مُعَيَّنَةً وَلَا بَأْسَ بِتَزَوُّجِ النَّهَارِيَّاتِ عَيْنِيٌّ (وَ) يَحِلُّ (لَهُ وَطْءُ امْرَأَةٍ ادَّعَتْ عَلَيْهِ) عِنْدَ قَاضٍ (أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا) بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ (وَهِيَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا (مَحَلٌّ لِلْإِنْشَاءِ) أَيْ لِإِنْشَاءِ النِّكَاحِ خَالِيَةٌ عَنْ الْمَوَانِعِ (وَقَضَى الْقَاضِي بِنِكَاحِهَا بِبَيِّنَةٍ) أَقَامَتْهَا (وَلَمْ يَكُنْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ تَزَوَّجَهَا، وَكَذَا) تَحِلُّ لَهُ (لَوْ ادَّعَى هُوَ نِكَاحَهَا) خِلَافًا لَهُمَا، وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ عَنْ الْمَوَاهِبِ وَبِقَوْلِهِمَا يُفْتَى (وَلَوْ قَضَى بِطَلَاقِهَا بِشَهَادَةِ الزُّورِ مَعَ عِلْمِهَا) بِذَلِكَ نَفَذَ، وَ (حَلَّ لَهَا التَّزَوُّجُ بِآخَرَ بَعْدَ
ــ
[رد المحتار]
؛ لِأَنَّ التَّوْقِيتَ إنَّمَا يَكُونُ بِاللَّفْظِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِتَزَوُّجِ النَّهَارِيَّاتِ) وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ عِنْدَهَا نَهَارًا دُونَ اللَّيْلِ فَتْحٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا الْوَطْءُ لَازِمًا عَلَيْهَا وَلَهَا أَنْ تَطْلُبَ الْمَبِيتَ عِنْدَهَا لَيْلًا لِمَا عُرِفَ فِي بَابِ الْقَسْمِ. اهـ.
أَيْ إذَا كَانَ لَهَا ضَرَّةٌ غَيْرُهَا، وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ فِي النَّهَارِ عِنْدَهَا وَفِي اللَّيْلِ عِنْدَ ضَرَّتِهَا، أَمَّا لَوْلَا ضَرَّةَ لَهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا الطَّلَبُ، خُصُوصًا إذَا كَانَتْ صَنْعَتُهُ فِي اللَّيْلِ كَالْحَارِسِ بَلْ سَيَأْتِي فِي الْقَسْمِ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ نَحْوَ الْحَارِسِ يُقْسِمُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ نَهَارًا وَاسْتَحْسَنَهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ لَهُ إلَخْ) وَكَذَا يَحِلُّ لَهَا تَمْكِينُهُ مِنْ الْوَطْءِ، نَعَمْ الْإِثْمُ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الدَّعْوَى الْبَاطِلَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَثُبُوتُ الْحِلِّ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ بِنُفُوذِ الْقَضَاءِ بِهَذَا النِّكَاحِ بَاطِنًا، وَكَذَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا اتِّفَاقًا فَتَجِبُ النَّفَقَةُ وَالْقَسْمُ وَغَيْرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ قَاضٍ) هَلْ الْمُحَكَّمُ مِثْلُهُ لِيُحَرَّرْ ط.
قُلْت: الظَّاهِرُ نَعَمْ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِقِصَاصٍ وَحُدُودِيَّةٍ عَلَى عَاقِلَةٍ (قَوْلُهُ: بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ حِلَّ الْوَطْءِ وَلَوْ صَدَرَ حَقِيقَةً ط (قَوْلُهُ: خَالِيَةٌ عَنْ الْمَوَانِعِ) تَفْسِيرٌ لِكَوْنِهَا مَحَلًّا لِلْإِنْشَاءِ وَالْمَوَانِعُ مِثْلُ كَوْنِهَا مُشْرِكَةً أَوْ مَحْرَمًا لَهُ أَوْ زَوْجَةَ الْغَيْرِ أَوْ مُعْتَدَّتَهُ ح (قَوْلُهُ: وَقَضَى الْقَاضِي بِنِكَاحِهَا) وَيُشْتَرَطُ؛ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ بَاطِنًا عِنْدَ الْإِمَامِ حُضُورُ شُهُودٍ عِنْدَ قَوْلِهِ قَضَيْت، وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ، وَقِيلَ: لَا لِأَنَّ الْعَقْدَ ثَبَتَ مُقْتَضَى صِحَّةِ قَضَائِهِ فِي الْبَاطِنِ، وَمَا ثَبَتَ مُقْتَضَى صِحَّةِ الْغَيْرِ لَا يَثْبُتُ بِشَرَائِطِهِ كَالْبَيْعِ فِي قَوْلِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ، وَفِي الْفَتْحِ أَنَّهُ الْأَوْجَهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إطْلَاقُ الْمُتُونِ بَحْرٌ قُلْت: لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ إلَخْ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لَهُمَا) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَنْفُذُ الْقَضَاءُ بَاطِنًا عِنْدَهُمَا بِشَهَادَةِ الزُّورِ، وَلَوْ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَخْطَأَ الْحُجَّةَ إذْ الشُّهُودُ كَذَبَةٌ، وَلَهُ أَنَّ الشُّهُودَ صَدَقَةٌ عِنْدَهُ، وَهُوَ الْحُجَّةُ لِتَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَةِ الصِّدْقِ، وَأَمْكَنَ تَنْفِيذُ الْقَضَاءِ بَاطِنًا بِتَقْدِيمِ النِّكَاحِ فَيَنْفُذُ قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ. وَطَعَنَ فِيهِ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ بِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قَطْعُ الْمُنَازَعَةِ بِالطَّلَاقِ، فَأَجَابَهُ الْأَكْمَلُ بِأَنَّك إنْ أَرَدْت الطَّلَاقَ غَيْرَ الْمَشْرُوعِ فَلَا يُعْتَبَرُ أَوْ الْمَشْرُوعُ ثَبَتَ الْمَطْلُوبُ، إذْ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَتَعَقَّبَهُ تِلْمِيذُهُ قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّ لَهُ أَنْ يُرِيدَ غَيْرَ الْمَشْرُوعِ لِيَكُونَ طَرِيقًا لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ. وَتَعَقَّبَهُمَا تِلْمِيذُهُ ابْنُ الْهُمَامِ بِأَنَّ الْحَقَّ التَّفْصِيلُ وَهُوَ أَنَّهُ يَصْلُحُ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةَ أَمَّا لَوْ كَانَ هُوَ الْمُدَّعِيَ فَلَا يُمْكِنُهَا التَّخَلُّصُ مِنْهُ إلَّا بِالنَّفَاذِ بَاطِنًا مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ أَعَمُّ مِنْ دَعْوَاهَا أَوْ دَعْوَاهُ. (قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِهِمَا يُفْتَى) قَالَ الْكَمَالُ وَقَوْلُ الْإِمَامِ أَوْجَهُ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً ثُمَّ ادَّعَى فَسْخَ بَيْعِهَا كَذِبًا وَبَرْهَنَ فَقَضَى لِلْبَائِعِ وَطْؤُهَا وَاسْتِخْدَامُهَا مَعَ عِلْمِهِ بِكَذِبِ دَعْوَى الْمُشْتَرِي مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ بِالْعِتْقِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ إتْلَافُ مَالِهِ، فَإِنَّهُ اُبْتُلِيَ بِبَلِيَّتَيْنِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَخْتَارَ أَهْوَنَهُمَا وَذَلِكَ مَا يَسْلَمُ لَهُ فِيهِ دِينُهُ. اهـ.
وَلِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ رِسَالَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَطَالَ فِيهَا الِاسْتِدْلَالَ لِقَوْلِ الْإِمَامِ فَرَاجِعْهَا. قُلْت: وَحَيْثُ كَانَ الْأَوْجَهُ قَوْلَ الْإِمَامِ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ عَلَى مَا حَقَّقَهُ فِي الْفَتْحِ وَفِي تِلْكَ الرِّسَالَةِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُعْدَلُ عَنْ قَوْلِ الْإِمَامِ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ ضَعْفِ دَلِيلِهِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي مَنْظُومَةِ رَسْمِ الْمُفْتِي وَشَرْحِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute