(وَالْخَلْوَةُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي كَالْوَطْءِ (بِلَا مَانِعٍ حِسِّيٍّ) كَمَرَضٍ لِأَحَدِهِمَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ (وَطَبْعِيٍّ) كَوُجُودِ ثَالِثٍ عَاقِلٍ ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ، وَجَعَلَهُ فِي الْأَسْرَارِ مِنْ الْحِسِّيِّ، وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلطَّبْعِيِّ مِثَالٌ مُسْتَقِلٌّ (وَشَرْعِيٍّ) كَإِحْرَامٍ لِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ. (وَ) مِنْ الْحِسِّيِّ (رَتَقٌ) بِفَتْحَتَيْنِ: التَّلَاحُمُ (وَقَرْنٌ) بِالسُّكُونِ: عَظْمٌ (وَعَفَلٌ) بِفَتْحَتَيْنِ: غُدَّةٌ (وَصِغَرٌ) وَلَوْ بِزَوْجٍ (لَا يُطَاقُ مَعَهُ الْجِمَاعُ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ كَمَرَضٍ لِأَحَدِهِمَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ) أَيْ أَوْ يَلْحَقُهُ بِهِ ضَرَرٌ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَقِيلَ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي مَرَضِهَا، وَأَمَّا مَرَضُهُ فَمَانِعٌ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يَعْرَى عَنْ تَكَسُّرٍ وَفُتُورٍ عَادَةً وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ.
قُلْت: إنْ كَانَ التَّكَسُّرُ وَالْفُتُورُ مِنْهُ مَانِعًا مِنْ الْوَطْءِ أَوْ مُضِرًّا لَهُ كَانَ مِثْلَ الْمَرْأَةِ فِي اشْتِرَاطِ الْمَنْعِ أَوْ الضَّرَرِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالصَّحِيحِ، فَمَا وَجْهُ كَوْنِ مَرَضِهِ مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الْخُلُوِّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَنَّ مَرَضَهُ فِي الْعَادَةِ يَكُونُ مَانِعًا مِنْ وَطْئِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِ التَّفْصِيلِ فِيهِ بِخِلَافِ مَرَضِهَا فَتَأَمَّلْ.
مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْخَلْوَةِ (قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ فِي الْأَسْرَارِ مِنْ الْحِسِّيِّ) قُلْت: وَجَعَلَهُ فِي الْبَحْرِ مَانِعًا لِتَحَقُّقِ الْخَلْوَةِ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ لِإِقَامَةِ الْخَلْوَةِ مَقَامَ الْوَطْءِ شُرُوطًا أَرْبَعَةً: الْخَلْوَةُ الْحَقِيقِيَّةُ، وَعَدَمُ الْمَانِعِ الْحِسِّيِّ أَوْ الطَّبَعِيِّ أَوْ الشَّرْعِيِّ، فَالْأَوَّلُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ ثَالِثٌ فَلَيْسَتْ بِخَلْوَةٍ وَعَنْ مَكَان لَا يَصْلُحُ لِلْخَلْوَةِ كَالْمَسْجِدِ وَالطَّرِيقِ الْعَامِّ وَالْحَمَّامِ إلَخْ. ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الْأَسْرَارِ أَنَّ هَذَيْنِ مِنْ الْمَانِعِ الْحِسِّيِّ، وَعَلَيْهِ فَالْمَانِعُ الْحِسِّيُّ مَا يَمْنَعُهَا مِنْ أَصْلِهَا أَوْ مَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا بَعْدَ تَحَقُّقِهَا كَالْمَرَضِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِلطَّبَعِيِّ مِثَالٌ مُسْتَقِلٌّ) فَإِنَّهُمْ مَثَّلُوا لِلطَّبَعِيِّ بِوُجُودِ ثَالِثٍ وَبِالْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى مَنْهِيٌّ شَرْعًا وَيَنْفِرُ الطَّبْعُ عَنْهُ فَهُوَ مَانِعٌ حِسِّيٌّ طَبَعِيٌّ شَرْعِيٌّ، وَالثَّانِي طَبَعِيٌّ شَرْعِيٌّ، نَعَمْ سَيَأْتِي عَنْ السَّرَخْسِيِّ أَنَّ جَارِيَةَ أَحَدِهِمَا تَمْنَعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ بِحَضْرَتِهَا طَبْعًا مَعَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ شَرْعًا، فَهُوَ مَانِعٌ طَبَعِيٌّ لَا شَرْعِيٌّ، لَكِنَّهُ حِسِّيٌّ أَيْضًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَإِحْرَامٍ لِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ) لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ قَبْلَ وُقُوفِ عَرَفَةَ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ طَوَافٍ. وَأَطْلَقَ فِي إحْرَامِ النَّفْلِ فَعَمَّ مَا إذَا كَانَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ط.
قُلْت: فَالظَّاهِرُ التَّعْمِيمُ الْأَخِيرُ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْحُرْمَةُ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْحِسِّيِّ إلَخْ) لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْعَطْفِ يَقْتَضِي أَنَّ الرَّتْقَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ يَخْرُجُ عَنْ الْمَوَانِعِ الثَّلَاثَةِ مَعَ أَنَّهَا مِنْ الْحِسِّيِّ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ ط (قَوْلُهُ بِالسُّكُونِ) نَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ لِلْقَاضِي زَكَرِيَّا أَنَّ الْقَرَنَ بِفَتْحِ رَائِهِ أَرْجَحُ مِنْ إسْكَانِهَا (قَوْلُهُ عَظْمٌ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُغْرِبِ: الْقَرَنُ فِي الْفَرْجِ مَانِعٌ يَمْنَعُ مِنْ سُلُوكِ الذَّكَرِ فِيهِ إمَّا غُدَّةٌ غَلِيظَةٌ أَوْ لَحْمٌ أَوْ عَظْمٌ وَامْرَأَةٌ رَتْقَاءُ بِهَا ذَلِكَ اهـ وَمُقْتَضَاهُ تَرَادُفُ الْقَرَنِ وَالرَّتْقِ (قَوْلُهُ وَعَفَلٌ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ، وَقَوْلُهُ غُدَّةٌ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ: أَيْ فِي خَارِجِ الْفَرْجِ. فَفِي الْقَامُوسِ إنَّهُ شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنْ قُبُلِ الْمَرْأَةِ شَبِيهٌ بِالْأُدْرَةِ لِلرِّجَالِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِزَوْجٍ) الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ: أَيْ وَلَوْ كَانَ الصِّغَرُ مُصَاحِبَ الزَّوْجِ، يَعْنِي لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا صَغِيرًا. اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي خَلْوَةِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ قَوْلَانِ وَجَزَمَ قَاضِي خَانْ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدَ وَلِذَا قَيَّدَ فِي الذَّخِيرَةِ بِالْمُرَاهِقِ اهـ وَتَجِبُ الْعِدَّةُ بِخَلْوَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً لِأَنَّ تَصْرِيحَهُمْ بِوُجُوبِهَا بِالْخَلْوَةِ الْفَاسِدَةِ شَامِلٌ لِخَلْوَةِ الصَّبِيِّ كَذَا فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ لَا يُطَاقُ مَعَهُ الْجِمَاعُ) وَقَدَرَتْ الْإِطَاقَةَ بِالْبُلُوغِ، وَقِيلَ بِالتِّسْعِ وَالْأَوْلَى عَدَمُ التَّقْدِيرِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ: وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ تُطِيقُهُ وَأَرَادَ الدُّخُولَ وَأَنْكَرَ الْأَبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute