إلَّا بِمِلْكٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ خِيَارِ عِتْقٍ وَلَيْسَ لَنَا فُرْقَةٌ مِنْهُ وَلَا مَهْرٌ عَلَيْهِ إلَّا إذَا اخْتَارَ نَفْسَهُ بِخِيَارِ عِتْقٍ وَشَرَطَ لِلْكُلِّ الْقَضَاءَ إلَّا ثَمَانِيَةً
ــ
[رد المحتار]
يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ التَّبَايُنُ وَالتَّقْبِيلُ، وَالسَّبْيُ وَالْإِسْلَامُ وَخِيَارُ الْبُلُوغِ وَالرِّدَّةِ وَالْمِلْكِ طَلَاقًا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ قِبَلِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَتَرَاهُ وَاسْتِثْنَاؤُهُ الْمِلْكَ وَالرِّدَّةَ وَخِيَارَ الْعِتْقِ لَا يُجْدِي نَفْعًا لِبَقَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأُخَرِ. فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ وَإِنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِهِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مِنْ قِبَلِهَا فَطَلَاقٌ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا طَيَّبَ اللَّهُ تَعَالَى ثَرَاهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْفَسْخِ لِيُفِيدَ أَنَّ هَذِهِ الْفُرْقَةَ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ، فَلَا تَنْقُصُ عَدَدَهُ لِأَنَّهُ يَصِحُّ مِنْ الْأُنْثَى وَلَا طَلَاقَ إلَيْهَا اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ وَعِبَارَتُهُ: ثُمَّ الْفُرْقَةُ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ لَيْسَتْ بِطَلَاقٍ لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ يَشْتَرِكُ فِي سَبَبِهَا الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ، وَحِينَئِذٍ يُقَالُ فِي الْأَوَّلِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِهَا لَا بِسَبَبٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ قِبَلِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مِنْهَا فَفُسِخَ فَاشْدُدْ يَدَيْك عَلَيْهِ فَإِنَّهُ أَجْدَى مِنْ تَفَارِيقِ الْعَصَا. اهـ. ح.
قُلْت: لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ إبَاءُ الزَّوْجِ عَنْ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ طَلَاقٌ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا، وَكَذَا اللِّعَانُ فَإِنَّهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ طَلَاقٌ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إنَّ الْإِبَاءَ فَسْخٌ وَلَوْ كَانَ مِنْ الزَّوْجِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ اللِّعَانَ لَمَّا كَانَ ابْتِدَاؤُهُ مِنْهُ صَارَ كَأَنَّهُ مِنْ قِبَلِهِ وَحْدَهُ فَيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ خِيَارِ عِتْقٍ) يَقْتَضِي أَنَّ لِلْعَبْدِ خِيَارَ عِتْقٍ، وَهُوَ سَهْوٌ مِنْهُ فَإِنَّا قَدَّمْنَا عَنْ الْبَحْرِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ يَخْتَصُّ بِالْأُنْثَى وَسَيُصَرِّحُ بِهِ الشَّارِحُ فِي بَابِ نِكَاحِ الرَّقِيقِ حَيْثُ يَقُولُ: وَلَا يَثْبُتُ لِغُلَامٍ ح (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَنَا فُرْقَةٌ مِنْهُ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ ح (قَوْلُهُ إلَّا إذَا اخْتَارَ نَفْسَهُ بِخِيَارِ عِتْقٍ) صَوَابُهُ بِخِيَارِ بُلُوغٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْبَحْرِ: وَلَيْسَ لَنَا فُرْقَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ إلَّا هَذِهِ، فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إلَى خِيَارِ الْبُلُوغِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيهِ لَا فِي خِيَارِ الْعِتْقِ كَمَا تَعْلَمُهُ بِمُرَاجَعَةٍ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الْحَصْرُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا فِي الذَّخِيرَةِ قُبَيْلَ كِتَابِ النَّفَقَاتِ: حُرٌّ تَزَوَّجَ مُكَاتَبَةً بِإِذْنِ سَيِّدِهَا عَلَى جَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا فَلَمْ تَقْبِضْ الْمُكَاتَبَةُ الْجَارِيَةَ، حَتَّى زَوَّجَتْهَا مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ جَازَ النِّكَاحَانِ، فَإِنْ طَلَّقَ الزَّوْجُ الْمُكَاتَبَةَ أَوَّلًا ثُمَّ طَلَّقَ الْأَمَةَ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ وَلَا يَقَعُ عَلَى الْأَمَةِ لِأَنَّ بِطَلَاقِ الْمُكَاتَبَةِ تَتَنَصَّفُ الْأَمَةُ وَعَادَ نِصْفُهَا إلَى الزَّوْجِ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ فَيَفْسُدُ نِكَاحُ الْأَمَةِ قَبْلَ وُرُودِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا فَلَمْ يَعْمَلْ طَلَاقُهَا، وَيَبْطُلُ جَمِيعُ مَهْرِ الْأَمَةِ عَنْ الزَّوْجِ مَعَ أَنَّهَا فُرْقَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لِأَنَّ الْفُرْقَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ إنَّمَا لَا تُسْقِطُ كُلَّ الْمَهْرِ إذَا كَانَتْ طَلَاقًا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ قِبَلِ الدُّخُولِ وَكَانَتْ فَسْخًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تُوجِبُ سُقُوطَ كُلِّ الصَّدَاقِ كَالصَّغِيرِ إذَا بَلَغَ. وَأَيْضًا لَوْ اشْتَرَى مَنْكُوحَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَإِنَّهُ يُسْقِطُ كُلَّ الصَّدَاقِ مَعَ أَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهِ لِأَنَّ فَسَادَ النِّكَاحِ حُكْمٌ مُعَلَّقٌ بِالْمِلْكِ، وَكُلُّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ بِحَالٍ عَلَى قَبُولِ الْمُشْتَرِي لَا عَلَى إيجَابِ الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا سَقَطَ كُلُّ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ اهـ بِلَفْظِهِ.
وَيُرَدُّ عَلَى صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ إذَا ارْتَدَّ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهَا فُرْقَةٌ هِيَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ كُلَّ الْمَهْرِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُهُ، فَالْحَقُّ أَنْ لَا يُجْعَلَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ضَابِطٌ بَلْ يُحْكَمُ فِي كُلِّ فَرْدٍ بِمَا أَفَادَهُ الدَّلِيلُ اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ.
قَالَ فِي النَّهْرِ: أَقُولُ: فِي دَعْوَى كَوْنِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهِ فِيمَا إذَا مَلَكَهَا أَوْ بَعْضَهَا نَظَرٌ. فَفِي الْبَدَائِعِ: الْفُرْقَةُ الْوَاقِعَةُ بِمِلْكِهِ إيَّاهَا أَوْ شِقْصًا مِنْهَا فُرْقَةٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ حَصَلَتْ بِسَبَبٍ لَا مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ طَلَاقًا فَتُجْعَلُ فَسْخًا اهـ وَسَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي مَحَلِّهِ اهـ كَلَامُ النَّهْرِ ح (قَوْلُهُ إلَّا ثَمَانِيَةً) لِأَنَّهَا تُبْتَنَى عَلَى سَبَبٍ جَلِيٍّ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ: يُبْتَنَى عَلَى سَبَبٍ خَفِيٍّ لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ شَيْءٌ لَا يُعْرَفُ بِالْحِسِّ وَأَسْبَابُهَا مُخْتَلِفَةٌ وَكَذَا بِنُقْصَانِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَخِيَارُ الْبُلُوغِ مَبْنِيٌّ عَلَى قُصُورِ الشَّفَقَةِ وَهُوَ أَمْرٌ بَاطِنِيٌّ وَالْإِبَاءُ رُبَّمَا يُوجَدُ وَرُبَّمَا لَا يُوجَدُ وَكَذَا فِي الْبَحْرِ ح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute