للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّوْجَ مُسْتَفْرِشٌ فَلَا تَغِيظُهُ دَنَاءَةُ الْفِرَاشِ وَهَذَا عِنْدَ الْكُلِّ فِي الصَّحِيحِ، كَمَا فِي الْخَبَّازِيَّةِ لَكِنَّ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا هَذَا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا تُعْتَبَرُ فِي جَانِبِهَا أَيْضًا (وَ) الْكَفَاءَةُ (هِيَ حَقُّ الْوَلِيِّ لَا حَقُّهَا) فَلَوْ نَكَحَتْ رَجُلًا وَلَمْ تَعْلَمْ فَإِذَا هُوَ عَبْدٌ لَا خِيَارَ لَهَا بَلْ لِلْأَوْلِيَاءِ وَلَوْ زَوَّجُوهَا بِرِضَاهَا وَلَمْ يَعْلَمُوا بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ ثُمَّ عَلِمُوا لَا خِيَارَ لِأَحَدٍ إلَّا إذَا

ــ

[رد المحتار]

أَوْ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ جَانِبِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ بِنَفْسِهِ مُكَافِئَةً لَهُ أَوْ لَا فَإِنَّهُ صَحِيحٌ لَازِمٌ وَقَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: الْكَفَاءَةُ لُغَةً: الْمُسَاوَاةُ وَشَرْعًا: مُسَاوَاةُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ فِي الْأُمُورِ الْآتِيَةِ وَفِيهِ إشْعَارٌ: بِأَنَّ نِكَاحَ الشَّرِيفِ الْوَضِيعَةَ لَازِمٌ فَلَا اعْتِرَاضَ لِلْوَلِيِّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ اهـ فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ لُزُومَهُ فِي جَانِبِ الزَّوْجِ إذَا زَوَّجَ نَفْسَهُ كَبِيرًا لَا إذَا زَوَّجَهُ الْوَلِيُّ صَغِيرًا، كَمَا أَنَّ الْكَلَامَ فِي الزَّوْجَةِ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا كَبِيرَةً فَثَبَتَ اعْتِبَارُ الْكَفَاءَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الصَّغِيرَيْنِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ وَالْجَدِّ كَمَا حَرَّرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الظَّهِيرِيَّةِ إلَخْ) لَا وَجْهَ لِلِاسْتِدْرَاكِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ حَيْثُ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ كَانَ حَقُّ التَّرْكِيبِ تَقْدِيمُ الضَّعِيفِ وَالِاسْتِدْرَاكُ عَلَيْهِ بِالصَّحِيحِ، كَمَا فَعَلَ فِي الْبَحْرِ وَذَكَرَ أَنَّ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ غَرِيبٌ وَرَدَّهُ أَيْضًا فِي الْبَدَائِعِ كَمَا بَسَطَهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ هِيَ حَقُّ الْوَلِيِّ لَا حَقُّهَا) كَذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ، وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هِيَ حَقٌّ لَهَا أَيْضًا بِدَلِيلِ أَنَّ الْوَلِيَّ لَوْ زَوَّجَ الصَّغِيرَةَ غَيْرَ كُفْءٍ لَا يَصِحُّ، مَا لَمْ يَكُنْ أَبًا أَوْ جَدًّا غَيْرَ ظَاهِرِ الْفِسْقِ وَلِمَا فِي الذَّخِيرَةِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ السَّادِسِ، مِنْ أَنَّ الْحَقَّ فِي إتْمَامِ الْمَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِلْمَرْأَةِ وَلِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الْكَفَاءَةِ وَعِنْدَهُمَا لِلْمَرْأَةِ لَا غَيْرُ. اهـ.

وَظَاهِرُ قَوْلِهِ كَحَقِّ الْكَفَاءَةِ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَكَذَا مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، لَوْ انْتَسَبَ الزَّوْجُ لَهَا نَسَبًا غَيْرَ نَسَبِهِ؛ فَإِنْ ظَهَرَ دُونَهُ وَهُوَ لَيْسَ بِكُفْءٍ فَحَقُّ الْفَسْخِ ثَابِتٌ لِلْكُلِّ وَإِنْ كَانَ كُفُؤًا فَحَقُّ الْفَسْخِ لَهَا دُونَ الْأَوْلِيَاءِ، وَإِنْ كَانَ مَا ظَهَرَ فَوْقَ مَا أَخْبَرَ فَلَا فَسْخَ لِأَحَدٍ وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ لِأَنَّهَا عَسَى تَعْجِزُ عَنْ الْمُقَامِ مَعَهُ اهـ وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ قُبَيْلَ بَابِ الْعِدَّةِ لَوْ تَزَوَّجَتْهُ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ سُنِّيٌّ أَوْ قَادِرٌ عَلَى الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ فَإِذَا هُوَ لَقِيطٌ أَوْ ابْنُ زِنًا لَهَا الْخِيَارُ. اهـ. وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ هُنَاكَ زَادَ فِي الْبَدَائِعِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِنْ فَعَلَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ فَتَزَوَّجَهَا، ثُمَّ ظَهَرَ بِخِلَافِ مَا أَظْهَرَتْ فَلَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ، سَوَاءٌ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ فِي جَانِبِ النِّسَاءِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ اهـ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْكَلَامَ كَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِلَا إذْنِ الْوَلِيِّ وَحِينَئِذٍ لَمْ يَبْقَ لَهَا حَقٌّ فِي الْكَفَاءَةِ لِرِضَاهَا بِإِسْقَاطِهَا فَبَقِيَ الْحَقُّ لِلْوَلِيِّ فَقَطْ فَلَهُ الْفَسْخُ (قَوْلُهُ فَلَوْ نَكَحَتْ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: لَا حَقُّهَا وَفِيهِ أَنَّ التَّقْصِيرَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا حَيْثُ لَمْ تَبْحَثْ عَنْ حَالِهِ كَمَا جَاءَ مِنْ قِبَلهَا وَقِبَلِ الْأَوْلِيَاءِ فِيمَا لَوْ زَوَّجُوهَا بِرِضَاهَا، وَلَمْ يَعْلَمُوا بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ.

ثُمَّ عَلِمُوا رَحْمَتِيٌّ وَفِي كَلَامِ الْوَلْوَالِجيَّةِ مَا يُفِيدُهُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا وَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْجَوَابِ فَالتَّفْرِيعُ صَحِيحٌ لِأَنَّ سُقُوطَ حَقِّهَا إذَا رَضِيَتْ وَلَوْ مِنْ وَجْهٍ وَهُنَا كَذَلِكَ وَلِذَا لَوْ شَرَطَتْ الْكَفَاءَةَ بَقِيَ حَقُّهَا (قَوْلُهُ لَا خِيَارَ لِأَحَدٍ) هَذَا فِي الْكَبِيرَةِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: نَكَحَتْ رَجُلًا

وَقَوْلُهُ: بِرِضًا فَلَا يُخَالِفُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْبَابِ الْمَارِّ عَنْ النَّوَازِلِ لَوْ زَوَّجَ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ مِمَّنْ يُنْكِرُ أَنَّهُ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ، فَإِذَا هُوَ مُدْمِنٌ لَهُ وَقَالَتْ بَعْدَمَا كَبِرَتْ: لَا أَرْضَى بِالنِّكَاحِ إنْ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ الْأَبُ بِشُرْبِهِ وَكَانَ غَلَبَةُ أَهْلِ بَيْتِهِ صَالِحِينَ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا زَوَّجَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ كُفْءٌ اهـ خِلَافًا لِمَا ظَنَّهُ الْمَقْدِسِيَّ مِنْ إثْبَاتِ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَهُمَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ،

قُلْت: وَلَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ أَنَّ الْأَبَ يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ الصَّغِيرَةَ مِنْ غَيْرِ الْكُفْءِ لِمَزِيدِ شَفَقَتِهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا فَوَّتَ الْكَفَاءَةَ لِمَصْلَحَةٍ تَزِيدُ عَلَيْهَا وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ إذَا عَلِمَهُ غَيْرَ كُفْءٍ، أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ فَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ أَنَّهُ زَوَّجَهَا لِلْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>