للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا فِي وُقُوعِ طَلَاقٍ بَائِنٍ آخَرَ عَلَى الْمُخْتَارِ (لَا) تَكُونُ كَالْوَطْءِ (فِي حَقِّ) بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ كَالْغُسْلِ وَ (الْإِحْصَانِ وَحُرْمَةِ الْبَنَاتِ وَحِلِّهَا لِلْأَوَّلِ وَالرَّجْعَةِ

ــ

[رد المحتار]

كَالْمَوْطُوءَةِ تَوَقَّفَ طَلَاقُهَا بِالطُّهْرِ فَلَا يَحِلُّ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي وُقُوعِ طَلَاقٍ بَائِنٍ آخَرَ إلَخْ) فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ آخَرُ فِي عِدَّةِ الْخَلْوَةِ، وَقِيلَ لَا اهـ وَفِي الذَّخِيرَةِ: وَأَمَّا وُقُوعُ طَلَاقٍ آخَرَ فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ فَقَدْ قِيلَ لَا يَقَعُ وَقِيلَ يَقَعُ، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَمَّا اخْتَلَفَتْ يَجِبُ الْقَوْلُ بِالْوُقُوعِ احْتِيَاطًا، ثُمَّ هَذَا الطَّلَاقُ يَكُونُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَكُونُ بَائِنًا اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَشَرْحِهَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا خَلَا بِهَا خَلْوَةً صَحِيحَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً فَلَا شُبْهَةَ فِي وُقُوعِهَا، فَإِذَا طَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ طَلْقَةً أُخْرَى فَمُقْتَضَى كَوْنِهَا مُطَلَّقَةً قَبْلَ الدُّخُولِ أَنْ لَا تَقَعَ عَلَيْهَا الثَّانِيَةُ، لَكِنْ لَمَّا اخْتَلَفَتْ الْأَحْكَامُ فِي الْخَلْوَةِ فِي أَنَّهَا تَارَةً تَكُونُ كَالْوَطْءِ وَتَارَةً لَا تَكُونُ جَعَلْنَاهَا كَالْوَطْءِ فِي هَذَا فَقُلْنَا بِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ احْتِيَاطًا لِوُجُودِهَا فِي الْعِدَّةِ، وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ آخَرُ إذَا لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً بِخِلَافِ هَذِهِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَجْهَ كَوْنِ الطَّلَاقِ الثَّانِي بَائِنًا هُوَ الِاحْتِيَاطُ أَيْضًا، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلطَّلَاقِ الْأَوَّلِ. وَأَفَادَ الرَّحْمَتِيُّ أَنَّهُ بَائِنٌ أَيْضًا لِأَنَّ طَلَاقَ قَبْلِ الدُّخُولِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْعِدَّةِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا وَجَبَتْ لِجَعْلِنَا الْخَلْوَةَ كَالْوَطْءِ احْتِيَاطًا، فَإِنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُ الْوَطْءِ فِي الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ وَلِأَنَّ الرَّجْعَةَ حَقُّ الزَّوْجِ وَإِقْرَارُهُ بِأَنَّهُ طَلَّقَ قَبْلَ الْوَطْءِ يَنْفُذُ عَلَيْهِ فَيَقَعُ بَائِنًا، وَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ لَا تَعْقُبُهُ الرَّجْعَةُ يَلْزَمُ كَوْنُ الثَّانِي مِثْلَهُ. اهـ. وَيُشِيرُ إلَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ طَلَاقٌ بَائِنٌ آخَرُ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْأَوَّلَ بَائِنٌ أَيْضًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي قَرِيبًا مِنْ أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ بَعْدَهُ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ، وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الذَّخِيرَةِ هُوَ الطَّلَاقُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فَافْهَمْ. ثُمَّ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وُقُوعُ الْبَائِنِ أَوَّلًا وَثَانِيًا وَإِنْ كَانَ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ، وَطَلَاقُ الْمَوْطُوءَةِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَيُخَالِفُ الْخَلْوَةُ الْوَطْءَ فِي ذَلِكَ.

وَأَجَابَ ح: بِأَنَّ الْمُرَادَ التَّشْبِيهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَهُوَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وُقُوعَ طَلَاقٍ بَعْدَ آخَرَ. اهـ. وَأَمَّا الْجَوَابُ بِأَنَّ الْبَائِنَ قَدْ يَلْحَقُ الْبَائِنَ فِي الْمَوْطُوءِ فَلَا يَدْفَعُ الْمُخَالَفَةَ الْمَذْكُورَةَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَالْغُسْلِ) أَيْ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمُجَرَّدِ الْخَلْوَةِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ وَالْإِحْصَانِ) فَلَوْ زَنَى بَعْدَ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ لَا يَلْزَمُهُ الرَّجْمُ لِفَقْدِ شَرْطِ الْإِحْصَانِ وَهُوَ الْوَطْءُ. قَالَ فِي عَقْدِ الْفَرَائِدِ: وَهَذَا إنْ لَمْ يَفْهَمْ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ فَهُوَ سَاكِتٌ عَنْ ثُبُوتِ الْإِحْصَانِ لَهَا بِذَلِكَ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِيهِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِيهِ صَرِيحٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قُلْت: وَفِي الْبَحْرِ وَلَمْ يُقِيمُوهَا مَقَامَ الْوَطْءِ فِي حَقِّ الْإِحْصَانِ إنْ تَصَادَقَا عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ، وَإِنْ أَقَرَّا بِهِ لَزِمَهُمَا حُكْمُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أَحَدُهُمَا صَدَقَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ دُونَ صَاحِبِهِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَحُرْمَةُ الْبَنَاتِ) أَيْ لَمْ يُقِيمُوا الْخُلُوَّ مَقَامَ الْوَطْءِ فِي ذَلِكَ، فَلَوْ خَلَا بِزَوْجَتِهِ بِدُونِ وَطْءٍ وَلَا مَسٍّ بِشَهْوَةٍ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ بَنَاتُهَا، بِخِلَافِ الْوَطْءِ وَالْكَلَامُ فِي الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّبْيِينِ وَالْفَتْحِ وَغَيْرِهِمَا، فَمَا حَرَّرَهُ فِي عَقْدِ الْفَرَائِدِ مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّ حُرْمَةَ الْبَنَاتِ بِالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الصَّاحِبَيْنِ، وَالْخِلَافُ فِي الْفَاسِدَةِ. قَالَ الثَّانِي تَحْرُمُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَحْرُمُ فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَمِمَّا ادَّعَاهُ مِنْ عَدَمِ الْخِلَافِ مَمْنُوعٌ كَمَا بَسَطَهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَحِلِّهَا لِلْأَوَّلِ) أَيْ لَا تَحِلُّ مُطَلَّقَةُ الثَّلَاثِ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ خَلْوَةِ الثَّانِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وَطْئِهِ لِحَدِيثِ الْعُسَيْلَةِ (قَوْلُهُ وَالرَّجْعَةِ) أَيْ لَا يَصِيرُ مُرَاجِعًا بِالْخَلْوَةِ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>