(بِعَدَمِ جَوَازِهِ أَصْلًا) وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى (لِفَسَادِ الزَّمَانِ) فَلَا تَحِلُّ مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا نَكَحَتْ غَيْرَ كُفْءٍ بِلَا رِضَا وَلِيٍّ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ إيَّاهُ فَلْيُحْفَظْ (وَ) بِنَاءً (عَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (فَرِضَا الْبَعْضِ) مِنْ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ (كَالْكُلِّ) لِثُبُوتِهِ لِكُلٍّ كَمُلَا كَوِلَايَةِ أَمَانٍ وَقَوَدٍ وَسَنُحَقِّقُهُ فِي الْوَقْفِ (لَوْ اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ وَإِلَّا فَلِلْأَقْرَبِ) مِنْهُمْ
ــ
[رد المحتار]
مَا ظَهَرَ لِي فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ بِعَدَمِ جَوَازِهِ أَصْلًا) هَذِهِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهَذَا إذَا كَانَ لَهَا وَلِيٌّ لَمْ يَرْضَ بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ، فَلَا يُفِيدُ الرِّضَا بَعْدَهُ بَحْرٌ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ فَهُوَ صَحِيحٌ نَافِذٌ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ وَجْهَ عَدَمِ الصِّحَّةِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الْأَوْلِيَاءِ، أَمَّا هِيَ فَقَدْ رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا فَتْحٌ، وَقَوْلُ الْبَحْرِ: لَمْ يَرْضَ بِهِ يَشْمَلُ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَصْلًا فَلَا يَلْزَمُ التَّصْرِيحُ بِعَدَمِ الرِّضَا بَلْ السُّكُوتُ مِنْهُ لَا يَكُونُ رِضًا كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ مِنْ رِضَاهُ صَرِيحًا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ سَكَتَ قَبْلَهُ ثُمَّ رَضِيَ بَعْدَهُ لَا يُفِيدُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى) وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ كَذَا فِي تَصْحِيحِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ وَلِيٍّ يُحْسِنُ الْمُرَافَعَةَ وَالْخُصُومَةَ وَلَا كُلُّ قَاضٍ يَعْدِلُ، وَلَوْ أَحْسَنَ الْوَلِيُّ وَعَدَلَ الْقَاضِي فَقَدْ يَتْرُكُ أَنَفَةً لِلتَّرَدُّدِ عَلَى أَبْوَابِ الْحُكَّامِ، وَاسْتِثْقَالًا لِنَفْسِ الْخُصُومَاتِ فَيَتَقَرَّرُ الضَّرَرُ فَكَانَ مَنْعُهُ دَفْعًا لَهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ نَكَحَتْ) نَعْتٌ لِمُطَلَّقَةِ وَقَوْلُهُ بِلَا رِضَا مُتَعَلِّقٌ بِنَكَحْت وَقَوْلُهُ بَعْدَ ظَرْفٌ لِلرِّضَا، وَالضَّمِيرُ فِي مَعْرِفَتِهِ لِلْوَلِيِّ وَفِي إيَّاهُ لِغَيْرِ الْكُفْءِ، وَقَوْلُهُ بِلَا رِضًا نَفْيٌ مُنْصَبٌّ عَلَى الْمُقَيَّدِ الَّذِي هُوَ رِضَا الْوَلِيِّ وَالْقَيْدِ الَّذِي هُوَ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ إيَّاهُ فَيَصْدُقُ بِنَفْيِ الرِّضَا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَبِعَدَمِهَا وَبِوُجُودِ الرِّضَا مَعَ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ، فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ لَا تَحِلُّ وَإِنَّمَا تَحِلُّ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ وَهُوَ رِضَا الْوَلِيِّ بِغَيْرِ الْكُفْءِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ كَذَلِكَ اهـ ح.
قُلْت: وَالْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ عَيْنًا لِمَا فِي الْبَحْرِ: لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ رَضِيت بِتَزَوُّجِهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِالزَّوْجِ عَيْنًا هَلْ يَكْفِي صَارَتْ حَادِثَةَ الْفَتْوَى. وَيَنْبَغِي لَا يَكْفِي لِأَنَّ الرِّضَا بِالْمَجْهُولِ لَا يَصِحُّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ فِيمَا إذَا اسْتَأْذَنَهَا الْوَلِيُّ وَلَمْ يُسَمِّ الزَّوْجَ فَقَالَ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْمَجْهُولِ لَا يَتَحَقَّقُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا اهـ. وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ لَكِنْ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ لِمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهَا لَوْ فَوَّضَتْ الْأَمْرَ إلَيْهِ يَصِحُّ كَقَوْلِهَا زَوِّجْنِي مِمَّنْ تَخْتَارُهُ وَنَحْوُهُ. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْوَلِيَّ لَوْ قَالَ لَهَا أَنَا رَاضٍ بِمَا تَفْعَلِينَ أَوْ زَوِّجِي نَفْسَك مِمَّنْ تَخْتَارِينَ وَنَحْوُهُ أَنَّهُ يَكْفِي وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَيْهَا وَلِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَلْيُحْفَظْ) قَالَ فِي الْحَقَائِقِ شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ النَّسَفِيَّةِ وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ حِفْظُهُ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ. اهـ. وَقَالَ الْكَمَالُ: لِأَنَّ الْمُحَلِّلَ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ غَيْرَ كُفْءٍ، وَأَمَّا لَوْ بَاشَرَ الْوَلِيُّ عَقْدَ الْمُحَلِّلِ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ. اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ لَهَا وَلِيٌّ وَإِلَّا فَهُوَ صَحِيحٌ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ) وَبِهِ أَفْتَى كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْإِفْتَاءُ بَحْرٌ لَكِنْ عَلِمْت أَنَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ) فِيهِ أَنَّ الرِّضَا قَبْلَ الْعَقْدِ يَصِحُّ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَأَمَّا الْمَبْنِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ فَهُوَ الرِّضَا بَعْدَ الْعَقْدِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَيْهِ لَا عَلَى الثَّانِي الْمُفْتَى بِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ وَكَلَامِ الْمَتْنِ يُوهِمُ أَنَّهُ عَلَى الثَّانِي لَا يَكُونُ رِضَا الْبَعْضِ كَالْكُلِّ وَلَا وَجْهَ لَهُ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ قَصَدَ بِمَا ذَكَرَهُ دَفْعَ هَذَا الْإِيهَامَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِثُبُوتِهِ لِكُلٍّ كَمُلَا) لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاحِدٌ لَا يَتَجَزَّأُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِسَبَبٍ لَا يَتَجَزَّأُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَوِلَايَةِ أَمَانٍ وَقَوَدٍ) فَإِذَا أَمَّنَ مُسْلِمٌ حَرْبِيًّا لَيْسَ لِمُسْلِمٍ آخَرَ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلْحَرْبِيِّ أَوْ لِمَالِهِ، وَإِذَا عَفَا أَحَدُ أَوْلِيَاءِ الْقِصَاصِ لَيْسَ لِوَلِيٍّ آخَرَ طَلَبُهُ ح (قَوْلُهُ وَسَنُحَقِّقُهُ فِي الْوَقْفِ) حَيْثُ زَادَ عَلَى مَا هُنَا مِمَّا يَقُومُ فِيهِ الْبَعْضُ مُقَامَ الْكُلِّ بَعْضَ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْكُلِّ، وَكَذَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَكَذَا إثْبَاتُ الْإِعْسَارِ فِي وَجْهٍ أَحَدِ الْغُرَمَاءِ وَوِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْعَامِّ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute