للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَخَذَ أَهْلُ الْمَرْأَةِ شَيْئًا عِنْدَ التَّسْلِيمِ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ) لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ.

(جَهَّزَ ابْنَتَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ مَا دَفَعَهُ لَهَا عَارِيَّةً وَقَالَتْ هُوَ تَمْلِيكٌ أَوْ قَالَ الزَّوْجُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهَا لِيَرِثَ مِنْهُ وَقَالَ الْأَبُ) أَوْ وَرَثَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ (عَارِيَّةٌ فَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ (الْقَوْلَ لِلزَّوْجِ وَلَهَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ مُسْتَمِرًّا أَنَّ الْأَبَ يَدْفَعُ مِثْلَهُ جِهَازًا لَا عَارِيَّةً، وَ) أَمَّا (إنْ مُشْتَرَكًا) كَمِصْرِ وَالشَّامِ (فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ)

ــ

[رد المحتار]

أَخْذُهُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ دِيَانَةً كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالدُّرَرِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بَعْدَمَا سَلَّمَهُ إلَيْهَا وَهِيَ كَبِيرَةٌ

(قَوْلُهُ عِنْدَ التَّسْلِيمِ) أَيْ بِأَنْ أَبَى أَنْ يُسَلِّمَهَا أَخُوهَا أَوْ نَحْوُهُ حَتَّى يَأْخُذَ شَيْئًا، وَكَذَا لَوْ أَبَى أَنْ يُزَوِّجَهَا فَلِلزَّوْجِ الِاسْتِرْدَادُ قَائِمًا أَوْ هَالِكًا لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ بَزَّازِيَّةٌ. وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ بِرَمْزِ الْأَسْرَارِ لِلْعَلَّامَةِ نَجْمِ الدِّينِ: وَإِنْ أَعْطَى إلَى رَجُلٍ شَيْئًا لِإِصْلَاحِ مَصَالِحِ الْمُصَاهَرَةِ إنْ كَانَ مِنْ قَوْمِ الْخَطِيبَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ الَّذِينَ يَقْدِرُونَ عَلَى الْإِصْلَاحِ وَالْفَسَادِ وَقَالَ هُوَ أُجْرَةٌ لَك عَلَى الْإِصْلَاحِ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ قَالَ عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ وَالسُّكُوتِ يَرْجِعُ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ، وَالْأُجْرَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ وَالسُّكُوتُ لَيْسَ بِعَمَلٍ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ أُجْرَةٌ يَرْجِعُ؛ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ، إنْ قَالَ هُوَ عَطِيَّةٌ أَوْ أُجْرَةٌ لَك عَلَى الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ أَوْ الْكَلَامِ أَوْ الرِّسَالَةِ بَيْنِي وَبَيْنَهَا لَا يَرْجِعُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا مِنْهَا يَكُونُ هِبَةً لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا إنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ

(قَوْلُهُ وَقَالَتْ هُوَ تَمْلِيكٌ) كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا. وَيُشْكِلُ جَعْلُ الْقَوْلِ لَهَا بِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِمِلْكِيَّةِ الْأَبِ وَانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهَا مِنْ جِهَتِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ أَقَرَّتْ بِأَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ اشْتَرَاهُ لِي زَوْجِي سَقَطَ قَوْلُهَا لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ بِالْمِلْكِ لَهُ ثُمَّ ادَّعَتْ الِانْتِقَالَ إلَيْهَا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلٍ. اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الَّتِي عَمِلُوا فِيهَا بِالظَّاهِرِ كَاخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَأْتِي فِي كِتَابِ الدَّعْوَى آخِرَ بَابِ التَّحَالُفِ، وَمِثْلُهُ مَا مَرَّ فِي الِاخْتِلَافِ فِي دَعْوَى الْمَهْرِ وَالْهَدِيَّةِ (قَوْلُهُ فَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ) عَبَّرَ عَنْهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى. وَمُقَابَلَةُ مَا نَقَلَهُ قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ لَهَا أَيْ بِدُونِ تَفْصِيلٍ بِشَهَادَةِ الظَّاهِرِ لِأَنَّ الْعَادَةَ دَفْعُ ذَلِكَ هِبَةً. وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْأَبِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنْ جِهَتِهِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ الْمُعْتَمَدَ تَوْفِيقٌ بَيْنَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يُجْعَلُ خِلَافًا لَفْظِيًّا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ) أَيْ مَعَ الْيَمِينِ كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ.

قُلْت: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْقَوْلِ لِلْأَبِ بِمَا إذَا كَانَ الْجِهَازُ كُلُّهُ مِنْ مَالِهِ، أَمَّا لَوْ جَهَّزَهَا بِمَا قَبَضَهُ مِنْ مَهْرِهَا فَلَا لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ لَهَا حَيْثُ كَانَتْ رَاضِيَةً بِذَلِكَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِذْنِ مِنْهَا عُرْفًا نَعَمْ لَوْ زَادَ عَلَى مَهْرِهَا فَالْقَوْلُ لَهُ فِي الزَّائِدِ إنْ كَانَ الْعُرْفُ مُشْتَرَكًا.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: إنَّ الْعَادَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ إذَا اطَّرَدَتْ أَوْ غَلَبَتْ، وَلِذَا قَالُوا فِي الْبَيْعِ: لَوْ بَاعَ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فِي بَلَدٍ اخْتَلَفَ فِيهَا النُّقُودُ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَالِيَّةِ وَالزَّوَاجِ انْصَرَفَ الْبَيْعُ إلَى الْأَغْلَبِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَارَفُ فَيَنْصَرِفُ الْمُطْلَقُ إلَيْهِ اهـ كَلَامُ الْأَشْبَاهِ.

مَطْلَبٌ فِي دَعْوَى الْأَبِ أَنَّ الْجِهَازَ عَارِيَّةٌ قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ اسْتِمْرَارِ الْعُرْفِ هُنَا غَلَبَتُهُ، وَمِنْ الِاشْتِرَاكِ كَثْرَةُ كُلِّ مِنْهُمَا إذْ لَا نَظَرَ إلَى النَّادِرِ وَلِأَنَّ حَمْلَ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَفْرَادِ النَّاسِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ لَا يُمْكِنُ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إحَالَةُ الْمَسْأَلَةِ إذْ لَا شَكَّ فِي صُدُورِ الْعَارِيَّةِ مِنْ بَعْضِ الْأَفْرَادِ وَالْعَادَةُ الْفَاشِيَةُ الْغَالِبَةُ فِي أَشْرَافِ النَّاسِ وَأَوْسَاطِهِمْ دَفْعُ مَا زَادَ عَلَى الْمَهْرِ مِنْ الْجِهَازِ تَمْلِيكًا سِوَى مَا يَكُونُ عَلَى الزَّوْجَةِ لَيْلَةَ الزِّفَافِ مِنْ الْحُلِيِّ وَالثِّيَابِ، فَإِنَّ الْكَثِيرَ مِنْهُ أَوْ الْأَكْثَرَ عَارِيَّةٌ، فَلَوْ مَاتَتْ لَيْلَةَ الزِّفَافِ لَمْ يَكُنْ لِلرَّجُلِ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ لَهَا يَلِي الْقَوْلُ فِيهِ لِلْأَبِ أَوْ الْأُمِّ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ أَوْ مُسْتَعَارٌ لَهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>