فِي الْأَصَحِّ أَوْ اسْتَمْنَى بِكَفِّهِ أَوْ جَامَعَ بَهِيمَةً وَأَنْزَلَ (أَوْ أَخَّرَ) الْحَاجُّ (الْحَلْقَ أَوْ طَوَافَ الْفَرْضِ عَنْ أَيَّامِ النَّحْرِ) لِتَوَقُّتِهِمَا بِهَا
(أَوْ قَدَّمَ نُسُكًا عَلَى آخَرَ) فَيَجِبُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: الرَّمْيُ، ثُمَّ الذَّبْحُ لِغَيْرِ الْمُفْرِدِ، ثُمَّ الْحَلْقُ ثُمَّ الطَّوَافُ، لَكِنْ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ طَافَ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ؛ نَعَمْ يُكْرَهُ لِبَابٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ، كَمَا لَا شَيْءَ عَلَى الْمُفْرِدِ إلَّا إذَا حَلَقَ قَبْلَ الرَّمْيِ لِأَنَّ ذَبْحَهُ لَا يَجِبُ
(وَيَجِبُ دَمَانِ عَلَى قَارِنٍ حَلَقَ قَبْلَ ذَبْحِهِ) دَمٌ لِلتَّأْخِيرِ، وَدَمٌ لِلْقِرَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ
ــ
[رد المحتار]
حَصَلَ الْفَرْقُ بَيْنَ الدَّوَاعِي وَالْجِمَاعِ لِمُقْتَضٍ، وَهُوَ أَنَّ الْجِمَاعَ فِي الْأُولَى مُفْسِدٌ لِتَعَلُّقِ فَسَادِ الْحَجِّ بِالْجِمَاعِ حَقِيقَةً كَمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَفْسُدْ الْحَجُّ بِالدَّوَاعِي كَمَا لَا يَفْسُدُ بِهَا الصَّوْمُ لِأَنَّ فَسَادَهُ مُعَلَّقٌ بِالْجِمَاعِ حَقِيقَةً بِالنَّصِّ، وَالْجِمَاعُ مَعْنًى دُونَهُ فَلَمْ يَلْحَقُ بِهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ مُوجِبٌ لِلْبَدَنَةِ لِغِلَظِ الْجِنَايَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَلَمْ يُفْسِدْ لِتَمَامِ حَجِّهِ بِالْوُقُوفِ وَلَا شَيْءَ مِنْ ذَلِكَ فِي الدَّوَاعِي. وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَاشْتَرَكَ الْجِمَاعُ وَدَوَاعِيهِ فِي وُجُوبِ الشَّاةِ لِعَدَمِ الْمَقْضِيِّ لِلتَّفْرِقَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ الْجِمَاعَ هُنَا لَيْسَ جِنَايَةً غَلِيظَةً لِوُجُودِ الْحِلِّ الْأَوَّلِ بِالْحَلْقِ، فَلِذَا لَمْ تَجِبْ بِهِ بَدَنَةٌ وَدَوَاعِيهِ مُلْحَقَةٌ بِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ فَافْهَمْ. [تَنْبِيهٌ]
أَطْلَقَ فِي التَّقْبِيلِ وَاللَّمْسِ فَعَمَّ مَا لَوْ صَدَرَا فِي أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْحَمَوِيُّ، وَأَخْرَجَ بِهِمَا النَّظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ فَأَمْنَى فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ تَفَكَّرَ؛ وَلَوْ أَطَالَ النَّظَرَ أَوْ تَكَرَّرَ وَكَذَا الِاحْتِلَامُ لَا يُوجِبُ شَيْئًا هِنْدِيَّةٌ ط (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْإِطْلَاقِ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالْبَدَائِعِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ وَغَيْرِهَا كَمَا فِي اللُّبَابِ وَرَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الدَّوَاعِيَ مُحَرَّمَةٌ لِأَجْلِ الْإِحْرَامِ مُطْلَقًا فَيَجِبُ الدَّمُ مُطْلَقًا، وَاشْتَرَطَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْإِنْزَالَ وَصَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْزَلَ) قَيْدٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ فِيهِمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ط (قَوْلُهُ أَوْ أَخَّرَ الْحَاجُّ) قُيِّدَ بِهِ لِأَنَّ حَلْقَ الْمُعْتَمِرِ لَا يَتَقَيَّدُ بِالزَّمَانِ وَكَذَا طَوَافُهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ بِتَأْخِيرِهِمَا شَيْءٌ ط (قَوْلُهُ أَوْ طَوَافَ الْفَرْضِ) أَيْ كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ فَلَوْ أَخَّرَ أَقَلَّهُ يَجِبُ صَدَقَةٌ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ طَوَافَ الصَّدْرِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ قُهُسْتَانِيُّ (قَوْلُهُ لِتَوَقُّتِهِمَا) أَيْ الْحَلْقِ وَطَوَافِ الْفَرْضِ بِهَا أَيْ بِأَيَّامِ النَّحْرِ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَهَذَا عِلَّةٌ لِوُجُوبِ الدَّمِ بِتَأْخِيرِهِمَا. قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَهَذَا إذَا كَانَ تَأْخِيرُ الطَّوَافِ بِلَا عُذْرٍ، حَتَّى لَوْ حَاضَتْ قَبْلَ أَيَّامِ النَّحْرِ وَاسْتَمَرَّ بِهَا حَتَّى مَضَتْ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا بِالتَّأْخِيرِ وَإِنْ حَاضَتْ فِي أَثْنَائِهَا وَجَبَ الدَّمُ بِالتَّفْرِيطِ فِيمَا تَقَدَّمَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ الْوَجِيزِ، وَأَفَادَ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَا تَفْرِيطَ لِعَدَمِ وُجُوبِ الطَّوَافِ عَيْنًا فِي أَوَّلِ وَقْتِهِ، فَفِي إلْزَامِهَا بِالدَّمِ وَقَدْ حَاضَتْ فِي الْأَثْنَاءِ نَظَرٌ. اهـ. وَتَقَدَّمَ تَمَامُهُ فِي بَحْثِ الطَّوَافِ.
(قَوْلُهُ أَوْ قَدَّمَ نُسُكًا عَلَى آخَرَ) أَيْ وَقَدْ فَعَلَهُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ لِئَلَّا يَسْتَغْنِيَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ قَبْلَهُ أَوْ أَخَّرَ الْحَلْقَ إلَخْ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ إلَخْ) لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ أَوْ قَدَّمَ إلَخْ بَيَانًا لِوُجُوبِ الدَّمِ بِعَكْسِ التَّرْتِيبِ فُرِّعَ عَلَيْهِ أَنَّ التَّرْتِيبَ وَاجِبٌ مَعَ بَيَانِ مَا يَجِبُ تَرْتِيبُهُ وَمَا لَا يَجِبُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِغَيْرِ الْمُفْرِدِ) أَمَّا هُوَ فَالذَّبْحُ لَهُ مُسْتَحَبٌّ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ طَافَ) أَيْ مُفْرِدًا أَوْ غَيْرَهُ شَرْحُ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ) أَيْ وَكَذَا قَبْلَ الذَّبْحِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ الرَّمْيَ مُقَدَّمٌ عَلَى الذَّبْحِ، فَإِذَا لَمْ يَجِبْ تَرْتِيبُ الطَّوَافِ عَلَى الرَّمْيِ لَا يَجِبُ عَلَى الذَّبْحِ (قَوْلُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ) أَيْ عِنْدَ ذِكْرِ الْوَاجِبَاتِ (قَوْلُهُ كَمَا لَا شَيْءَ عَلَى الْمُفْرِدِ إلَخْ) فَيَجِبُ تَقْدِيمُ الرَّمْيِ عَلَى الْحَلْقِ لِلْمُفْرِدِ وَغَيْرِهِ، وَتَقْدِيمُ الرَّمْيِ عَلَى الذَّبْحِ وَالذَّبْحِ عَلَى الْحَلْقِ لِغَيْرِ الْمُفْرِدِ، وَلَوْ طَافَ الْمُفْرِدُ وَغَيْرُهُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لُبَابٌ وَكَذَا لَوْ طَافَ قَبْلَ الذَّبْحِ كَمَا عَلِمْت.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّوَافَ لَا يَجِبُ تَرْتِيبُهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَإِنَّمَا يَجِبُ تَرْتِيبُ الثَّلَاثَةِ الرَّمْيِ ثُمَّ الذَّبْحِ ثُمَّ الْحَلْقِ، لَكِنَّ الْمُفْرِدَ لَا ذَبْحَ عَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ حَلَقَ قَبْلَ ذَبْحِهِ) وَكَذَا لَوْ حَلَقَ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute