للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَازَ بَيْعُهُ وَيُكْرَهُ، وَيَجْعَلُ ثَمَنَهُ فِي الْفِدَاءِ إنْ شَاءَ لِعَدَمِ الذَّكَاةِ، بِخِلَافِ ذَبْحِ الْمُحْرِمِ أَوْ صَيْدِ الْحَرَمِ، فَإِنَّهُ مَيْتَةٌ

(وَلَا يَرْعَى حَشِيشَهُ) بِدَابَّةٍ (وَلَا يَقْطَعُ) بِمِنْجَلٍ (إلَّا الْإِذْخِرُ، وَلَا بَأْسَ بِأَخْذِ كَمَاءَتِهِ) لِأَنَّهَا كَالْجَافِّ (وَبِقَتْلِ قَمْلَةٍ) مِنْ بَدَنِهِ أَوْ إلْقَائِهَا أَوْ إلْقَاءِ ثَوْبِهِ فِي الشَّمْسِ لِتَمُوتَ (تَصَدَّقَ بِمَا شَاءَ كَجَرَادَةٍ، وَيَجِبُ الْجَزَاءُ فِيهَا) أَيْ الْقَمْلَةِ (بِالدَّلَالَةِ كَمَا فِي الصَّيْدِ، وَ) يَجِبُ (فِي الْكَثِيرِ مِنْهُ نِصْفُ صَاعٍ، وَ) الْكَثِيرُ (هُوَ الزَّائِدُ عَلَى ثَلَاثَةٍ)

ــ

[رد المحتار]

الْجَزَاءِ وَأَنَّهُ اخْتَلَفَ كَلَامُ الْمَبْسُوطِ، فَفِي مَوْضِعٍ لَا يَجِبُ، وَفِي مَوْضِعٍ يَجِبُ، وَأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ عِنْدَهُ الْمُعْتَبَرَ حَالَةُ الرَّمْيِ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَاصَّةً. ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْبَدَائِعِ أَنَّ الْوُجُوبَ اسْتِحْسَانٌ وَعَدَمَهُ قِيَاسٌ، وَوَفَّقَ بِهِ بَيْنَ كَلَامَيْ الْمَبْسُوطِ، وَكَذَا صَرَّحَ الْقَارِي عَنْ الْكَرْمَانِيِّ بِأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ احْتِيَاطًا فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الشَّارِحَ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ بِالْأُخْرَى، وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ صَاحِبُ النَّهْرِ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا مَرَّ السَّهْمُ فِي الْحَرَمِ وَأَصَابَ الصَّيْدَ فِي الْحَرَمِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الصَّيْدُ وَقْتَ الرَّمْيِ فِي الْحَرَمِ لَمْ تَكُنْ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ اعْتِبَارِ حَالَةِ الرَّمْيِ وَيَكُونُ وُجُوبُ الْجَزَاءِ لَا شَكَّ فِيهِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ الْبَحْرِ لَمْ أَرَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ وَقْتَ الرَّمْيِ فِي الْحِلِّ وَالْإِصَابَةُ فِي الْحَرَمِ يَصِيرُ قَوْلُهُ وَمَرَّ السَّهْمُ فِي الْحَرَمِ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ وَجَازَ بَيْعُهُ إلَخْ) وَمِثْلُهُ لَوْ قَطَعَ حَشِيشَ الْحَرَمِ أَوْ شَجَرَهُ وَأَدَّى قِيمَتَهُ مَلَكَهُ، وَيُكْرَهُ بَيْعُهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ لِأَنَّ مِلْكَهُ بِسَبَبٍ مَحْظُورٍ شَرْعًا، فَلَوْ أُطْلِقَ لَهُ بَيْعُهُ لَتَطَرَّقَ النَّاسُ إلَى مِثْلِهِ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِخِلَافِ الصَّيْدِ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَيْتَةٍ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الذَّكَاةِ) عِلَّةٌ لِجَوَازِ أَكْلِهِ وَبَيْعِهِ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الذَّكَاةِ فَلَا يَصِيرُ مَيْتَةً وَلِذَا يُبَاحُ أَكْلُهُ قَبْلَ الشَّيْءِ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ ذَبْحِ الْمُحْرِمِ) أَيْ ذَبْحِهِ صَيْدَ الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ، وَقَوْلُهُ أَوْ صَيْدِ الْحَرَمِ عَطْفٌ عَلَى الْحَرَمِ أَيْ وَبِخِلَافِ ذَبْحِ صَيْدِ الْحَرَمِ مِنْ حَلَالٍ أَوْ مُحْرِمٍ، فَالْمَصْدَرُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ وَفِي الْمَعْطُوفِ إلَى مَفْعُولِهِ. وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ حَلَالِ صَيْدِ الْحَرَمِ وَهِيَ أَحْسَنُ، لَكِنَّ كَوْنَ ذَبْحِ الْحَلَالِ صَيْدَ الْحَرَمِ مَيْتَةً أَحَدُ قَوْلَيْنِ كَمَا سَتَعْرِفُهُ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَرْعَى حَشِيشَهُ) أَيْ عِنْدَهُمَا. وَجَوَّزَهُ أَبُو يُوسُفَ لِلضَّرُورَةِ، فَإِنَّ مَنْعَ الدَّوَابِّ عَنْهُ مُتَعَذِّرٌ، وَتَمَامُهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَنَقَلَ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ عَنْ الْبُرْهَانِ تَأْيِيدَ قَوْلِهِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ لِلرَّعْيِ فَوْقَ الِاحْتِيَاجِ لِلْآخَرِ. وَأَقْرَبُ حَدِّ الْحَرَمِ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ؛ فَفِي خُرُوجِ الرُّعَاةِ إلَيْهِ ثُمَّ عَوْدِهِمْ قَدْ لَا يَبْقَى مِنْ النَّهَارِ وَقْتٌ تَشْبَعُ فِيهِ الدَّوَابُّ، وَفِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا» وَسُكُوتُهُ عَنْ نَفْيِ الرَّعْيِ إشَارَةٌ لِجَوَازِهِ وَإِلَّا لَبَيَّنَهُ، وَلَا مُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا لِيَلْحَقَ بِهِ دَلَالَةٌ إذْ الْقَطْعُ فِعْلُ الْعَاقِلِ وَالرَّعْيُ فِعْلُ الْعَجْمَاءِ وَهُوَ جَبَّارٌ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ؛ وَلَيْسَ فِي النَّصِّ دَلَالَةٌ عَلَى نَفْيِ الرَّعْيِ لِيَلْزَمَ مِنْ اعْتِبَارِ الضَّرُورَةِ مُعَارَضَتُهُ، بِخِلَافِ الِاحْتِشَاشِ اهـ لَكِنْ فِي قَوْلِهِ وَالرَّعْيُ فِعْلُ الْعَجْمَاءِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا لَوْ أَرْتَعَتْ بِنَفْسِهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي إرْسَالِهَا لِلرَّعْيِ وَهُوَ مُضَافٌ إلَيْهِ (قَوْلُهُ بِمِنْجَلٍ) كَمِفْصَلٍ: مَا يُحْصَدُ بِهِ الزَّرْعُ (قَوْلُهُ إلَّا الْإِذْخِرُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْخَاءِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ: نَبْتٌ بِمَكَّةَ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ لَهُ قُضْبَانٌ دِقَاقٌ يُسْقَفُ بِهَا الْبُيُوتُ بَيْنَ الْخَشَبَاتِ وَيُسَدُّ بِهَا الْخَلَاءُ فِي الْقُبُورِ بَيْنَ اللَّبِنَاتِ قُهُسْتَانِيُّ مُلَخَّصًا.

وَوَجْهُ اسْتِثْنَائِهِ فِي الْحَدِيثِ مَذْكُورٌ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ) هِيَ هُنَا لِلْإِبَاحَةِ لِمُقَابَلَتِهَا بِالْحُرْمَةِ لَا لِمَا تَرَكَهُ أَوْلَى قَارِي (قَوْلُهُ وَبِقَتْلِ قَمْلَةٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ تَصَدَّقَ وَالْمُرَادُ بِالْقَتْلِ مَا يَشْمَلُ الْمُبَاشَرَةَ وَالتَّسَبُّبَ الْقَصْدِيَّ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ لِتَمُوتَ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِإِلْقَاءِ الثَّوْبِ الْقَتْلَ، كَمَا لَوْ غَسَلَ ثَوْبَهُ فَمَاتَتْ وَكَإِلْقَاءِ الثَّوْبِ إلْقَاؤُهَا لِأَنَّ الْمُوجِبَ إزَالَتُهَا عَنْ الْبَدَنِ لَا خُصُوصُ الْقَتْلِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَمْلَةِ مَا دُونَ الْكَثِيرِ الْآتِي بَيَانُهُ، وَفُصِّلَ فِي اللُّبَابِ بِأَنَّ فِي الْوَاحِدَةِ تَصَدُّقًا بِكِسْرَةٍ، وَفِي الِاثْنَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>