فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ (لَا رَجْعَةَ فِيهِ، أَوْ وَاحِدَةٌ فِي طُهْرٍ وُطِئَتْ فِيهِ، أَوْ) وَاحِدَةٌ فِي (حَيْضِ مَوْطُوءَةٍ) لَوْ قَالَ وَالْبِدْعِيُّ مَا خَالَفَهُمَا لَكَانَ أَوْجَزَ وَأَفْيَدَ
(وَتَجِبُ رَجْعَتُهَا) عَلَى الْأَصَحِّ (فِيهِ) أَيْ فِي الْحَيْضِ رَفْعًا لِلْمَعْصِيَةِ
ــ
[رد المحتار]
وَكَذَا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ بِالْأَوْلَى، وَعَنْ الْإِمَامِيَّةِ: لَا يَقَعُ بِلَفْظِ الثَّلَاثِ وَلَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ يَقَعُ بِهِ وَاحِدَةٌ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَطَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً، فَقَالَ عُمَرُ: إنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ، فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ، فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ» وَذَهَبَ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ إلَى أَنَّهُ يَقَعُ ثَلَاثٌ.
قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ سَوْقِ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ: وَهَذَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا إمْضَاءُ عُمَرَ الثَّلَاثَ عَلَيْهِمْ مَعَ عَدَمِ مُخَالَفَةِ الصَّحَابَةِ لَهُ وَعِلْمُهُ بِأَنَّهَا كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَا يُمْكِنُ إلَّا وَقَدْ اطَّلَعُوا فِي الزَّمَانِ الْمُتَأَخِّرِ عَلَى وُجُودِ نَاسِخٍ أَوْ لِعِلْمِهِمْ بِانْتِهَاءِ الْحُكْمِ لِذَلِكَ لِعِلْمِهِمْ بِإِنَاطَتِهِ بِمَعَانٍ عَلِمُوا انْتِفَاءَهَا فِي الزَّمَنِ الْمُتَأَخِّرِ وَقَوْلُ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مِائَةِ أَلْفِ عَيْنٍ رَأَتْهُ فَهَلْ صَحَّ لَكُمْ عَنْهُمْ أَوْ عَنْ عُشْرِ عُشْرِ عُشْرِهِمْ الْقَوْلُ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ بَاطِلٌ؟ أَمَّا أَوَّلًا فَإِجْمَاعُهُمْ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ خَالَفَ عُمَرَ حِينَ أَمْضَى الثَّلَاثَ، وَلَا يَلْزَمُ فِي نَقْلِ الْحُكْمِ الْإِجْمَاعِيِّ عَنْ مِائَةِ أَلْفٍ تَسْمِيَةُ كُلٍّ فِي مُجَلَّدٍ كَبِيرٍ لِحُكْمٍ وَاحِدٍ عَلَى أَنَّهُ إجْمَاعٌ سُكُوتِيٌّ.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَالْعِبْرَةُ فِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ نَقْلُ مَا عَنْ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْمِائَةُ أَلْفٍ لَا يَبْلُغُ عِدَّةُ الْمُجْتَهِدِينَ الْفُقَهَاءِ مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ كَالْخُلَفَاءِ وَالْعَبَادِلَةِ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأَنَسِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْبَاقُونَ يَرْجِعُونَ إلَيْهِمْ وَيَسْتَفْتُونَ مِنْهُمْ وَقَدْ ثَبَتَ النَّقْلُ عَنْ أَكْثَرِهِمْ صَرِيحًا بِإِيقَاعِ الثَّلَاثِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ مُخَالِفٌ - {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ} [يونس: ٣٢]- وَعَنْ هَذَا قُلْنَا لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ لَا يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ فَهُوَ خِلَافٌ لَا اخْتِلَافٌ وَغَايَةُ الْأَمْرِ فِيهِ أَنْ يَصِيرَ كَبَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ أُجْمِعَ عَلَى نَفْيِهِ وَكُنَّ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ يُبَعْنَ اهـ مُلَخَّصًا ثُمَّ أَطَالَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ) قَيْدٌ لِلثَّلَاثِ وَالثِّنْتَيْنِ (قَوْلُهُ لَا رَجْعَةَ فِيهِ) فَلَوْ تَخَلَّلَ بَيْنَ الطَّلْقَتَيْنِ رَجْعَةٌ لَا يُكْرَهُ إنْ كَانَتْ بِالْقَوْلِ أَوْ بِنَحْوِ الْقُبْلَةِ أَوْ اللَّمْسِ عَنْ شَهْوَةٍ، لَا بِالْجِمَاعِ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ طُهْرٌ فِيهِ جِمَاعٌ، وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ الْآتِيَةِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَكُونُ فَاصِلَةً، وَكَذَا لَوْ تَخَلَّلَ النِّكَاحَ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وُطِئَتْ فِيهِ) أَيْ وَلَمْ تَكُنْ حُبْلَى وَلَا آيِسَةً وَلَا صَغِيرَةً لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فِي حَيْضِ مَوْطُوءَةٍ) أَيْ مَدْخُولٍ بِهَا وَمِثْلُهَا الْمُخْتَلَى بِهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَوْجَزَ وَأَفْيَدَ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ يَشْمَلُ مَا ذَكَرَهُ وَيَشْمَلُ الطَّلَاقَ الْبَائِنَ كَمَا مَرَّ، وَمَا لَوْ طَلَّقَهَا فِي النِّفَاسِ فَإِنَّهُ بِدْعِيٌّ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَمَا لَوْ طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ بَلْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ وَمَا لَوْ طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ طَلَّقَهَا فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَتَجِبُ رَجْعَتُهَا) أَيْ الْمَوْطُوءَةِ الْمُطَلَّقَةِ فِي الْحَيْضِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) مُقَابِلُهُ قَوْلُ الْقُدُورِيِّ إنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ وَقَعَتْ فَتَعَذَّرَ ارْتِفَاعُهَا، وَوَجْهُ الْأَصَحِّ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «مُرْ ابْنَك فَلْيُرَاجِعْهَا» حِينَ طَلَّقَهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ، فَإِنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى وُجُوبَيْنِ: صَرِيحٌ وَهُوَ الْوُجُوبُ عَلَى عُمَرَ أَنْ يَأْمُرَ وَضِمْنِيٌّ وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِابْنِهِ عِنْدَ تَوْجِيهِ الصِّيغَةِ إلَيْهِ فَإِنَّ عُمَرَ نَائِبٌ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ كَالْمُبَلِّغِ، وَتَعَذُّرُ ارْتِفَاعِ الْمَعْصِيَةِ لَا يَصْلُحُ صَارِفًا لِلصِّيغَةِ عَنْ الْوُجُوبِ لِجَوَازِ إيجَابِ رَفْعِ أَثَرِهَا وَهُوَ الْعِدَّةُ وَتَطْوِيلِهَا إذْ بَقَاءُ الشَّيْءِ بَقَاءُ مَا هُوَ أَثَرُهُ مِنْ وَجْهٍ فَلَا تُتْرَكُ الْحَقِيقَةُ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ رَفْعًا لِلْمَعْصِيَةِ) بِالرَّاءِ، وَهِيَ أَوْلَى مِنْ نُسْخَةِ الدَّالِ ط أَيْ لِأَنَّ الدَّفْعَ بِالدَّالِ لَمَّا لَمْ يَقَعْ وَالرَّفْعُ بِالرَّاءِ لِلْوَاقِعِ وَالْمَعْصِيَةُ هُنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute