للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُطْلَقًا عَلَى الْمَذْهَبِ (وَالْوَلَايَةُ تَنْفِيذُ الْقَوْلِ عَلَى الْغَيْرِ) تَثْبُتُ بِأَرْبَعٍ: قَرَابَةٌ، وَمِلْكٌ، وَوَلَاءٌ، وَإِمَامَةٌ (شَاءَ أَوْ أَبَى) وَهِيَ هُنَا نَوْعَانِ: وِلَايَةُ نَدْبٍ عَلَى الْمُكَلَّفَةِ وَلَوْ بِكْرًا وَوِلَايَةُ إجْبَارٍ عَلَى الصَّغِيرَةِ وَلَوْ ثَيِّبًا وَمَعْتُوهَةٍ وَمَرْقُوقَةٍ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْوَلِيُّ (شَرْطُ) صِحَّةِ (نِكَاحِ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَرَقِيقٍ) لَا مُكَلَّفَةٍ (فَنَفَذَ نِكَاحُ حُرَّةٍ مُكَلَّفَةٍ

ــ

[رد المحتار]

التَّزْوِيجَ بِالْوِلَايَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ عِنْدَ بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ سَوَاءٌ أَوْصَى إلَيْهِ الْأَبُ بِذَلِكَ أَمْ لَا، وَفِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ وَكَذَا سَوَاءٌ عَيَّنَ لَهُ الْمُوصَى رَجُلًا فِي حَيَاتِهِ أَوْ لَا خِلَافًا لِمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَالْوَلَايَةُ إلَخْ) بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَمَا ذَكَرَهُ تَعْرِيفُهَا الْفِقْهِيُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَإِلَّا فَمَعْنَاهَا اللُّغَوِيُّ الْمَحَبَّةُ وَالنُّصْرَةُ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ، لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ تَعْرِيفٌ لِأَحَدِ نَوْعَيْهَا وَهُوَ وِلَايَةُ الْإِجْبَارِ بِقَرِينَةٍ قَوْلُهُ وَهِيَ هُنَا نَوْعَانِ. وَأَفَادَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْمَتْنِ غَيْرُ خَاصٍّ بِهَذَا الْبَابِ بَلْ مِنْهُ وَلَايَةُ الْوَصِيِّ وَقَيِّمُ الْوَقْفِ وَوَلَايَةُ وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِتَنْفِيذِ الْقَوْلِ مَا يَكُونُ فِي النَّفْسِ أَوْ فِي الْمَالِ أَوْ فِيهِمَا مَعًا، وَالْمُرَادُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَشْمَلُ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثُ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ تَثْبُتُ) أَيْ الْوَلَايَةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْمُرَادُ هُنَا وَلَايَةُ الْإِجْبَارِ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَطْ فَفِيهِ شَبَهُ الِاسْتِخْدَامِ، وَإِلَّا فَالْوَلَايَةُ الْمُعَرَّفَةُ أَعَمُّ كَمَا عَلِمْت، وَحَيْثُ كَانَتْ أَعَمَّ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الثَّابِتَةَ لِخُصُوصِ الْوَلِيِّ الْمَعْرُوفِ بِالْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْوَارِثِ حَتَّى يُرَدُّ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمِلْكِ وَالْإِمَامَةِ إرْثٌ، وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّكَلُّفِ فِي الْجَوَابِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِرْثِ الْمَأْخُوذِ فِي تَعْرِيفِ الْوَلِيِّ هُوَ أَخْذُ الْمَالِ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ بَابِ عُمُومِ الْمَجَازِ؛ فَالْإِمَامُ يَأْخُذُ مَالَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ لِيَضَعَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَالْوَلِيُّ يَأْخُذُ كَسْبَ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ فِي التِّجَارَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إرْثًا حَقِيقَةً فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ ط لَا دَلِيلَ عَلَى هَذَا الْمَجَازِ وَالتَّعْرِيفُ يُصَانُ عَنْ مِثْلِ هَذَا فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ قَرَابَةٍ) دَخَلَ فِيهَا الْعَصَبَاتُ وَالْأَرْحَامُ (قَوْلُهُ وَمِلْكٍ) أَيْ مِلْكِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ (قَوْلُهُ وَوَلَاءٍ) أَيْ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ وَالْمُوَالَاةِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَإِمَامَةٍ) دَخَلَ فِيهَا الْقَاضِي الْمَأْذُونُ بِالتَّزْوِيجِ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ شَاءَ أَوْ أَبَى) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ وَلَايَةِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ وَهِيَ هُنَا) فِيهِ شَبَهُ الِاسْتِخْدَامِ لِأَنَّ الْوَلَايَةَ الْمُعَرَّفَةَ خَاصَّةٌ بِوَلَايَةِ الْإِجْبَارِ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ هُنَا احْتِرَازًا عَنْ الْوَلَايَةِ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ وِلَايَةُ نَدْبٍ) أَيْ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ تَفْوِيضُ أَمْرِهَا إلَى وَلِيِّهَا كَيْ لَا تُنْسَبَ إلَى الْوَقَاحَةِ بَحْرٌ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فِي الْبِكْرِ، وَهَذِهِ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَايَةُ وَكَالَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُكَلَّفَةِ) أَيْ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِكْرًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ ثَيِّبًا لِيُفِيدَ أَنَّ تَفْوِيضَ الْبِكْرِ إلَى وَلِيِّهَا يَنْدُبُ بِالْأَوْلَى لِمَا عَلِمْته مِنْ عِلَّةِ النَّدْبِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْإِشَارَةَ إلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ أَيْ أَنَّهَا تَنْدُبُ لَا تَجِبُ وَلَوْ بِكْرًا عِنْدَنَا خِلَافًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ ثَيِّبًا) أَشَارَ إلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ: إنَّ وَلَايَةَ الْإِجْبَارِ مَنُوطَةٌ بِالْبَكَارَةِ فَيُزَوِّجُهَا بِلَا إذْنِهَا وَلَوْ بَالِغَةً لَا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَلَوْ صَغِيرَةً، فَالثَّيِّبُ الصَّغِيرَةُ لَا تُزَوَّجُ عِنْدَهُ مَا لَمْ تَبْلُغْ لِسُقُوطِ وَلَايَةِ الْأَبِ (قَوْلُهُ وَمَعْتُوهَةٍ وَمَرْقُوقَةٍ) بِالْجَرِّ فِيهِمَا عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ الصَّغِيرَةِ لِعَدَمِ تَقْيِيدِهِمَا بِالصِّغَرِ، وَالْأَوْلَى تَعْرِيفُهُمَا بِأَلْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَطْفُهُمَا عَلَى ثَيِّبًا (قَوْلُهُ صَغِيرٍ إلَخْ) الْمَوْصُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ شَخْصٍ صَغِيرٍ إلَخْ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (قَوْلُهُ لَا مُكَلَّفَةً) الْأَوْلَى زِيَادَةُ حُرَّةٍ لِيُقَابِلَ الرَّقِيقَ ط.

وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ الْمَتْنِ ذَكَرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّ قَوْلَهُ فَنَفَذَ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَنَفَذَ إلَخْ) أَرَادَ بِالنَّفَاذِ الصِّحَّةَ وَتَرَتُّبَ الْأَحْكَامِ مِنْ طَلَاقٍ وَتَوَارُثٍ وَغَيْرِهِمَا لَا اللُّزُومَ، إذْ هُوَ أَخَصُّ مِنْهَا لِأَنَّهُ مَا لَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَهَذَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ، فَقَوْلُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَيْ يَنْعَقِدُ لَازِمًا فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٍ. وَاحْتُرِزَ بِالْحُرَّةِ عَنْ الْمَرْقُوقَةِ وَلَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَبِالْمُكَلَّفَةِ عَنْ الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ، فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِوَلِيٍّ كَمَا قَدَّمَهُ، وَأَمَّا حَدِيثُ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَدِيثُ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، فَمُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَمَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>