قَوْلُهُ أَيْ أَزَالَ) أَيْ أَرَادَ بِالْحَلْقِ الْإِزَالَةَ بِالْمُوسَى أَوْ غَيْرِهِ مُخْتَارًا أَوْ لَا، فَلَوْ أَزَالَهُ بِالنُّورَةِ أَوْ نَتَفَ لِحْيَتَهُ أَوْ احْتَرَقَ شَعْرُهُ بِخَبْزِهِ أَوْ مَسَّهُ بِيَدِهِ وَسَقَطَ فَهُوَ كَالْحَلْقِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَنَاثَرَ شَعْرٌ بِالْمَرَضِ أَوْ النَّارِ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ.

قُلْت: وَشَمِلَ أَيْضًا التَّقْصِيرَ كَمَا فِي اللُّبَابِ، قَالَ شَارِحُهُ وَصُرِّحَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْكَرْمَانِيِّ وَهُوَ الصَّوَابُ قِيَاسًا عَلَى التَّحَلُّلِ. وَوَقَعَ فِي الْكِفَايَةِ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ أَنَّ التَّقْصِيرَ لَا يُوجِبُ الدَّمَ. اهـ. (قَوْلُهُ رُبْعَ رَأْسِهِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِ الْمَذْهَبِ. وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَجِبُ الدَّمُ مَا لَمْ يَحْلِقْ أَكْثَرَ رَأْسِهِ شَرْحُ اللُّبَابِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلَعَ إنْ بَلَغَ شَعْرُهُ رُبْعَ رَأْسِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِلَّا فَصَدَقَةٌ، وَإِنْ بَلَغَتْ لِحْيَتُهُ الْغَايَةَ فِي الْخِفَّةِ إنْ كَانَ قَدْرَ رُبْعِهَا كَامِلَةً فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِلَّا فَصَدَقَةٌ لُبَابٌ، وَاللِّحْيَةُ مَعَ الشَّارِبِ عُضْوٌ وَاحِدٌ فَتْحٌ (قَوْلُهُ مَحَاجِمَهُ) أَيْ مَوْضِعَ الْحِجَامَةِ مِنْ الْعُنُقِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَصَدَقَةٌ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجِمْ بَعْدَ الْحَلْقِ فَالْوَاجِبُ صَدَقَةٌ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ) قَالَ فِي النَّهْرِ: لَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي نُسْخَتِي مِنْ الْفَتْحِ. اهـ.

قُلْت: كَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسْخَتِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ رَأَيْته فِي الْفَتْحِ، وَاسْتُشْهِدَ لَهُ بِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ: إنَّ حَلْقَهُ لِمَنْ يَحْتَجِمُ مَقْصُودٌ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ، بِخِلَافِ الْحَلْقِ لِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ كُلَّهَا) أَيْ كُلَّ الثَّلَاثَةِ، وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِهِ لِأَنَّ الرُّبْعَ مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ لَا يُعْتَبَرُ بِالْكُلِّ، لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ فِيهَا بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الْبَعْضِ، فَلَا يَكُونُ حَلْقُ الْبَعْضِ ارْتِفَاقًا كَامِلًا، بِخِلَافِ رُبْعِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَإِنَّهُ مُعْتَادٌ لِبَعْضِ النَّاسِ. وَمَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ أَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْ الرَّقَبَةِ كَالْكُلِّ لِأَنَّ كُلَّ عُضْوٍ لَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْبَدَنِ يَقُومُ أَكْثَرُهُ مَقَامَ كُلِّهِ، ضَعِيفٌ، وَكَذَا مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْإِبِطَ إذَا كَانَ كَثِيرَ الشَّعْرِ يُعْتَبَرُ الرُّبْعُ لِوُجُوبِ الدَّمِ، وَإِلَّا فَالْأَكْثَرُ. وَالْمَذْهَبُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اعْتِبَارِ الرُّبْعِ فِي الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَالْكُلِّ فِي غَيْرِهِمَا فِي لُزُومِ الدَّمِ بَحْرٌ مُلَخَّصًا. وَذُكِرَ فِي اللُّبَابِ: مِثْلُ الثَّلَاثَةِ مَا لَوْ حَلَقَ الصَّدْرَ أَوْ السَّاقَ أَوْ الرُّكْبَةَ أَوْ الْفَخِذَ أَوْ الْعَضُدَ أَوْ السَّاعِدَ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَقِيلَ صَدَقَةٌ. وَإِنْ حَلَقَ أَقَلَّهُ فَصَدَقَةٌ، وَلَا يَقُومُ الرُّبْعُ مِنْهَا مَقَامَ الْكُلِّ. اهـ. قَالَ شَارِحُهُ: يُشِيرُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ صَدَقَةٌ إلَى مَا فِي الْمَبْسُوطِ مَتَى حَلَقَ عُضْوًا مَقْصُودًا بِالْحَلْقِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ حَلَقَ مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ فَصَدَقَةٌ. ثُمَّ قَالَ: وَمِمَّا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ حَلْقُ شَعْرِ الصَّدْرِ وَالسَّاقِ، وَمِمَّا هُوَ مَقْصُودٌ حَلْقُ الرَّأْسِ وَالْإِبِطَيْنِ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ والتمرتاشي. وَفِي النُّخْبَةِ: وَمَا فِي الْمَبْسُوطِ هُوَ الْأَصَحُّ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ إنَّهُ الْحَقُّ. اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَعْنِي الْإِبِطَ أَوْ الْعَانَةَ وَالرَّقَبَةَ مَقْصُودٌ بِالْحَلْقِ وَحْدَهُ فَيَجِبُ بِهِ دَمٌ، لَكِنْ لَا يَقُومُ رُبْعُهُ مَقَامَ كُلِّهِ لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ الصَّدْرِ وَالسَّاقِ وَنَحْوِهِمَا فَيَجِبُ بِهِمَا صَدَقَةٌ. قَالَ فِي الْفَتْحِ لِأَنَّ الْقَصْدَ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>