للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالشُّرُوعِ، لَكِنْ مَعَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ (وَرُفِضَتْ) وُجُوبًا تَخَلُّصًا مِنْ الْإِثْمِ (وَقُضِيَتْ مَعَ دَمٍ) لِلرَّفْضِ (وَإِنْ مَضَى) عَلَيْهَا (صَحَّ وَعَلَيْهِ دَمٌ) لِارْتِكَابِ الْكَرَاهَةِ فَهُوَ دَمُ جَبْرٍ (فَائِتُ الْحَجِّ إذَا أَحْرَمَ بِهِ أَوْ بِهَا وَجَبَ الرَّفْضُ) لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ إحْرَامَيْنِ لِحَجَّتَيْنِ أَوْ لِعُمْرَتَيْنِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ (وَ) لَمَّا فَاتَهُ الْحَجُّ بَقِيَ فِي إحْرَامِهِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ (يَتَحَلَّلَ) عَنْ إحْرَامِ الْحَجِّ (بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ ثُمَّ)

ــ

[رد المحتار]

بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قَارِنًا لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِالشُّرُوعِ) لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِيهَا مُلْزِمٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَرُفِضَتْ) حَكَى فِيهِ خِلَافًا فِي الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ إذَا حَلَقَ لِلْحَجِّ ثُمَّ أَحْرَمَ لَا يَرْفُضُهَا عَلَى ظَاهِرِ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ، وَقِيلَ بِرَفْضِهَا احْتِرَازًا عَنْ النَّهْيِ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَمَشَايِخُنَا عَلَى هَذَا اهـ: أَيْ عَلَى وُجُوبِ الرَّفْضِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحَلْقِ وَصَحَّحَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ لِأَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ وَاجِبَاتٌ مِنْ الْحَجِّ كَالرَّمْيِ وَطَوَافِ الصَّدْرِ وَسَنَةِ الْمَبِيتِ. وَقَدْ كُرِهَتْ الْعُمْرَةُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، فَيَكُونُ بَانِيًا أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ بِلَا رَيْبٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ. قُلْت: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَارِنٌ مُسِيءٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ صَحَّ) لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهَا وَهُوَ كَوْنُهُ مَشْغُولًا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ بِأَدَاءِ بَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ لِارْتِكَابِ الْكَرَاهَةِ) أَيْ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا إمَّا فِي الْإِحْرَامِ أَوْ فِي الْأَعْمَالِ الْبَاقِيَةِ هِدَايَةٌ: أَيْ فِي الْإِحْرَامِ إنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَلْقِ، وَفِي الْأَعْمَالِ إنْ أَحْرَمَ بَعْدَهُ مِعْرَاجٌ وَيَلْزَمُ مِنْ الْأَوَّلِ الثَّانِي بِلَا عَكْسٍ.

[تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ بَعْدَ تَقْرِيرِ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَسْأَلَةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ قَدْ يَعْتَمِرُونَ قَبْلَ أَنْ يَسْعَوْا لِحَجِّهِمْ. اهـ.

أَيْ فَيَلْزَمُهُمْ دَمُ الرَّفْضِ أَوْ دَمُ الْجَمْعِ لَكِنَّ مُقْتَضَى تَقْيِيدِهِمْ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْدَ هَذِهِ الْأَيَّامِ لَا يَلْزَمُ الدَّمُ لَكِنْ يُخَالِفُهُ مَا عَلِمْته مِنْ تَعْلِيلِ الْهِدَايَةِ فَالسَّعْيُ وَإِنْ جَازَ تَأْخِيرُهُ عَنْ أَيَّامِ النَّحْرِ وَالتَّشْرِيقِ، لَكِنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَهُ يَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَعْمَالِ الْحَجِّ. وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْكَرَاهَةِ وَلُزُومِ الرَّفْضِ هِيَ الْجَمْعُ أَوْ وُقُوعُ الْإِحْرَامِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَأَيُّهُمَا وُجِدَ كَفَى لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأَيَّامُ هِيَ أَيَّامُ أَدَاءِ بَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ قَيَّدُوا بِهَا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْهِدَايَةِ؛ وَكَذَا قَوْلُهُ فِيهَا مُعَلِّلًا لِلُزُومِ الرَّفْضِ لِأَنَّهُ قَدْ أَدَّى رُكْنَ الْحَجِّ فَيَصِيرُ بَانِيًا أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَقَدْ كُرِهَتْ الْعُمْرَةُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَيْضًا فَلِهَذَا يَلْزَمُهُ رَفْضُهَا اهـ فَنَقُولُهُ وقَدْ كُرِهَتْ إلَخْ بَيَانٌ لِلْعِلَّةِ الْأُخْرَى وَلَمَّا لَمْ يَأْتِ بِهَا عَلَى طَرِيقِ التَّعْلِيلِ كَمَا أَتَى بِمَا قَبْلَهَا صُرِّحَ بِكَوْنِهَا عِلَّةً أَيْضًا بِقَوْلِهِ فَلِذَا يَلْزَمُهُ رَفْضُهَا (قَوْلُهُ فَائِتُ الْحَجِّ إلَخْ) مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ أَيْضًا وَلِذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ فَاتَهُ فَإِنَّ الْحَجَّ بِالْفَاءِ التَّفْرِيعِيَّةِ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ الْمَنْعِ عَنْ الْجَمْعِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مَنْ أَدْرَكَ الْحَجَّ وَمَنْ فَاتَهُ (قَوْلُهُ بِهِ أَوْ بِهَا) أَيْ بِالْحَجِّ أَوْ بِالْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجَمْعَ إلَخْ) بَيَانُهُ أَنَّ فَائِتَ الْحَجِّ حَاجٌّ إحْرَامًا لِأَنَّ إحْرَامَ الْحَجِّ بَاقٍ وَمُعْتَمِرٌ أَدَاءً لِأَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقَلِبَ إحْرَامُهُ إحْرَامَ الْعُمْرَةِ فَإِذَا أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ يَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَ الْحَجَّتَيْنِ إحْرَامًا وَهُوَ بِدْعَةٌ فَيَرْفُضُهَا، وَإِنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ يَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَ الْعُمْرَتَيْنِ أَفْعَالًا وَهُوَ بِدْعَةٌ أَيْضًا فَيَرْفُضُهَا، كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا أَمْرَيْنِ.

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ حَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ بِإِسْقَاطِ قَوْلِهِ إحْرَامَيْنِ، لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ اللَّازِمَ مِنْ الْإِحْرَامِ بِعُمْرَةٍ هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ عُمْرَتَيْنِ أَفْعَالًا لَا إحْرَامًا إذَا لَمْ يَنْقَلِبْ إحْرَامُ الْحَجِّ إحْرَامَ عُمْرَةٍ.

وَالثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ مُخَالِفٌ لِمَا مَشَى عَلَيْهِ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ إحْرَامَيْ الْعُمْرَتَيْنِ مَكْرُوهٌ دُونَ الْحَجَّتَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، فَإِنَّ غَيْرَ الْمَشْرُوعِ مَا نَهَى الشَّارِعُ عَنْ فِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ وَمِنْ جُمْلَتِهِ الْمَكْرُوهُ، وَالْمَشْرُوعُ بِخِلَافِهِ فَلَا يَتَنَاوَلُ الْمَكْرُوهَ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَلَى الْكَيْدَانِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>