عَدَمُ صَلَاحِيَةِ الْمَكَانِ كَمَسْجِدٍ وَطَرِيقٍ وَحَمَّامٍ وَصَحْرَاءَ وَسَطْحِ وَبَيْتٍ بَابُهُ مَفْتُوحٌ، وَمَا إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا.
(وَصَوْمُ التَّطَوُّعِ وَالْمَنْذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْقَضَاءِ غَيْرُ مَانِعٍ لِصِحَّتِهَا) فِي الْأَصَحِّ، إذْ لَا كَفَّارَةَ بِالْإِفْسَادِ وَمَفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فَأَمْسَكَ فَخَلَا بِهَا
ــ
[رد المحتار]
قَالَ: وَزَادَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ فِي هَذَا الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْوَطْءِ وَسَيَأْتِي وُجُوبُهَا فِي الْخَلْوَةِ الْفَاسِدَةِ عَلَى الصَّحِيحِ فَتَجِبُ الْعِدَّةُ هُنَا احْتِيَاطًا اهـ وَمَشَى الشَّارِحُ فِيمَا سَيَأْتِي فِي صَفْحَةٍ عَلَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ وَسَيَأْتِي أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ افْتَرَقَا أَنَّ امْتِنَاعَهَا مِنْ تَمْكِينِهِ فِي الْخَلْوَةِ يَمْنَعُ صِحَّتَهَا لَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا، لَا لَوْ بِكْرًا (قَوْلُهُ عَدَمُ صَلَاحِيَةِ الْمَكَانِ) أَيْ لِلْخَلْوَةِ وَصَلَاحِيَتِهِ، بِأَنْ يَأْمَنَا فِيهِ اطِّلَاعَ غَيْرِهِمَا عَلَيْهِمَا كَالدَّارِ وَالْبَيْتِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَقْفٌ، وَكَذَا الْمَحَلُّ الَّذِي عَلَيْهِ قُبَّةٌ مَضْرُوبَةٌ، وَالْبُسْتَانُ الَّذِي لَهُ بَابٌ مُغْلَقٌ، بِخِلَافِ مَا لَيْسَ لَهُ بَابٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَحَدٌ بَحْرٌ؛ وَلَوْ كَانَا فِي مَخْزَنٍ مِنْ خَانٍ يَسْكُنُهُ النَّاسُ فَرَدَّ الْبَابَ وَلَمْ يُغْلِقْ وَالنَّاسُ قُعُودٌ فِي وَسَطِهِ غَيْرُ مُتَرَصِّدِينَ لِنَظَرِهِمَا صَحَّتْ، وَإِنْ كَانُوا مُتَرَصِّدِينَ فَلَا فَتْحٌ (قَوْلُهُ كَمَسْجِدٍ وَطَرِيقٍ) لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَجْمَعُ النَّاسِ فَلَا يَأْمَنُ الدُّخُولَ عَلَيْهِ سَاعَةً فَسَاعَةً وَكَذَا الْوَطْءُ فِيهِ حَرَامٌ. قَالَ تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] وَالطَّرِيقُ مَمَرُّ النَّاسِ عَادَةً وَذَلِكَ يُوجِبُ الِانْقِبَاضَ فَيَمْنَعُ الْوَطْءَ بَدَائِعُ.
قُلْت: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا الْوَطْءُ فِيهِ حَرَامٌ إلَخْ أَنَّهُ مَانِعٌ وَإِنْ كَانَ خَالِيًا وَبَابُهُ مُغْلَقٌ فَتَأَمَّلْ. وَفِي الْفَتْحِ وَلَوْ سَافَرَ بِهَا فَعَدَلَ عَنْ الْجَادَّةِ بِهَا إلَى مَكَان خَالٍ فَهِيَ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ وَحَمَّامٍ) أَيْ بَابُهُ مَفْتُوحٌ، أَمَّا لَوْ كَانَ مَقْفُولًا عَلَيْهِمَا وَحْدَهُمَا فَلَا مَانِعَ مِنْ صِحَّتِهَا كَمَا لَا يَخْفَى فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَسَطْحٍ) أَيْ لَيْسَ عَلَى جَوَانِبِهِ سُتُرٌ وَكَذَا إذَا كَانَ السِّتْرُ رَقِيقًا أَوْ قَصِيرًا بِحَيْثُ لَوْ قَامَ إنْسَانٌ يَطَّلِعُ عَلَيْهِمَا فَتْحٌ. وَفِيهِ: وَلَا تَصِحُّ فِي الْمَسْجِدِ وَالْحَمَّامِ. وَقَالَ شَدَّادٌ: إنْ كَانَتْ ظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ صَحَّتْ لِأَنَّهَا كَالسَّاتِرِ. وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ تَصِحُّ عَلَى سَطْحٍ لَا سَاتِرَ لَهُ إذَا كَانَتْ ظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ. وَالْأَوْجَهُ أَنْ لَا تَصِحَّ لِأَنَّ الْمَانِعَ الْإِحْسَاسُ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْبَصَرِ؛ أَلَا تَرَى إلَى الِامْتِنَاعِ لِوُجُودِ الْأَعْمَى وَلَا إبْصَارَ لِلْإِحْسَاسِ. اهـ.
قُلْت: الْإِحْسَاسُ إنَّمَا يُمْكِنُ إذَا كَانَ مَعَهُمَا أَحَدٌ عَلَى السَّطْحِ، أَمَّا لَوْ كَانَ فَوْقَهُ وَحْدَهُمَا وَأَمِنَا مِنْ صُعُودِ أَحَدٍ إلَيْهِمَا لَمْ يَبْقَ الْإِحْسَاسُ إلَّا بِالْبَصَرِ وَالظُّلْمَةِ الشَّدِيدَةِ تَمْنَعُهُ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَبَيْتٍ بَابُهُ مَفْتُوحٌ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ نَظَرَ إنْسَانٌ رَآهُمَا، وَفِيهِ خِلَافٌ.
فَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: إنْ كَانَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمَا أَحَدٌ إلَّا بِإِذْنٍ فَهِيَ خَلْوَةٌ. وَاخْتَارَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ مَانِعٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ بَحْرٌ. وَوَجْهُهُ أَنَّ إمْكَانَ النَّظَرِ مَانِعٌ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى الدُّخُولِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ (وَقَوْلُهُ وَمَا إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا) لِأَنَّ التَّمَكُّنَ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ الْمَعْرِفَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَعْرِفْهُ. وَالْفَرْقُ أَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ وَطْئِهَا إذَا عَرَفَهَا وَلَمْ تَعْرِفْهُ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ. وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَعْرِفْهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ مِنْهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَمْنَعُهُ مِنْ وَطْئِهَا بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَانِعًا فَتَأَمَّلْ ح.
قُلْت: إنَّ هَذَا الْمَانِعَ بِيَدِهِ إزَالَتُهُ، بِأَنْ يُخْبِرَهَا أَنَّهُ زَوْجُهَا فَلَمَّا جَاءَ التَّقْصِيرُ مِنْ جِهَتِهِ يُحْكَمُ بِصِحَّةِ الْخَلْوَةِ فَيَلْزَمُ الْمَهْرُ ط
(قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، لَكِنْ صَرَّحَ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّ رِوَايَةَ الْمَنْعِ فِي التَّطَوُّعِ شَاذَّةٌ وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الْخَانِيَّةِ: وَفِي صَوْمِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْمَنْذُورَاتِ رِوَايَتَانِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْخُلُوَّ وَصَوْمُ التَّطَوُّعِ لَا يَمْنَعُهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَقِيلَ يَمْنَعُ. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute