للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُرِّيَّةَ أَوْلَادِهَا فِيهِ صَحَّ وَعَتَقَ كُلُّ مَنْ وَلَدَتْهُ فِي هَذَا النِّكَاحِ لِأَنَّ قَبُولَ الْمَوْلَى الشَّرْطَ وَالتَّزْوِيجَ عَلَى اعْتِبَارِهِ هُوَ مَعْنَى تَعْلِيقِ الْحُرِّيَّةِ بِالْوِلَادَةِ فَيَصِحُّ فَتْحٌ، وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ الْوَضْعِ فَلَا حُرِّيَّةَ. وَلَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ الشَّرْطَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ حَلَفَ الْمَوْلَى نَهْرٌ (لَكِنْ لَا نَفَقَةَ وَلَا سُكْنَى لَهَا إلَّا بِهَا) بِأَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ وَلَا يَسْتَخْدِمَهَا (وَتَخْدُمُ الْمَوْلَى وَيَطَأُ الزَّوْجُ إنْ ظَفِرَ بِهَا فَارِغَةً) عَنْ خِدْمَةِ الْمَوْلَى؛

ــ

[رد المحتار]

تَنْبِيهٌ]

قَالَ فِي النَّهْرِ: وَقَيَّدَ الرَّجُلَ فِي الْفَتْحِ بِالْحُرِّ حَتَّى لَوْ كَانَ عَبْدًا كَانَتْ الْأَوْلَادُ عَبِيدًا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. اهـ. وَنَظَرَ فِيهِ ح بِأَنَّ التَّعْلِيقَ الْمَعْنَوِيَّ مَوْجُودٌ.

قُلْت: وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ، وَهَذَا الْقَيْدُ غَيْرُ مُعْتَبَرِ الْمَفْهُومِ، وَلِذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ مِنْ الْخِلَافِ فَإِنَّمَا رَأَيْتهمْ ذَكَرُوهُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ الْمَغْرُورِ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَظَهَرَتْ أَمَةٌ، بِخِلَافِ الْحُرِّ الْمَغْرُورِ فَإِنَّ أَوْلَادَهُ أَحْرَارٌ بِالْقِيمَةِ اتِّفَاقًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي النَّهْرِ سَبْقُ نَظَرٍ بِقَرِينَةِ أَنَّهُ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْمَغْرُورِ ثُمَّ قَالَ وَقَيَّدَ الرَّجُلَ فِي الْفَتْحِ إلَخْ فَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَسْأَلَةٌ بِمَسْأَلَةٍ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ حُرِّيَّةَ أَوْلَادِهَا) أَيْ أَوْلَادَ الْقِنَّةِ وَنَحْوِهَا، وَقَوْلُهُ فِيهِ: أَيْ فِي الْعَقْدِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ اشْتِرَاطَهَا بَعْدَهُ كَذَلِكَ وَيُحَرَّرُ ط.

(قَوْلُهُ فِي هَذَا النِّكَاحِ) أَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ نَكَحَهَا ثَانِيًا فَهُمْ أَرِقَّاءُ إلَّا إذَا شَرَطَ كَالْأَوَّلِ ط.

(قَوْلُهُ وَالتَّزْوِيجَ) عَطْفٌ عَلَى قَبُولٍ ط، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ ح أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الشَّرْطِ.

(قَوْلُهُ عَلَى اعْتِبَارِهِ) حَالًا مِنْ التَّزْوِيجِ وَالْهَاءُ لِلشَّرْطِ ح.

(قَوْلُهُ هُوَ مَعْنَى إلَخْ) خَبَرُ أَنَّ ح، فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ وَلَدْت أَوْلَادًا مِنْ هَذَا النِّكَاحِ فَهُمْ أَحْرَارٌ ط.

(قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ) أَيْ مُفَادُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ عَدَمٌ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ بَقَاءِ الْمِلْكِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَهَذَا الْبَحْثُ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ، وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ أَخُوهُ فِي النَّهْرِ وَالْمَقْدِسِيُّ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَبْسُوطِ فِي التَّعْلِيقِ صَرِيحًا بِقَوْلِهِ كُلُّ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَقَالَ: لَوْ مَاتَ الْمَوْلَى وَهِيَ حُبْلَى لَمْ يُعْتَقْ مَا تَلِدُهُ لِفَقْدِ الْمِلْكِ لِانْتِقَالِهَا لِلْوَرَثَةِ، وَلَوْ بَاعَهَا الْمَوْلَى وَهِيَ حُبْلَى جَازَ بَيْعُهُ، فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَهُ لَمْ تُعْتَقْ. اهـ. إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ التَّعْلِيقِ صَرِيحًا وَالتَّعْلِيقِ مَعْنًى وَلَمْ يَظْهَرْ لِي الْآنَ اهـ. قُلْت: يَظْهَرُ لِي الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ إنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ الْمَعْنَوِيَّ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الزَّوْجِ فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ أَصَالَةُ الْوَلَدِ وَالرَّقِيقُ مَيِّتٌ حُكْمًا فَصَارَ الْمَقْصُودُ بِهِ أَصَالَةَ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ، فَلَا يَكُونُ فِي حُكْمِ التَّعْلِيقِ الصَّرِيحِ، فَلَا يَبْطُلُ بِزَوَالِ مِلْكِ الْمَوْلَى وَنَظِيرُهُ الْمُكَاتَبُ، فَإِنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ مُعَاوَضَةٌ وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِتَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ عَلَى أَدَاءِ الْبَدَلِ، وَلَا يَبْطُلُ هَذَا التَّعْلِيقُ الضِّمْنِيُّ بِمَوْتِ الْمَوْلَى الْمُعَلَّقِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَغْرُورَ الَّذِي تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ يَكُونُ شَارِطًا لِحُرِّيَّةِ أَوْلَادِهِ مَعْنًى، فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهَا أَمَةٌ تَكُونُ أَوْلَادُهُ أَحْرَارًا مَعَ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْمَوْلَى وَفِي مَسْأَلَتِنَا وَقَعَ شَرْطُ الْحُرِّيَّةِ مَعَ الْمَوْلَى صَرِيحًا فَلَا يَنْزِلُ حَالُهُ عَنْ حَالِ الْمَغْرُورِ، فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ بَحْثًا وَقَالَ إنَّهُ حَادِثَةُ الْفَتْوَى. وَاسْتَنْبَطَهُ مِمَّا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْمَغْرُورِ: وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ وَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى، فَإِنْ بَرْهَنَ فَالْأَوْلَادُ أَحْرَارٌ بِالْقِيمَةِ وَإِلَّا حَلَفَ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ، فَإِذَا نَكَلَ يَحْلِفُ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ لَا نَفَقَةَ إلَخْ) لِأَنَّهَا جَزَاءُ الِاحْتِبَاسِ، وَلِذَا لَمْ تَجِبْ نَفَقَةُ النَّاشِزَةِ وَالْحَاجَّةِ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجِ وَالْمَغْصُوبَةِ وَالْمَحْبُوسَةِ بِدَيْنٍ عَلَيْهَا رَحْمَتِيٌّ، وَعَطْفُ السُّكْنَى عَلَى النَّفَقَةِ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ لِأَنَّ النَّفَقَةَ اسْمٌ لَهَا وَلِلطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَخْدِمُهَا) مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ نَفَقَاتِ الْخَصَّافِ. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِكَوْنِهَا فِي بَيْتِ الزَّوْجِ لَيْلًا، وَلَا يَضُرُّ الِاسْتِخْدَامُ نَهَارًا. اهـ. وَيَأْتِي مِثْلُهُ قَرِيبًا.

(قَوْلُهُ فَارِغَةً عَنْ خِدْمَةِ الْمَوْلَى) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَهَا مَشْغُولَةً بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى فِي مَكَان خَالٍ لَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>