للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهْمٌ (وَإِنْ كَانَ مِنْ كُفْءٍ وَبِمَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ وَ) لَكِنْ (لَهُمَا) أَيْ لِصَغِيرٍ وَصَغِيرَةٍ وَمُلْحَقٍ بِهِمَا (خِيَارُ الْفَسْخِ) وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ (بِالْبُلُوغِ أَوْ الْعِلْمِ بِالنِّكَاحِ بَعْدَهُ) لِقُصُورِ الشَّفَقَةِ وَيُغْنِي عَنْهُ خِيَارُ الْعِتْقِ، وَلَوْ بَلَغْت وَهُوَ صَغِيرٌ فَرَّقَ بِحَضْرَةِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ

ــ

[رد المحتار]

لَا يُوجَدُ لَهُ رِوَايَةٌ أَصْلًا، وَأَجَابَ الْقُهُسْتَانِيُّ بِأَنَّ صِحَّتَهُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ نَقَلَهَا فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَبِغَيْرِ كُفْءٍ نَقَلَهَا فِي الْجَامِعِ عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الرِّوَايَةِ اهـ.

قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَا كَانَ قَوْلًا لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ رِوَايَةٌ عَنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ قَوْلًا ضَعِيفًا مُخَالِفًا لِمَا فِي مَشَاهِيرِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدَةِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ لَهُمَا خِيَارُ الْبُلُوغِ) دُفِعَ بِهِ تَوَهُّمُ اللُّزُومِ الْمُتَبَادِرِ مِنْ الصِّحَّةِ ط وَأَطْلَقَ فَشَمِلَ الذِّمِّيِّينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَمَا إذَا زَوَّجَتْ الصَّغِيرَةُ نَفْسَهَا فَأَجَازَ الْوَلِيُّ لِأَنَّ الْجَوَازَ ثَبَتَ بِإِجَازَةِ الْوَلِيِّ فَالْتَحَقَ بِنِكَاحٍ بَاشَرَهُ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ وَمُلْحَقٍ بِهِمَا) كَالْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ إذَا كَانَ الْمُزَوِّجُ لَهُمَا غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالِابْنِ بِأَنْ كَانَ أَخًا أَوْ عَمًّا مَثَلًا. قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْعَصَبَاتِ: وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَثْبُتُ لَهُمْ وِلَايَةَ الْإِجْبَارِ عَلَى الْبِنْتِ وَالذَّكَرِ فِي حَالِ صِغَرِهِمَا أَوْ كِبَرِهِمَا إذَا جُنَّا مَثَلًا غُلَامٌ بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ فَزَوَّجَهُ أَبُوهُ وَهُوَ رَجُلٌ جَازَ إذَا كَانَ مُطْبَقًا فَإِذَا أَفَاقَ فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنْ زَوَّجَهُ أَخُوهُ فَأَفَاقَ فَلَهُ الْخِيَارُ. اهـ. (قَوْلُهُ بِالْبُلُوغِ) أَيْ إذَا عَلِمَا قَبْلَهُ أَوْ عِنْدَهُ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ الْعِلْمِ بِالنِّكَاحِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِأَنْ بَلَغَا وَلَمْ يَعْلَمَا بِهِ ثُمَّ عَلِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ لِقُصُورِ الشَّفَقَةِ) أَيْ وَلِقُصُورِ الرَّأْيِ فِي الْأُمِّ، وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُمَا اعْتِبَارًا بِمَا لَوْ زَوَّجَهُمَا الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ.

(قَوْلُهُ وَيُغْنِي عَنْهُ خِيَارُ الْعِتْقِ) اعْلَمْ أَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ لَا يَثْبُتُ لِلذَّكَرِ بَلْ لِلْأُنْثَى فَقَطْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، فَإِذَا زَوَّجَهَا مَوْلَاهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَلَهُمَا الْخِيَارُ لِأَنَّهُ كَانَ يَزُولُ مِلْكُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِطَلْقَتَيْنِ فَصَارَ لَا يَزُولُ إلَّا بِثَلَاثٍ، لَكِنْ لَوْ صَغِيرَةً لَا تُخَبَّرُ مَا لَمْ تَبْلُغْ فَإِذَا بَلَغْت خَيَّرَهَا الْقَاضِي خِيَارَ الْعِتْقِ لَا خِيَارَ الْبُلُوغِ، وَإِنْ ثَبَتَ لَهَا أَيْضًا لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَعَمُّ فَيُنَظِّمُ الثَّانِيَ تَحْتَهُ، وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ لَهَا خِيَارُ الْبُلُوغِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَهَكَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمَوْلَى وِلَايَةٌ كَامِلَةٌ لِأَنَّهَا بِسَبَبِ الْمِلْكِ فَلَا يَثْبُتُ خِيَارُ الْبُلُوغِ كَمَا فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَلَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ حُرَّةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ ثُمَّ بَلَغَ فَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ بُلُوغٍ وَلَا خِيَارُ عِتْقٍ لِأَنَّ إنْكَاحَ الْمَوْلَى بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ لَا بِطَرِيقِ النَّظَرِ لَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا زَوَّجَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَهُوَ صَغِيرٌ لِأَنَّهُ بِطَرِيقِ النَّظَرِ هَذَا خُلَاصَةُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعَ عَشَرَ وَنَحْوِهِ فِي جَامِعِ الصَّفَّارِ لِلْإِمَامِ الْأُسْرُوشَنِيِّ؛ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ: لَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَوَّلًا ثُمَّ زَوَّجَهَا ثُمَّ بَلَغْت فَإِنَّ لَهَا خِيَارَ الْبُلُوغِ اهـ: أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ وِلَايَتَهُ عَلَيْهَا بِطَرِيقِ النَّظَرِ، وَلِأَنَّهَا وِلَايَةُ إعْتَاقٍ وَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ جَمِيعِ الْعَصَبَاتِ فَلَهَا خِيَارُ الْبُلُوغِ كَمَا فِي وِلَايَةِ الْأَخِ وَالْعَمِّ بَلْ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا لَوْ زَوَّجَهَا قَبْلَ الْإِعْتَاقِ، ثُمَّ بَلَغْت فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا خِيَارُ الْبُلُوغِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمِلْكِ أَقْوَى مِنْ وِلَايَةِ الْأَبِ وَالْجَدِّ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ لَا يَثْبُتُ لِلذَّكَرِ الرَّقِيقِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَيَثْبُتُ لِلْأُنْثَى مُطْلَقًا إذَا زَوَّجَهَا حَالَةَ الرِّقِّ، وَأَنَّ خِيَارَ الْبُلُوغِ يَثْبُتُ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ إذَا زَوَّجَهُمَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُمَا إذَا زَوَّجَهُمَا قَبْلَهُ لَا اسْتِقْلَالًا وَلَا تَبَعًا لِخِيَارِ الْعِتْقِ لِلصَّغِيرَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، فَقَوْلُهُ وَيُغْنِي عَنْهُ خِيَارُ الْعِتْقِ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ بِحَضْرَةِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُهُمَا يُنَصِّبُ الْقَاضِي وَصِيًّا يُخَاصِمُ فَيَحْضُرُهُ وَيَطْلُبُ مِنْهُ حُجَّةً لِلصَّغِيرِ تَبْطُلُ دَعْوَى الْفُرْقَةِ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى رِضَاهَا بِالنِّكَاحِ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ تَأْخِيرَهَا طَلَبَ الْفُرْقَةِ وَإِلَّا يُحَلِّفُهَا الْخَصْمُ، فَإِنْ حَلَفَتْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا الْحَاكِمُ بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ بِلَا انْتِظَارٍ إلَى بُلُوغِ الصَّبِيِّ دَأْبَ الْأَوْصِيَاءِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>