للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ تَزَوَّجَ) بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ (أُخْتَ أَمَةٍ) قَدْ (وَطِئَهَا صَحَّ) النِّكَاحُ لَكِنْ (لَا يَطَأُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَتَّى يَحْرُمَ) حِلُّ اسْتِمْتَاعِ (إحْدَاهُمَا عَلَيْهِ بِسَبَبٍ مَا) لِأَنَّ لِلْعَقْدِ حُكْمَ الْوَطْءِ حَتَّى لَوْ نَكَحَ مَشْرِقِيٌّ مَغْرِبِيَّةً يَثْبُتُ نَسَبُ أَوْلَادِهَا مِنْهُ لِثُبُوتِ الْوَطْءِ حُكْمًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَ الْأَمَةَ لَهُ وَطْءُ الْمَنْكُوحَةِ، وَدَوَاعِي الْوَطْءِ كَالْوَطْءِ ابْنُ كَمَالٍ (وَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا مَعًا) أَيْ الْأُخْتَيْنِ أَوْ مَنْ بِمَعْنَاهُمَا (أَوْ بِعَقْدَيْنِ وَنَسِيَ) النِّكَاحَ (الْأَوَّلَ

ــ

[رد المحتار]

فَلَا تَحِلُّ لَهُ مَوْطُوءَةُ أَبِيهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَصِيرُ أَبَا الزَّوْجِ، فَلَا تَحِلُّ لَهُ امْرَأَةُ ابْنِهِ وَفِي الثَّالِثَةِ يَصِيرُ عَبْدًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ سَيِّدَتُهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَزَوَّجَ إلَخْ) قَيَّدَ بِالتَّزَوُّجِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أُخْتَ أَمَتِهِ الْمَوْطُوءَةِ جَازَ لَهُ وَطْءُ الْأُولَى وَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ الثَّانِيَةِ مَا لَمْ يُحَرِّمْ الْأُولَى عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ وَطِئَهَا أَثِمَ ثُمَّ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى، وَيَكُونُ النِّكَاحُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَاسِدًا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمَوْطُوءَةُ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِالْمَنْكُوحَةِ؛ لِوُجُودِ الْجَمْعِ حَقِيقَةً، وَأَطْلَقَ فِي الْأُخْتِ الْمُتَزَوِّجَةِ فَشَمَلَ الْحُرَّةَ وَالْأَمَةَ، وَأَطْلَقَ فِي الْأَمَةِ فَشَمَلَ أُمَّ الْوَلَدِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِهَا مَوْطُوءَةً؛ لِأَنَّ بِدُونِهِ يَجُوزُ لَهُ وَطْءُ الْمَنْكُوحَةِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَةَ لَيْسَتْ بِمَوْطُوءَةٍ حُكْمًا فَلَمْ يَصِرْ جَامِعًا بَيْنَهُمَا وَطْئًا لَا حَقِيقَةً، وَلَا حُكْمًا وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْمَنْكُوحَةِ، حَتَّى لَوْ اشْتَرَى أُخْتَهَا لَا يَطَأُ الْمُشْتَرَاةَ؛ لِأَنَّ الْمَنْكُوحَةَ مَوْطُوءَةٌ حُكْمًا كَذَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ وَأَرَادَ بِأُخْتِ الْأَمَةِ مَنْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا جُزْئِيَّةٌ احْتِرَازًا عَنْ أُمِّهَا أَوْ بِنْتِهَا؛ لِأَنَّ وَطْءَ إحْدَاهُمَا يُحَرِّمُ الْأُخْرَى أَبَدًا. (قَوْلُهُ: حَتَّى يُحَرِّمَ) أَيْ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا وَقَعَ فِي عِبَارَتِهِمْ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ مِنْ الْمَزِيدِ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ دَلَالَةُ حُكْمِ الْحُرْمَةِ بِدُونِ فِعْلِهِ كَمَوْتِ إحْدَاهُمَا أَوْ رِدَّتِهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَلَوْ قُرِئَ بِالْفَتْحِ وَالتَّخْفِيفِ صَحَّ وَشَمَلَ ذَلِكَ مَنْطُوقًا، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ لِمَا عَلِمْت فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: حِلُّ اسْتِمْتَاعٍ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ الْحَلَالُ أَفَادَهُ ط، أَوْ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ يَحْرُمُ شَيْئًا حَلَالًا هُوَ اسْتِمْتَاعٌ أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ وَبِهِ انْدَفَعَ أَنَّ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ مِنْ صِفَاتِ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ كَالِاسْتِمْتَاعِ فَلَا يَصِحُّ وَصْفُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: بِسَبَبٍ مَا) فَتَحْرِيمُ الْمَنْكُوحَةِ بِالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالرِّدَّةِ مَعَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَالْمَمْلُوكَةُ يَبِيعُهَا كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَإِعْتَاقُهَا كَذَلِكَ وَهِبَتُهَا مَعَ التَّسْلِيمِ، وَكِتَابَتُهَا وَتَزْوِيجُهَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ، بِخِلَافِ الْفَاسِدِ إلَّا إذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ فَإِنَّهَا؛ لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا مِنْهُ تَحْرُمُ عَلَى الْمَالِكِ، فَتَحِلُّ لَهُ حِينَئِذٍ الْمَنْكُوحَةُ، وَلَا يُؤَثِّرُ الْإِحْرَامُ وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَالصَّوْمُ وَالرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ وَالتَّدْبِيرُ؛ لِأَنَّ فَرْجَهَا لَا يَحْرُمُ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ بَحْرٌ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِهِمْ مَا لَوْ بَاعَهَا بَيْعًا فَاسِدًا أَوْ وَهَبَهَا كَذَلِكَ، وَقُبِضَتْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحِلُّ وَطْءُ الْمَنْكُوحَةِ لَهُ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فَاسِدًا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ وَكَذَا الْمَوْهُوبُ فَاسِدًا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[تَنْبِيهٌ]

قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَإِنْ عَادَتْ الْمَوْطُوءَةُ إلَى مِلْكِهِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ سَوَاءٌ كَانَ بِفَسْخٍ أَوْ بِشِرَاءٍ جَدِيدٍ لَمْ يَحِلَّ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ الْأَمَةَ عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبٍ كَمَا كَانَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لِلْعَقْدِ حُكْمَ الْوَطْءِ) أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ لَا يَصِحَّ هَذَا النِّكَاحُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَصِيرَ جَامِعًا بَيْنَهُمَا وَطْءً حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ السَّابِقَ قَائِمٌ حُكْمًا أَيْضًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بَيْعَهَا يُسْتَحَبُّ لَهُ اسْتِبْرَاؤُهَا وَهَذَا اللَّازِمُ بَاطِلٌ فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ مَلْزُومِهِ وَهُوَ صِحَّةُ الْعَقْدِ، وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ لَازِمٌ مُفَارِقٌ؛ لِأَنَّ بِيَدِهِ إزَالَتَهُ فَلَا يَضُرُّ بِالصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ قَدْ وَطِئَهَا ح (قَوْلُهُ: وَطْءُ الْمَنْكُوحَةِ) فَإِنْ وَطِئَ الْمَنْكُوحَةَ حَرُمَتْ الْمَمْلُوكَةُ حَتَّى يُفَارِقَ الْمَنْكُوحَةَ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ: وَدَوَاعِي الْوَطْءِ كَالْوَطْءِ) حَتَّى لَوْ كَانَ قَبَّلَ أَمَتَهُ أَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ هِيَ فَعَلَتْ بِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا لَا تَحِلُّ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ بِمَعْنَاهُمَا) هُوَ كُلُّ امْرَأَتَيْنِ أَيَّتُهُمَا فُرِضَتْ ذَكَرًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ لِلْأُخْرَى ح، وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَا جَمَعَهُمَا مِنْ الْمَحَارِمِ ط. (قَوْلُهُ: وَنَسِيَ الْأَوَّلُ) فَلَوْ عَلِمَ الصَّحِيحَ وَالثَّانِي بَاطِلٌ، وَلَهُ وَطْءُ الْأُولَى لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>