للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُنْدَبُ هُوَ الْأَصَحُّ قَالَهُ الْكَمَالُ، وَعَلَّلَهُ بِالْحَرَجِ فَسَقَطَ الْإِشْكَالُ. وَفِي الْمَسْعُودِيِّ إنْ أَمْكَنَ فَسْخُ الْقُلْفَةِ بِلَا مَشَقَّةٍ يَجِبُ وَإِلَّا لَا (وَكَفَى، بَلْ أَصْلُ ضَفِيرَتِهَا) أَيْ شَعْرُ الْمَرْأَةِ الْمَضْفُورِ لِلْحَرَجِ، أَمَّا الْمَنْقُوضُ فَيُفْرَضُ غَسْلُ كُلِّهِ اتِّفَاقًا وَلَوْ لَمْ يَبْتَلَّ أَصْلُهَا يَجِبُ نَقْضُهَا مُطْلَقًا هُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ ضَرَّهَا غَسْلُ رَأْسِهَا تَرَكَتْهُ، وَقِيلَ تَمْسَحُهُ

ــ

[رد المحتار]

بِالْقَافِ وَبِالْغَيْنِ: الْجِلْدَةُ الَّتِي يَقْطَعُهَا الْخَاتِنُ يَجُوزُ فِيهَا فَتْحُ الْقَافِ وَضَمُّهَا، وَزَادَ الْأَصْمَعِيُّ: فَتْحُ الْقَافِ وَاللَّامِ حِلْيَةٌ.

(قَوْلُهُ: فَسَقَطَ الْإِشْكَالُ) أَيْ إشْكَالُ الزَّيْلَعِيِّ، حَيْثُ قَالَ لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ خِلْقَةٌ كَقَصَبَةِ الذَّكَرِ وَهَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَصَلَ الْبَوْلُ إلَى الْقُلْفَةِ يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ فَجَعَلُوهُ كَالْخَارِجِ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَفِي حَقِّ الْغُسْلِ كَالدَّاخِلِ اهـ. وَوَجْهُ السُّقُوطِ أَنَّ عِلَّةَ عَدَمِ وُجُوبِ غُسْلِهَا الْحَرَجُ: أَيْ أَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْغُسْلِ إلَّا أَنَّهُ سَقَطَ لِلْحَرَجِ وَإِنَّمَا يُرَدُّ الْإِشْكَالُ عَلَى التَّعْلِيلِ بِكَوْنِهَا خِلْقَةً، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ: أَيْ كَوْنُ عَدَمِ الْوُجُوبِ لِلْحَرَجِ لَا لِكَوْنِهِ خِلْقَةً وَقَالَ قَبْلَهُ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْإِشْكَالَ، لَكِنْ فِي الظَّهِيرِيَّةِ إنَّمَا عَلَّلَهُ بِالْحَرَجِ لَا بِالْخِلْقَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَلَا يُرَدُّ الْإِشْكَالُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْمَسْعُودِيِّ إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ فِي الْإِمْدَادِ، وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ فَسْخُهَا أَيْ بِأَنْ أَمْكَنَ قَلْبُهَا وَظُهُورُ الْحَشَفَةِ مِنْهَا فَلَا حَرَجَ فِي غُسْلِهَا فَيَجِبُ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا سِوَى ثَقْبٍ يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ فَلَا يَجِبُ لِلْحَرَجِ، لَكِنْ أَوْرَدَ فِي الْحِلْيَةِ أَنَّ هَذَا الْحَرَجَ يُمْكِنُهُ إزَالَتُهُ بِالْخِتَانِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إلَّا إذَا كَانَ لَا يُطِيقُهُ، بِأَنْ أَسْلَمَ وَهُوَ شَيْخٌ ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ: ضَفِيرَتِهَا) الْمُرَادُ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِجَمِيعِ الضَّفَائِرِ ط.

(قَوْلُهُ: لِلْحَرَجِ) وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ «أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ. قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي أَفَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ؟ فَقَالَ: لَا، إنَّمَا يَكْفِيك أَنْ تَحْثِيَ عَلَى رَأْسِك ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْك الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ» وَمُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِيصَالِ إلَى الْأُصُولِ فَتْحٌ، لَكِنْ فِي الْمَبْسُوطِ: وَإِنَّمَا شُرِطَ تَبْلِيغُ الْمَاءِ أُصُولَ الشَّعْرِ لِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ فَإِنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ إلَى جَنْبِ امْرَأَتِهِ إذَا اغْتَسَلَتْ فَيَقُولُ يَا هَذِهِ أَبْلَغِي الْمَاءَ أُصُولَ شَعْرِك وَشُؤُونَ رَأْسِك، وَهِيَ مَجْمَعُ عِظَامِ الرَّأْسِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ بَحْرٌ. وَاسْتُفِيدَ مِنْ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ الْمُسْتَرْسِلِ إذَا بَلَغَ الْمَاءُ أُصُولَ الشَّعْرِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُنْيَةِ، وَعَزَاهُ فِي الْحِلْيَةِ إلَى الْجَامِعِ الْحُسَامِيِّ وَالْخُلَاصَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَمِمَّنْ نَصَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ غُسْلَ ظَاهِرِ الْمُسْتَرْسِلِ مِنْ ذَوَائِبِهَا مَوْضُوعٌ عَنْهَا الْبَزْدَوِيُّ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالصَّحِيحِ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْكَافِي وَالذَّخِيرَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: اتِّفَاقًا) كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْحِلْيَةِ.

الْأَوَّلُ الِاكْتِفَاءُ بِالْوُصُولِ إلَى الْأُصُولِ وَلَوْ مَنْقُوضًا، وَظَاهِرُ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي هَذَا الْبَابِ.

الثَّانِي التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ وَمَشَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ وَالْكَافِي.

الثَّالِثُ وُجُوبُ بَلِّ الذَّوَائِبِ مَعَ الْعَصْرِ وَصُحِّحَ، وَتَمَامُ تَحْقِيقِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي الْحِلْيَةِ وَحَالَ فِيهَا آخَرُ إلَى تَرْجِيحِ الْقَوْلِ الثَّانِي، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُتُونِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَبْتَلَّ أَصْلُهَا) بِأَنْ كَانَ مُتَلَبِّدًا أَوْ غَزِيرًا إمْدَادٌ أَوْ مَضْفُورًا ضَفْرًا شَدِيدًا لَا يَنْفُذُ فِيهِ الْمَاءُ ط.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) قَالَ ح لَمْ يَظْهَرْ لِيُوَجِّهَ الْإِطْلَاقَ اهـ وَقَالَ ط أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ حَرَجٌ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ مُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَصْرِ الشَّعْرِ ثَلَاثًا بَعْدَ غَسْلِهِ مَنْقُوضًا أَوْ مَعْقُوصًا. اهـ. أَقُولُ: كَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ يَجِبُ غَسْلُهَا بَدَلَ قَوْلِهِ يَجِبُ نَقْضُهَا، فَقَوْلُهُ مُطْلَقًا مَعْنَاهُ سَوَاءٌ كَانَ مَضْفُورًا أَوْ لَا، وَقَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازٌ عَنْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ مِنْ أَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فَتَدَبَّرْ. [تَنْبِيهٌ]

يُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ الضَّفِيرَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ عُقَدُ الشَّعْرِ الْمُنْعَقِدِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَلَوْ مِنْ شَعْرِ الرَّجُلِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ مِنْ عُلَمَائِنَا تَأَمَّلْ، وَإِذَا نَتَفَ شِعْرَةً لَمْ تُغْسَلْ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ غَسْلِ مَحَلِّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>