للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ إحْدَى الْجِمَارِ الثَّلَاثِ) وَيَجِبُ لِكُلِّ حَصَاةٍ صَدَقَةٌ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ دَمًا فَكَمَا مَرَّ وَأَفَادَ الْحَدَّادِيُّ أَنَّهُ يُنْقِصُ نِصْفَ صَاعٍ

(أَوْ حَلَقَ رَأْسَ) مُحْرِمٍ أَوْ حَلَالٍ (غَيْرَهُ) أَوْ رَقَبَتَهُ أَوْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَيَّبَ عُضْوَ غَيْرِهِ أَوْ أَلْبَسَهُ مَخِيطًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إجْمَاعًا ظَهِيرِيَّةٌ (تَصَدَّقَ بِنِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ) كَالْفِطْرَةِ

(وَإِنْ طَيَّبَ أَوْ حَلَقَ) أَوْ لَبِسَ (بِعُذْرٍ) خُيِّرَ إنْ شَاءَ

ــ

[رد المحتار]

فَعَلَيْهِ لِكُلِّ شَوْطٍ مِنْهُ صَدَقَةٌ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ دَمًا فَيُخَيَّرَ بَيْنَ الدَّمِ وَتَنْقِيصِ الصَّدَقَةِ لُبَابٌ (قَوْلُهُ أَوْ إحْدَى الْجِمَارِ الثَّلَاثِ) أَيْ الَّتِي بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ ط وَالْمُرَادُ أَنْ يَتْرُكَ أَقَلَّ جِمَارِ يَوْمٍ كَثَلَاثٍ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَعَشْرَةٍ مِمَّا بَعْدَهُ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ فَكَمَا مَرَّ) أَيْ يُنْقِصُ مَا شَاءَ (قَوْلُهُ وَأَفَادَ الْحَدَّادِيُّ) أَيْ فِي السِّرَاجِ وَتَقَدَّمَ عَنْ اللُّبَابِ التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِقِيلَ إشَارَةً إلَى ضَعْفِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ مِنْ إطْلَاقِ التَّنْقِيصِ بِمَا شَاءَ. لَكِنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّرٍ لِأَنَّهُ صَادِقٌ بِمَا لَوْ شَاءَ شَيْئًا قَلِيلًا مِثْلَ كَفٍّ مِنْ طَعَامٍ فِي تَرْكِ ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ مَثَلًا لَوْ بَلَغَ الْوَاجِبُ فِيهَا قِيمَةَ دَمٍ مَعَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ حَصَاةً وَاحِدَةً يَجِبُ نِصْفُ صَاعٍ، وَقَدْ الْتَزَمَ ذَلِكَ بَعْضُ شُرَّاحِ اللُّبَابِ وَقَالَ إنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ، وَهُوَ بَعِيدٌ كَمَا عَلِمْت؛ لِأَنَّهُمْ نَقَصُوا عَنْ قِيمَةِ الدَّمِ لِئَلَّا يَجِبَ فِي الْقَلِيلِ مَا يَجِبُ فِي الْكَثِيرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا فِي السِّرَاجِ بَيَانًا لِمَا أَطْلَقُوهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُنْقِصُ مَا شَاءَ إلَّا نِصْفَ صَاعٍ لَا أَكْثَرَ لِمَا قُلْنَا، لَكِنَّ مَا فِي السِّرَاجِ مُجْمَلٌ، وَقَدْ فَسَّرَهُ مَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الْبَحْرِ الزَّاخِرِ إذَا بَلَغَ قِيمَةُ الصَّدَقَاتِ دَمًا يُنْقِصُ مِنْهُ نِصْفَ صَاعٍ لِيَبْلُغَ قِيمَةُ الْمَجْمُوعِ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الشَّاةِ، وَهَكَذَا إذَا نَقَصَ نِصْفُ صَاعٍ وَكَانَ ثَمَنُ الْبَاقِي مِقْدَارَ ثَمَنِ الشَّاةِ يُنْقِصُ إلَى أَنْ يَصِيرَ ثَمَنُ الصَّدَقَةِ الْبَاقِيَةِ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الشَّاةِ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ ابْتِدَاءً نِصْفَ صَاعٍ فَقَطْ بِأَنْ قَلَمَ ظُفْرًا وَاحِدًا وَكَانَ يَبْلُغُ هَدْيًا يَنْقُصُ مِنْهُ مَا شَاءَ بِحَيْثُ يَصِيرُ ثَمَنُ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْهَدْيِ. اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ حَلَقَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْحَالِقَ وَالْمَحْلُوقَ إمَّا أَنْ يَكُونَا مُحْرِمَيْنِ أَوْ حَلَّالَيْنِ، أَوْ الْحَالِقُ مُحْرِمًا وَالْمَحْلُوقُ حَلَالًا أَوْ بِالْعَكْسِ؛ فَفِي كُلٍّ عَلَى الْحَالِقِ صَدَقَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَا حَلَالَيْنِ، وَعَلَى الْمَحْلُوقِ دَمٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَلَالًا نِهَايَةٌ، لَكِنْ فِي حَلْقِ الْمُحْرِمِ رَأْسَ حَلَالٍ يَتَصَدَّقُ الْحَالِقُ بِمَا شَاءَ، وَفِي غَيْرِهِ الصَّدَقَةُ نِصْفُ صَاعٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ. وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِهِ أَوْ حَلَالٍ، وَوَقَعَ فِي الْعِنَايَةِ: فِيمَا إذَا كَانَ الْحَالِقُ حَلَالًا وَالْمَحْلُوقُ مُحْرِمًا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِقِ اتِّفَاقًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْفَاعِلِ، أَمَّا الْمَفْعُولُ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ إذَا كَانَ مُحْرِمًا لُبَابٌ وَشَرْحُهُ (قَوْلُهُ كَالْفِطْرَةِ) أَفَادَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِنِصْفِ الصَّاعِ مِنْ الْبُرِّ اتِّفَاقِيٌّ فَيَجُوزُ إخْرَاجُ الصَّاعِ مِنْ التَّمْرِ أَوْ الشَّعِيرِ ط عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ. قَالَ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ: وَأَمَّا الْمَخْلُوطُ بِالشَّعِيرِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلشَّعِيرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ صَاعٌ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْحِنْطَةِ فَنِصْفُهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ، فَإِنْ تَسَاوَيَا يَنْبَغِي وُجُوبُ الصَّاعِ احْتِيَاطًا، وَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْفِطْرَةِ يَجْرِي هُنَا. اهـ.

(قَوْلُهُ بِعُذْرٍ) قَيْدٌ لِلثَّلَاثَةِ وَلَيْسَتْ الثَّلَاثَةُ قَيْدًا، فَإِنَّ جَمِيعَ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ إذَا كَانَ بِعُذْرٍ فَفِيهِ الْخِيَارَاتُ الثَّلَاثَةُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ قُهُسْتَانِيُّ، وَأَمَّا تَرْكُ شَيْءٍ مِنْ الْوَاجِبَاتِ بِعُذْرٍ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ عَنْ اللُّبَابِ وَفِيهِ: وَمِنْ الْأَعْذَارِ الْحُمَّى وَالْبَرْدُ وَالْجُرْحُ وَالْقُرْحُ وَالصَّدْعُ وَالشَّقِيقَةُ وَالْقَمْلُ، وَلَا يُشْتَرَطُ دَوَامُ الْعِلَّةِ وَلَا أَدَاؤُهَا إلَى التَّلَفِ بَلْ وُجُودُهَا مَعَ تَعَبٍ وَمَشَقَّةٍ يُبِيحُ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَالْإِغْمَاءُ وَالْإِكْرَاهُ وَالنَّوْمُ وَعَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَفَّارَةِ فَلَيْسَتْ بِأَعْذَارٍ فِي حَقِّ التَّخْيِيرِ وَلَوْ اُرْتُكِبَ الْمَحْظُورُ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَوَاجِبُهُ الدَّمُ عَيْنًا، أَوْ الصَّدَقَةُ فَلَا يَجُوزُ عَنْ الدَّمِ طَعَامٌ وَلَا صِيَامٌ، وَلَا عَنْ الصَّدَقَةِ صِيَامٌ؛ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ. اهـ.

وَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ إنْ عَجَزَ عَنْ الدَّمِ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ضَعِيفٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَفِيهِ: مِنْ الْأَعْذَارِ خَوْفُ الْهَلَاكِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْخَوْفِ الظَّنُّ لَا مُجَرَّدُ الْوَهْمِ، فَتَجُوزُ التَّغْطِيَةُ وَالسَّتْرُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَعَدَّى مَوْضِعَ الضَّرُورَةِ، فَيُغَطِّي رَأْسَهُ بِالْقَلَنْسُوَةِ فَقَطْ إنْ انْدَفَعَتْ الضَّرُورَةُ بِهَا، وَحِينَئِذٍ فَلَفُّ الْعِمَامَةِ عَلَيْهَا مُوجِبٌ لِلدَّمِ أَوْ الصَّدَقَةِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>