(وَمَنْ حَجَّ عَنْ) كُلٍّ مِنْ (آمِرَيْهِ وَقَعَ عَنْهُ وَضَمِنَ مَالَهُمَا) لِأَنَّهُ خَالَفَهُمَا (وَلَا يَقْدِرُ عَلَى جَعْلِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا) لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَيَنْبَغِي صِحَّةُ التَّعْيِينِ لَوْ أَطْلَقَ الْإِحْرَامَ. وَلَوْ أَبْهَمَهُ، فَإِنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ جَازَ،
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ وَمَنْ حَجَّ) أَيْ أَهَلَّ بِحَجٍّ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُخَالِفًا بِمُجَرَّدِ الْإِهْلَالِ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى الْأَعْمَالِ أَفَادَهُ ح. قُلْت: أَيْ فِي صُورَةِ الْمَتْنِ وَإِلَّا فَقَدْ لَا يَصِيرُ مُخَالِفًا إلَّا بِالشُّرُوعِ كَمَا سَيَظْهَرُ لَك (قَوْلُهُ عَنْ آمِرَيْهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَا أَبَوَيْهِ أَوْ أَجْنَبِيَّيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ، فَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ شَمَلَ الْأَبَوَيْنِ وَسَيَأْتِي أَنَّ إخْرَاجَهُمَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْآتِيَ فِي الْإِحْرَامِ عَنْهُمَا بِغَيْرِ أَمْرِهِمَا، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْإِحْرَامِ عَنْ الْآمِرَيْنِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَقَعَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَأْمُورِ نَفْلًا، وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بَحْرٌ وَنَهْرٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خَالَفَهُمَا) عِلَّةٌ لِوُقُوعِهِ عَنْهُ وَلِلضَّمَانِ: أَيْ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يُخْلِصَ النَّفَقَةَ لَهُ، وَقَدْ صَرَفَهَا لِحَجِّ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إيقَاعُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي صِحَّةُ التَّعْيِينِ لَوْ أَطْلَقَ) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَسَكَتَ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَإِنْ أَطْلَقَ، بِأَنْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ مُعَيِّنًا وَمُبْهِمًا، قَالَ فِي الْكَافِي لَا نَصَّ فِيهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ التَّعْيِينُ هُنَا إجْمَاعًا لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ التَّعْيِينُ أَيْ تَعْيِينُ أَحَدِ آمِرَيْهِ قَبْلَ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِبْهَامِ، وَقَوْلُهُ إجْمَاعًا.
قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ الْآتِي فِي مَسْأَلَةِ الْإِبْهَامِ لِجَرَيَانِ عِلَّتِهِ الْآتِيَةِ هُنَا أَيْضًا. اهـ. ح (قَوْلُهُ وَلَوْ أَبْهَمَهُ) بِأَنْ قَالَ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ عَنْ أَحَدِ آمِرَيَّ ح (قَوْلُهُ قَبْلَ الطَّوَافِ) الْمُرَادُ بِهِ طَوَافُ الْقُدُومِ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، فَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ إحْرَامَيْنِ لِحَجَّتَيْنِ ثُمَّ شَرَعَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ ارْتُفِضَتْ إحْدَاهُمَا فَإِنْ قُلْتَ: ذِكْرُ الْوُقُوفِ مُسْتَدْرَكٌ. قُلْتُ: يُمْكِنُ أَنْ لَا يَطُوفَ لِلْقُدُومِ فَيَكُونُ الْوُقُوفُ حِينَئِذٍ هُوَ الْمُعْتَبَرُ. اهـ. ح (قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: بَلْ وَقَعَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ بِلَا تَوَقُّفٍ وَضَمِنَ نَفَقَتَهُمَا وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمَرَهُ بِتَعْيِينِ الْحَجِّ لَهُ فَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْ فَقَدْ خَالَفَ، وَجْهُ قَوْلِهِمَا وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ: أَنَّ هَذَا إبْهَامٌ فِي الْإِحْرَامِ وَالْإِحْرَامُ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ وَإِنَّمَا هُوَ وَسِيلَةٌ إلَى الْأَفْعَالِ، وَالْمُبْهَمُ يَصْلُحُ وَسِيلَةً بِوَاسِطَةِ التَّعْيِينِ فَاكْتُفِيَ بِهِ شَرْطًا ح عَنْ الزَّيْلَعِيِّ. قُلْت: وَالْحَاصِلُ أَنَّ صُوَرَ الْإِبْهَامِ أَرْبَعَةٌ: أَنْ يُهِلَّ بِحَجَّةٍ عَنْهُمَا وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ، أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْإِبْهَامِ، أَوْ يُهِلَّ بِحَجَّةٍ وَيُطْلِقَ، وَالرَّابِعَةُ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ أَحَدِهِمَا مُعَيِّنًا بِلَا تَعْيِينٍ لِمَا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ الرَّابِعَةَ لِجَوَازِهَا بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ مَبْنَى الْجَوَابِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ عَلَى أَنَّهُ إذَا وَقَعَ عَنْ نَفْسِ الْمَأْمُورِ لَا يَتَحَوَّلُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْآمِرِ وَأَنَّهُ بَعْدَ مَا صَرَفَ نَفَقَةَ الْآمِرِ إلَى نَفْسِهِ ذَاهِبًا إلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَخَذَ النَّفَقَةَ لَهُ لَا يَنْصَرِفُ الْإِحْرَامُ إلَى نَفْسِهِ إلَّا إذَا تَحَقَّقَتْ الْمُخَالَفَةُ أَوْ عَجَزَ شَرْعًا عَنْ التَّعْيِينِ.
فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ تَحَقَّقَتْ الْمُخَالَفَةُ وَالْعَجْزُ عَنْ التَّعْيِينِ، وَلَا تَرِدُ مَسْأَلَةُ الْأَبَوَيْنِ الْآتِيَةُ؛ لِأَنَّهَا بِدُونِ الْأَمْرِ كَمَا يَأْتِي، فَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُخَالَفَةُ فِي تَرْكِ التَّعْيِينِ، وَيُمْكِنُهُ التَّعْيِينُ فِي الِانْتِهَاءِ لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ جَعْلُ الثَّوَابِ وَلِذَا لَوْ أَمَرَهُ أَبَوَاهُ بِالْحَجِّ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا فِي الْأَجْنَبِيَّيْنِ. وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْأَرْبَعِ لَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُخَالَفَةُ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْأَعْمَالِ، وَلَا يُمْكِنُ صَرْفُ الْحَجَّةِ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا عَنْ نَفْسِهِ بِجَعْلِهَا لِأَحَدِ الْآمِرَيْنِ فَلَا تَنْصَرِفُ إلَيْهِ إلَّا إذَا وُجِدَ تَحَقُّقُ الْمُخَالَفَةِ أَوْ الْعَجْزِ عَنْ التَّعْيِينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute