وَارْتَكَبَ مُحَرَّمًا، وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ (فَادَّعَاهُ الْأَبُ) وَهُوَ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَاقِلٌ (ثَبَتَ نَسَبُهُ) بِشَرْطِ بَقَاءِ مِلْكِ ابْنِهِ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ إلَى الدَّعْوَةِ، وَبَيْعُهَا لِأَخِيهِ مَثَلًا لَا يَضُرُّ نَهْرٌ بَحْثًا (وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ) لِاسْتِنَادِ الْمِلْكِ
ــ
[رد المحتار]
وَطْءٍ مَهْرٌ لِأَنَّ الْمَهْرَ وَجَبَ بِسَبَبِ دَعْوَى الشُّبْهَةِ، وَلَوْ لَمْ يَدَّعِهَا يَلْزَمُهُ الْحَدُّ فَبِتَكَرُّرِ دَعْوَاهَا يَتَكَرَّرُ الْمَهْرُ، بِخِلَافِ الْأَبِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى دَعْوَى الشُّبْهَةِ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَارْتَكَبَ مُحَرَّمًا إلَخْ) كَذَا فِي النَّهْرِ وَأَصْلُهُ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَقَيَّدَ بِالْوِلَادَةِ لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ أَمَةَ ابْنِهِ وَلَمْ تَحْبَلْ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا يَمْلِكُهَا وَيَلْزَمُهُ عُقْرُهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا حَبِلَتْ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْوَطْءَ حَلَالٌ لِتَقَدُّمِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، أَمَّا إذَا لَمْ تَلِدْ مِنْهُ فَظَاهِرٌ لِأَنَّهُ وَطِئَ وَطْئًا حَرَامًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ، وَأَمَّا إذَا حَبِلَتْ مِنْهُ فَلِأَنَّ شُبْهَةَ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ قَبْلَ الْإِيلَاجِ أَوْ بَعْدَهُ مُسْقِطَةً لِإِحْصَانِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ. اهـ.
وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْوَطْءَ حَلَالٌ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ مَا هُنَا وَفِيهِ تَأَمُّلٌ لِأَنَّ ثُبُوتَ مِلْكِهِ لَهَا قُبَيْلَ الْوَطْءِ عِنْدَنَا وَقُبَيْلَ الْعُلُوقِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إنَّمَا هُوَ لِضَرُورَةِ ثُبُوتِ النَّسَبِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْفَتْحِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ حِلُّ الْإِقْدَامِ عَلَى هَذَا الْوَطْءِ، كَمَا لَوْ غَصَبَ شَيْئًا وَأَتْلَفَهُ ثُمَّ أَدَّى ضَمَانَهُ لِمَالِكِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِنَادِ الْمِلْكِ إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ حِلُّ مَا صَنَعَ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ حَلَالٌ أَنَّهُ لَيْسَ بِزِنَا إذْ لَوْ كَانَ زِنًا لَزِمَهُ الْعُقْرُ وَلَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا إطْلَاقُ قَوْلِهِ الْآتِي، وَلِذَا يَحِلُّ لَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ الطَّعَامُ لَا الْوَطْءُ، وَكَذَا مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ صِحَّةِ الدَّعْوَى فِي الْأَمَةِ الْمَوْطُوءَةِ لِلِابْنِ مَعَ أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْأَبِ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً فَيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَادَّعَاهُ) أَيْ عِنْدَ قَاضٍ كَمَا فِي شَرْحِ الشَّلَبِيِّ. وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى دَعْوَى الشُّبْهَةِ وَلَا تَصْدِيقُ الِابْنِ فَتْحٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَاءَ لِمُجَرَّدِ التَّرْتِيبِ فَلَا يَلْزَمُ الدَّعْوَى عَقِبَ الْوِلَادَةِ.
وَادَّعَى الْحَمَوِيُّ اللُّزُومَ فَوْرًا وَهُوَ بَعِيدٌ، فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَهُوَ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَاقِلٌ) فَلَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ كَافِرًا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ، وَلَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ كَانَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ إلَّا أَنَّ مِلَّتَيْهِمَا مُخْتَلِفَةٌ جَازَتْ الدَّعْوَى مِنْ الْأَبِ فَتْحٌ، فَأَفَادَ أَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ فِيمَا لَوْ كَانَ الِابْنُ مُسْلِمًا، أَمَّا لَوْ كَانَ كَافِرًا فَلَا يُشْتَرَطُ إسْلَامُ الْأَبِ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْمِلَّةُ لِأَنَّ الْكُفْرَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُسْلِمًا وَالِابْنُ كَافِرًا صَحَّتْ دَعْوَتُهُ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُرْتَدًّا فَدَعْوَتُهُ مَوْقُوفَةٌ عِنْدَهُ نَافِذَةٌ عِنْدَهُمَا (قَوْلُهُ بِشَرْطٍ إلَخْ) فَلَوْ حَبِلَتْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ أَوْ فِيهِ وَأَخْرَجَهَا الِابْنُ عَنْ مِلْكِهِ ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى لِأَنَّ الْمِلْكَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ فَيَسْتَدْعِي قِيَامَ وِلَايَةِ التَّمَلُّكِ مِنْ حِينِ الْعُلُوقِ إلَى التَّمَلُّكِ هَذَا إنْ كَذَّبَهُ الِابْنُ، فَإِنْ صَدَّقَهُ صَحَّتْ الدَّعْوَى وَلَا يَمْلِكُ الْجَارِيَةَ كَمَا إذَا ادَّعَاهُ أَجْنَبِيٌّ وَيَعْتِقُ عَلَى الْمَوْلَى كَمَا فِي الْمُحِيطِ بَحْرٌ.
قَالَ فِي النَّهْرِ الْمَذْكُورُ فِي الشَّرْحِ لِلزَّيْلَعِيِّ: وَعَلَيْهِ جَرَى فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا دَعْوَى الشُّبْهَةِ وَلَا تَصْدِيقُ الِابْنِ. اهـ. أَقُولُ: كَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْإِشَارَةَ فِي قَوْلِهِ هَذَا إنْ كَذَّبَهُ الِابْنُ رَاجِعَةٌ إلَى أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي مَا إذَا بَقِيَتْ الْجَارِيَةُ فِي مِلْكِ الِابْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِهِ فَلَوْ حَبِلَتْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ أَوْ فِيهِ وَأَخْرَجَهَا الِابْنُ عَنْ مِلْكِهِ إلَخْ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْفَتْحِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّصْدِيقِ لِأَنَّهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ بِدَلِيلِ أَنَّ اشْتِرَاطَ بَقَائِهَا فِي مِلْكِ الِابْنِ مَذْكُورٌ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْفَتْحِ، فَلَوْ كَانَ لَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ الِابْنِ وَإِنْ أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ لَمْ يَبْقَ فَائِدَةٌ لِاشْتِرَاطِ بَقَائِهَا فِي مِلْكِهِ. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْعِتْقِ: يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْجَارِيَةُ فِي مِلْكِهِ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى الدَّعْوَةِ، حَتَّى لَوْ عَلِقَتْ فَبَاعَهَا الِابْنُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ بِفَسَادِ الْبَيْعِ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْأَبُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الِابْنُ. اهـ. فَهَذَا أَيْضًا صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَا فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ وَبَيْعُهَا لِأَخِيهِ مَثَلًا) أَيْ أَوْ ابْنِهِ أَوْ ابْنِ أَخِيهِ لَا يَضُرُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute