(كَمَا فِي النَّفَقَةِ) فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِهَا إلَّا إذَا ضَمِنَ، وَلَا رُجُوعَ لِلْأَبِ إلَّا إذَا أَشْهَدَ عَلَى الرُّجُوعِ عِنْدَ الْأَدَاءِ
ــ
[رد المحتار]
أَنَّهُ فِي الْمِعْرَاجِ ذَكَرَ مَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْمَهْرَ لَا يَلْزَمُ أَبَا الْفَقِيرِ بِلَا ضَمَانٍ، فَتَعَيَّنَ كَوْنُ الْأَوَّلِ فِي الْغِنَى.
قُلْت: وَأَصْرَحُ مِنْ هَذَا مَا فِي الْعِنَايَةِ حَيْثُ قَالَ نَاقِلًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: إنَّ الْأَبَ إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَ امْرَأَةً فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَطْلُبَ الْمَهْرَ مِنْ أَبِي الزَّوْجِ، فَيُؤَدِّيَ الْأَبُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ إلَخْ. وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا مَحَلَّ لَهُ (قَوْلُهُ كَمَا فِي النَّفَقَةِ) أَيْ أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ أَبُو الصَّغِيرُ بِالنَّفَقَةِ إلَّا إذَا ضَمِنَ، كَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً وَلَيْسَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَتُهَا وَيَسْتَدِينُ الْأَبُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الِابْنِ إذَا أَيْسَرَ اهـ.
وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا مَالَ لَهُ لَمْ يُؤَاخَذْ أَبُوهُ بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَمِنَهَا. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ.
قُلْت: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ النَّفَقَةِ فِي الْفُرُوعِ حَيْثُ قَالَ وَفِي الْمُخْتَارِ وَالْمُلْتَقَى، وَنَفَقَةُ زَوْجَةِ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ فَقِيرًا أَوْ زَمِنًا. اهـ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا سَيَأْتِي عَلَى أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى الِابْنِ إذَا أَيْسَرَ، كَمَا لَوْ قَالُوا الِابْنُ الْمُوسِرُ إذَا كَانَتْ أُمُّهُ وَزَوْجُهَا مُعْسِرَيْنِ يُؤْمَرُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أُمِّهِ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى زَوْجِهَا إذَا أَيْسَرَ، وَيُؤَيِّدُهُ عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ الْمَذْكُورَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لِلْأَبِ إلَخْ) أَيْ لَوْ أَدَّى الْأَبُ الْمَهْرَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ، قِيلَ لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَا رُجُوعَ لَهُ إلَّا بِالْأَمْرِ وَلَمْ يُوجَدْ، لَكِنْ قَدَّمْنَا أَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى كَفَالَتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْأَمْرِ لِثُبُوتِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ. وَلِهَذَا لَوْ ضَمِنَهُ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِ الْأَبِ يَرْجِعُ، فَكَذَا الْأَبُ، نَعَمْ ذَكَرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ رُجُوعَ الْأَبِ لِمَا ذُكِرَ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: لَا رُجُوعَ لَهُ لِتَحَمُّلِهِ عَنْهُ عَادَةً بِلَا طَمَعٍ فِي الرُّجُوعِ وَالثَّابِتُ بِالْعُرْفِ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ إلَّا إذَا شَرَطَ الرُّجُوعَ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ فَيَرْجِعُ لِأَنَّ الصَّرِيحَ يَفُوقُ الدَّلَالَةَ أَعْنِي الْعُرْفَ، بِخِلَافِ الْوَصِيِّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِعَدَمِ الْعَادَةِ فِي تَبَرُّعِهِ، فَصَارَ كَبَقِيَّةِ الْأَبِ. اهـ. فَعَدَمُ الرُّجُوعِ بِلَا إشْهَادٍ مَخْصُوصٌ بِالْأَبِ، وَمُقْتَضَى هَذَا رُجُوعُ الْأُمِّ أَيْضًا حَيْثُ لَا عُرْفَ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً وَكَفَلَتْهُ، أَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَقَدْ صَارَ حَادِثَةَ الْفَتْوَى فِي صَبِيٍّ زَوَّجَهُ وَلِيُّهُ وَدَفَعَتْ أُمُّهُ عَنْهُ الْمَهْرَ وَهِيَ غَيْرُ وَصِيٍّ عَلَيْهِ ثُمَّ بَلَغَ فَأَرَادَتْ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ. وَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ عَدَمُ الرُّجُوعِ لِإِيفَائِهَا دَيْنَ الصَّبِيِّ بِلَا إذْنٍ وَلَا وِلَايَةٍ، لَا سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ الْآتِي مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِشْهَادِ فِي غَيْرِ الْأَبِ تَأَمَّلْ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ إذَا أَشْهَدَ أَيْ الْأَبُ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَنَّهُ أَدَّى لِيَرْجِعَ رَجَعَ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ عِنْدَ الضَّمَانِ. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِشْهَادَ عِنْدَ الضَّمَانِ أَوْ الْأَدَاءِ شَرْطُ الرُّجُوعِ كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَقَيَّدَهُ فِي الْفَتْحِ بِمَا إذَا كَانَ الصَّغِيرُ فَقِيرًا وَاعْتِرَاضُهُ فِي النَّهْرِ بِمَا مَرَّ مِنْ غَايَةِ الْبَيَانِ أَيْ مِنْ حَيْثُ مُطْلَقُ عُمُومِ التَّعْلِيلِ بِالْعُرْفِ.
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا فِي الْفَتْحِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اطِّرَادِ الْعُرْفِ إذَا كَانَ الصَّغِيرُ غَنِيًّا فَلَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ وَلَا سِيَّمَا لَوْ كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا فَتَأَمَّلْ.
وَبَقِيَ مَا لَوْ دَفَعَ بِلَا ضَمَانٍ، وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِالْعَادَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، فَيَرْجِعُ إنْ أَشْهَدَ وَإِلَّا لَا وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي آخِرِ بَابِ الْوَصِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى لِطِفْلِهِ ثَوْبًا أَوْ طَعَامًا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ يَرْجِعُ بِهِ لَوْ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا لَا لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ ح. وَمِثْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute