للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى الْأَصَحِّ (فَاهِمَيْنِ) أَنَّهُ نِكَاحٌ عَلَى الْمَذْهَبِ بَحْرٌ (مُسْلِمَيْنِ لِنِكَاحِ مُسْلِمَةٍ وَلَوْ فَاسِقَيْنِ أَوْ مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ

ــ

[رد المحتار]

لَا يَخْتَلِفَ فِي انْعِقَادِهِ بِالْأَصَمَّيْنِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ أَخْرَسَ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ كَمَا قَالُوا يَنْعَقِدُ بِالْإِشَارَةِ حَيْثُ كَانَتْ مَعْلُومَةً. اهـ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَمَنْ اشْتَرَطَ السَّمَاعَ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي التَّزَوُّجِ بِالْكِتَابِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ الشُّهُودِ مَا فِي الْكِتَابِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْخُطْبَةِ بِأَنْ تَقْرَأَهُ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِمْ أَوْ سَمَاعِهِمْ الْعِبَارَةَ عَنْهُ بِأَنْ تَقُولَ إنَّ فُلَانًا كَتَبَ إلَيَّ يَخْطُبُنِي ثُمَّ تُشْهِدُهُمْ أَنَّهَا زَوَّجَتْهُ نَفْسَهَا. اهـ. لَكِنْ إذَا كَانَ الْكِتَابُ بِلَفْظِ الْأَمْرِ بِأَنْ كَتَبَ زَوِّجِي نَفْسَك مِنِّي لَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُ الشَّاهِدَيْنِ لِمَا فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ تَوْكِيلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ عَلَى التَّوْكِيلِ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إيجَابٌ فَيُشْتَرَطُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَقَدَّمْنَا بَيَانَهُ فِيمَا مَرَّ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعًا مَا لَوْ سَمِعَا مُتَفَرِّقَيْنِ بِأَنْ حَضَرَ أَحَدُهُمَا الْعَقْدَ ثُمَّ غَابَ وَأُعِيدَ بِحَضْرَةِ الْآخَرِ، أَوْ سَمِعَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ الْعَقْدَ فَأُعِيدَ فَسَمِعَهُ الْآخَرُ دُونَ الْأَوَّلِ، أَوْ سَمِعَ أَحَدُهُمَا الْإِيجَابَ وَالْآخَرُ الْقَبُولَ ثُمَّ أُعِيدَ فَسَمِعَ كُلٌّ وَحْدَهُ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وُجِدَ عَقْدَانِ لَمْ يَحْضُرْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَانِ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ سَامِعَيْنِ وَقَوْلُهُ: مَعًا، وَمُقَابِلُ الْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِالِاكْتِفَاءِ بِمُجَرَّدِ حُضُورِهِمَا،، وَمُقَابِلُ الثَّانِي مَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ. مِنْ أَنَّهُ إنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ جَازَ اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي الْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: فَاهِمَيْنِ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: جَزَمَ فِي التَّبْيِينِ بِأَنَّهُ لَوْ عَقَدَا بِحَضْرَةِ هِنْدِيَّيْنِ لَمْ يَفْهَمَا كَلَامَهُمَا لَمْ يَجُزْ وَصَحَّحَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ، وَقَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فَهْمُ أَنَّهُ نِكَاحٌ وَاخْتَارَهُ فِي الْخَانِيَّةِ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبَ، لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ يُحْسِنَانِ الْعَرَبِيَّةَ فَعَقَدَا بِهَا وَالشُّهُودُ لَا يَعْرِفُونَهَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ. اهـ.

لَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي اشْتِرَاطِ الْفَهْمِ. اهـ.

وَحَمَلَ فِي النَّهْرِ مَا فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ الْحُضُورِ بِلَا سَمَاعٍ وَلَا فَهْمٍ: أَيْ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصَحِّ كَمَا مَرَّ، وَوَفَّقَ الرَّحْمَتِيُّ بِحَمْلِ الْقَوْلِ بِالِاشْتِرَاطِ عَلَى اشْتِرَاطِ فَهْمِ أَنَّهُ عَقْدُ نِكَاحٍ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِهِ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ فَهْمِ مَعَانِي الْأَلْفَاظِ بَعْدَمَا فُهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ عَقْدُ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: لِنِكَاحِ مُسْلِمَةٍ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ مُسْلِمَيْنِ احْتِرَازًا عَنْ نِكَاحِ الذِّمِّيَّةِ فَإِنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا مُسْلِمٌ عِنْدَ ذِمِّيَّيْنِ صَحَّ كَمَا يَأْتِي لَكِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ مَا قَبْلَهُ مِنْ الشُّرُوطِ يُشْتَرَطُ فِي أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهَا تَصِحُّ بِغَيْرِ شُهُودٍ إذَا كَانُوا يَدِينُونَ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، وَلِدَفْعِ ذَلِكَ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَلَا يَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْمُسْلِمَيْنِ إلَّا بِحُضُورِ شَاهِدَيْنِ حُرَّيْنِ إلَخْ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ سَيَعْقِدُ لِنِكَاحِ الْكَافِرِ بَابًا عَلَى حِدَةٍ. وَلَمَّا كَانَ تَزَوُّجُ الْمُسْلِمِ ذِمِّيَّةً لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إسْلَامُ الشَّاهِدَيْنِ احْتَرَزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ لِنِكَاحِ مُسْلِمَةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَاسِقَيْنِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ النِّكَاحَ لَهُ حُكْمَانِ: حُكْمُ الِانْعِقَادِ، وَحُكْمُ الْإِظْهَارِ، فَالْأَوَّلُ مَا ذَكَرَهُ وَالثَّانِي إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ التَّجَاحُدِ، فَلَا يُقْبَلُ فِي الْإِظْهَارِ إلَّا شَهَادَةُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَلِذَا انْعَقَدَ بِحُضُورِ الْفَاسِقَيْنِ وَالْأَعْمَيَيْنِ وَالْمَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ، وَإِنْ لَمْ يَتُوبَا وَابْنَيْ الْعَاقِدَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ أَدَاؤُهُمْ عِنْدَ الْقَاضِي كَانْعِقَادِهِ بِحَضْرَةِ الْعَدُوَّيْنِ بَحْرٌ.

مَطْلَبٌ فِي عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ) أَيْ وَقَدْ تَابَا قَالَ فِي النَّهْرِ وَهَذَا الْقَيْدُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْرَارُ. اهـ.

وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْإِشَارَةُ إلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فِي الْفَاسِقِ الْمُعْلِنِ وَالْمَحْدُودِ قَبْلَ التَّوْبَةِ، أَمَّا الْمَسْتُورُ وَالْمَحْدُودُ النَّائِبُ فَلَا خِلَافَ لَهُ فِيهِمَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالْحَقَائِقِ، وَأَيْضًا فَالْمَحْدُودُ أَخَصُّ مُطْلَقًا مِنْ الْفَاسِقِ وَذِكْرُ الْأَخَصِّ بَعْدَ الْأَعَمِّ وَاقِعٌ فِي أَفْصَحِ الْكَلَامِ عَلَى أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا قُوبِلَ الْخَاصُّ بِالْعَامِّ يُرَادُ بِهِ مَا عَدَا الْخَاصَّ، لَكِنْ فِي الْمُغْنِي إنَّ عَطْفَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ مِمَّا تَفَرَّدَتْ بِهِ الْوَاوُ وَحَتَّى، لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ يَتَسَامَحُونَ فِي عَطْفِهِ بِأَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>