(وَيُقَلِّدُ) نَدْبًا بَدَنَةَ (التَّطَوُّعِ) وَمِنْهُ النَّذْرُ (وَالْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ فَقَطْ) لِأَنَّ الِاشْتِهَارَ بِالْعِبَادَةِ أَلْيَقُ وَالسِّتْرُ بِغَيْرِهِمَا أَحَقُّ.
(شَهِدُوا) بَعْدَ الْوُقُوفِ (بِوُقُوفِهِمْ بَعْدَ وَقْتِهِ لَا نَقْبَلُ) شَهَادَتَهُمْ وَالْوُقُوفُ صَحِيحٌ اسْتِحْسَانًا حَتَّى الشُّهُودُ لِلْحَرَجِ الشَّدِيدِ (وَقَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ وَقْتِهِ (قُبِلَتْ إنْ أَمْكَنَ التَّدَارُكُ) لَيْلًا مَعَ أَكْثَرِهِمْ وَإِلَّا لَا
(رَمَى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي)
ــ
[رد المحتار]
الْمَقْصُودُ
(قَوْلُهُ بَدَنَةَ التَّطَوُّعِ) قَيَّدَ بِالْبَدَنَةِ لِأَنَّهُ لَا يُسَنُّ تَقْلِيدُ الشَّاةِ وَلَا تُقَلَّدُ عَادَةً بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ النَّذْرُ) لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بِإِيجَابِ الْعَبْدِ كَانَ تَطَوُّعًا أَيْ لَيْسَ بِإِيجَابِ الشَّارِعِ ابْتِدَاءً بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا يُقَلِّدُ دَمَ الْجِنَايَاتِ وَلَا دَمَ الْإِحْصَارِ لِأَنَّهُ جَابِرٌ فَيَلْحَقُ بِجِنْسِهَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَوْ قَلَّدَهُ لَا يَضُرُّ بَحْرٌ عَنْ الْمَبْسُوطِ. [فَرْعٌ] كُلُّ مَا يُقَلَّدُ يَخْرُجُ إلَى عَرَفَاتٍ، وَمَا لَا فَلَا، وَيُذْبَحُ فِي الْحَرَمِ؛ وَلَوْ تَرَكَ التَّعْرِيفَ بِمَا يُقَلَّدُ لَا بَأْسَ بِهِ سِرَاجٌ
(قَوْلُهُ شَهِدُوا إلَخْ) بَيَانُهُ مَا فِي اللُّبَابِ إذَا الْتَبَسَ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَوَقَفُوا بَعْدَ إكْمَالِ ذِي الْقَعْدَةِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ تَبَيَّنَ بِشَهَادَةٍ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ يَوْمَ النَّحْرِ فَوُقُوفُهُمْ صَحِيحٌ وَحَجُّهُمْ تَامٌّ، وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ. اهـ. (قَوْلُهُ حَتَّى الشُّهُودَ) أَيْ حَجُّهُمْ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُمْ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ النَّحْرِ؛ حَتَّى لَوْ وَقَفُوا عَلَى رُؤْيَتِهِمْ لَمْ يَجُزْ وُقُوفُهُمْ وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُعِيدُوا الْوُقُوفَ مَعَ الْإِمَامِ، وَإِنْ لَمْ يُعِيدُوا فَقَدْ فَاتَهُمْ الْحَجُّ وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُحِلُّوا بِالْعُمْرَةِ وَقَضَاءُ الْحَجِّ مِنْ قَابِلٍ كَمَا فِي اللُّبَابِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ لِلْحَرَجِ الشَّدِيدِ) بَيَانٌ لِوَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ أَيْ لِأَنَّ فِيهِ بَلْوَى عَامَّةً لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَالتَّدَارُكُ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَفِي الْأَمْرِ بِالْإِعَادَةِ حَرَجٌ بَيِّنٌ فَوَجَبَ أَنْ يُكْتَفَى بِهِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَفُوا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ لِأَنَّ التَّدَارُكَ مُمْكِنٌ فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ يَزُولَ الِاشْتِبَاهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَقَبْلَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ شَهِدُوا بَعْدَ الْوُقُوفِ بِوُقُوفِهِمْ قَبْلَ وَقْتِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَقَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ التَّدَارُكُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُمْ إذَا شَهِدُوا أَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي وَقَفُوا فِيهِ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَلَا شَكَّ أَنَّ التَّدَارُكَ بِأَنْ يَقِفُوا يَوْمَ عَرَفَةَ مُمْكِنٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ كَمَالٍ. وَاعْتَرَضَ قَوْلَ الْهِدَايَةِ فِي الْجُمْلَةِ إلَخْ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ.
قُلْت: لَكِنَّ اعْتِرَاضَهُ سَاقِطٌ لِأَنَّ قَوْلَ الْهِدَايَةِ بِأَنْ يَزُولَ الِاشْتِبَاهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ إذَا شَهِدُوا يَوْمَ عَرَفَةَ وَزَالَ الِاشْتِبَاهُ بِشَهَادَتِهِمْ يُمْكِنُ تَدَارُكُ الْوُقُوفِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدُوا يَوْمَ النَّحْرِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّدَارُكُ، فَلَمَّا أَمْكَنَ التَّدَارُكُ هُنَا فِي الْجُمْلَةِ أَيْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُمْ وَقَفُوا بَعْدَ يَوْمِهِ فَإِنَّ التَّدَارُكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ أَصْلًا فَلِذَا لَمْ تُقْبَلْ، وَمُقْتَضَى هَذَا الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّهُ إذَا شَهِدُوا بِالْوُقُوفِ قَبْلَ وَقْتِهِ أَنْ تُقْبَلَ الشَّهَادَةُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّدَارُكُ لِأَنَّهُ لَمَّا أَمْكَنَ التَّدَارُكُ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا صَارَ لِقَبُولِهَا مَحَلٌّ فَقُبِلَتْ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ بِالْوُقُوفِ بَعْدَ وَقْتِهِ فَإِنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ التَّدَارُكُ فِيهَا أَصْلًا لَمْ يَكُنْ لِقَبُولِهَا مَحَلٌّ. ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ حَيْثُ قَالَ فِي تَوْجِيهِ الْقِيَاسِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى: وَلِهَذَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ وَقَفُوا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ لَا يُجْزِئُهُمْ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِذَلِكَ إلَّا يَوْمَ النَّحْرِ. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقِيَاسَ هُنَاكَ أَنْ تُقْبَلَ الشَّهَادَةُ وَلَا يَصِحُّ الْحَجُّ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّدَارُكُ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ إذَا لَمْ يَعْلَمُوا بِوُقُوفِهِمْ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ إلَّا يَوْمَ النَّحْرِ، فَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ قُبِلَتْ إنْ أَمْكَنَ التَّدَارُكُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الشَّهَادَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ مَقْبُولَةٌ مُطْلَقًا، نَعَمْ ذَكَرُوا هَذَا التَّقْيِيدَ فِي مَسْأَلَةٍ ثَالِثَةٍ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ بَقِيَ هُنَا مَسْأَلَةٌ ثَالِثَةٌ، وَهِيَ مَا إذَا شَهِدُوا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَالنَّاسُ بِمِنًى أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ يُنْظَرُ فَإِنْ أَمْكَنَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ مَعَ النَّاسِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ نَهَارًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْوُقُوفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute