وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَهُ إلَّا مَنْ يَمْلِكُ إعْتَاقَهُ دُرَرٌ
(فَإِنْ) (نَكَحُوا بِالْإِذْنِ فَالْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْقِنِّ وَغَيْرِهِ لِوُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ مِنْهُ (وَيَسْقُطَانِ بِمَوْتِهِمْ) لِفَوَاتِ مَحَلِّ الِاسْتِيفَاءِ (وَبِيعَ قِنٌّ فِيهِمَا لَا) يُبَاعُ (غَيْرُهُ) كَمُدَبَّرٍ بَلْ يَسْعَى، وَلَوْ مَاتَ مَوْلَاهُ لَزِمَهُ جُمْلَةً إنْ قَدَرَ نَهْرٌ وَقُنْيَةٌ (وَلَكِنَّهُ يُبَاعُ فِي النَّفَقَةِ مِرَارًا) إنْ تَجَدَّدَتْ
ــ
[رد المحتار]
فِي الْغَنِيمَةِ الْمُحْرَزَةِ بِدَارِنَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَالْوَقْفِ إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَالْمُتَوَلِّي، وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ فِي الْأَمَةِ دُونَ الْعَبْدِ كَالْوَصِيِّ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ الْعَبْدِ إلَّا مَنْ يَمْلِكُ إعْتَاقَهُ. اهـ. أَيْ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْعَبْدِ وَأَمَّا فِي الْأَمَةِ فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ تَخْرِيجًا عَلَى الْوَصِيِّ كَمَا قَالَ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ اقْتَصَرَ عَلَى الْمُتَوَلِّي وَلَمْ يَذْكُرْ الْإِمَامُ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي مُسْتَقَيَانِ مِنْ وَادٍ وَاحِدٍ، لَكِنَّ الْإِمَامَ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ مُلْحَقٌ بِالْوَصِيِّ أَيْضًا، حَتَّى إِنَّهُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ عَقَارِ بَيْتِ الْمَالِ إلَّا فِيمَا يَمْلِكُهُ الْوَصِيُّ، وَلَهُ بَيْعُ عَبْدِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْإِحْرَازِ وَبَعْدَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْلِكَ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْعَبْدُ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ زَوَّجَ الْأَبُ جَارِيَةَ ابْنِهِ مِنْ عَبْدِ ابْنِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، بِخِلَافِ الْوَصِيِّ لَكِنْ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ بَحْرٌ
(قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ مِنْ مُدَبَّرٍ وَمُكَاتَبٍ.
(قَوْلُهُ لِوُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقِنِّ وَغَيْرِهِ فَإِنَّ الْعَقْدَ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَقَدْ وُجِدَ مِنْ أَهْلِهِ مَعَ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ وَهُوَ حَقُّ الْمَوْلَى لِإِذْنِهِ بِالْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ وَيَسْقُطَانِ بِمَوْتِهِمْ) قَيَّدَ سُقُوطَ الْمَهْرِ فِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَلَوْ زَوَّجَ عَبْدًا مَأْذُونًا بِمَا إذَا لَمْ يَتْرُكْ كَسْبًا، وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ إشَارَةٌ إلَيْهِ أَمَّا النَّفَقَةُ وَلَوْ مَقْضِيَّةً فَتَسْقُطُ عَنْ الْحُرِّ بِمَوْتِهِ فَالْعَبْدُ بِالْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ وَبِيعَ قِنٌّ) أَيْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ تَعَلَّقَ فِي رَقَبَتِهِ وَقَدْ ظَهَرَ فِي حَقِّ الْمَوْلَى بِإِذْنِهِ فَيُؤْمَرُ بِبَيْعِهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ بَاعَهُ الْقَاضِي بِحَضْرَتِهِ إلَّا إذَا رَضِيَ أَنْ يُؤَدِّيَ قَدْرَ ثَمَنِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ نَهْرٌ، وَاشْتِرَاطُ حَضْرَةِ الْمَوْلَى لِاحْتِمَالِ أَنْ يَفْدِيَهُ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ أَنَّ لِلْغُرَمَاءِ اسْتِسْعَاءَهُ أَيْضًا قَالَ فِي الْبَحْرِ مِنْ النَّفَقَةِ وَمُفَادُهُ أَنَّ زَوْجَتَهُ لَوْ اخْتَارَتْ اسْتِسْعَاءَهُ لِنَفَقَةِ كُلِّ يَوْمٍ أَنْ يَكُونَ لَهَا ذَلِكَ أَيْضًا. اهـ. قُلْت: وَكَذَا لِلْمَهْرِ.
(قَوْلُهُ كَمُدَبَّرٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمُكَاتَبَ وَمُعْتَقَ الْبَعْضِ وَابْنَ أُمِّ الْوَلَدِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ بَلْ يَسْعَى) لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْبَيْعَ فَيُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ لَا مِنْ نَفْسِهِ، فَلَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ صَارَ الْمَهْرُ دَيْنًا فِي رَقَبَتِهِ فَيُبَاعُ فِيهِ إلَّا إذَا أَدَّى الْمَهْرَ مَوْلَاهُ وَاسْتَخْلَصَهُ كَمَا فِي الْقِنِّ. وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَوْ عَادَ إلَى الرِّقِّ بِحُكْمِ شَافِعِيٍّ بِبَيْعِهِ أَنْ يَصِيرَ الْمَهْرُ فِي رَقَبَتِهِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ مَوْلَاهُ إلَخْ) فِي الْقُنْيَةِ: زَوَّجَ مُدَبَّرَهُ امْرَأَةً ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَالْمَهْرُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ يُؤْخَذُ بِهِ إذَا عَتَقَ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ حُكْمَهُ السِّعَايَةُ قَبْلَ الْعِتْقِ لَا التَّأَخُّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ بَحْرٌ. قَالَ فِي النَّهْرِ: هَذَا مَدْفُوعٌ بِأَنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ فِيهِ إفَادَةُ حُكْمٍ سَكَتُوا عَنْهُ، هُوَ أَنَّ الْمُدَبَّرَ إذَا لَزِمَتْهُ السِّعَايَةُ فِي حَيَاةِ الْمَوْلَى هَلْ يُؤَاخَذُ بِالْمَهْرِ بَعْدَ الْعِتْقِ؟ قَالَ نَعَمْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ جُمْلَةً وَاحِدَةً حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ وَيَبْطُلُ حُكْمُ السِّعَايَةِ. اهـ.
أَقُولُ: حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُدَبَّرَ يَسْعَى فِي حَيَاةِ مَوْلَاهُ فِي الْمَهْرِ، أَمَّا بَعْدَ مَوْتِ مَوْلَاهُ فَإِنَّهُ يَسْعَى أَوَّلًا فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِتَخْلِيصِ رَقَبَتِهِ مِنْ الرِّقِّ وَيَصِيرُ الْمَهْرُ فِي رَقَبَتِهِ يُؤَدِّيهِ بَعْدَ عِتْقِهِ كَدَيْنِ الْأَحْرَارِ لَا بِطَرِيقِ السِّعَايَةِ، فَإِنْ وُجِدَ مَعَهُ جُمْلَةً أُخِذَ مِنْهُ وَإِلَّا عُومِلَ مُعَامَلَةَ الْمَدْيُونِ الْمُعْسِرِ، وَلَمَّا كَانَ فَهْمُ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَةِ الْقُنْيَةِ فِيهِ خَفَاءٌ عَزَا ذَلِكَ إلَيْهَا وَإِلَى النَّهْرِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ إنْ تَجَدَّدَتْ) يَعْنِي إنْ لَزِمَهُ نَفَقَةٌ فَبِيعَ فِيهَا فَلَمْ يَفِ ثَمَنُهُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ بَقِيَ الْفَضْلُ فِي ذِمَّتِهِ فَيُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فَلَا يُبَاعُ فِيهِ عِنْدَ السَّيِّدَ الثَّانِي. ثُمَّ إنْ تَجَمَّعَتْ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ عِنْدَ السَّيِّدِ الثَّانِي بِيعَ فِيهَا وَيُفْعَلُ بِالْفَضْلِ كَمَا مَرَّ ح وَوَجْهُهُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّ النَّفَقَةَ يَتَجَدَّدُ وُجُوبُهَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَذَلِكَ فِي حُكْمِ دَيْنٍ حَادِثٍ. اهـ. أَيْ أَنَّ