وَتَقَعُ أُولَاهَا فِي طُهْرٍ لَا وَطْءَ فِيهِ، فَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ أَوْ لَا تَحِيضُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِلْحَالِ ثُمَّ كُلَّمَا نَكَحَهَا أَوْ مَضَى شَهْرٌ تَقَعُ (وَإِنْ نَوَى أَنْ تَقَعَ الثَّلَاثُ السَّاعَةَ أَوْ) أَنْ تَقَعُ عِنْدَ رَأْسِ (كُلِّ شَهْرٍ وَاحِدَةٌ صَحَّتْ نِيَّتُهُ) لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ
(وَيَقَعُ طَلَاقُ كُلِّ زَوْجٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ) وَلَوْ تَقْدِيرًا بَدَائِعُ، لِيَدْخُلَ السَّكْرَانُ (وَلَوْ عَبْدًا أَوْ مُكْرَهًا) فَإِنَّ طَلَاقَهُ صَحِيحٌ لَا إقْرَارَهُ بِالطَّلَاقِ
وَقَدْ نَظَمَ فِي النَّهْرِ مَا يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ فَقَالَ:
ــ
[رد المحتار]
فِي السَّنَةِ أَوْ عَلَيْهَا أَوْ مَعَهَا، وَكَذَا السَّنَةُ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهَا مَا فِي مَعْنَاهُ كَطَلَاقِ الْعَدْلِ وَطَلَاقًا عَدْلًا وَطَلَاقِ الْعِدَّةِ أَوْ لِلْعِدَّةِ وَطَلَاقِ الدَّيْنِ أَوْ الْإِسْلَامِ أَوْ أَحْسَنِ الطَّلَاقِ أَوْ أَجْمَلِهِ أَوْ طَلَاقِ الْحَقِّ أَوْ الْقُرْآنِ أَوْ الْكِتَابِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَتَقَعُ أُولَاهَا) أَيْ أُولَى الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الثَّلَاثِ أَوْ الثِّنْتَيْنِ فَافْهَمْ، وَقَوْلُهُ فِي طُهْرٍ لَا وَطْءَ فِيهِ أَيْ وَلَا فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ كَمَا يُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الطُّهْرُ هُوَ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ تَقَعُ فِيهِ وَاحِدَةٌ لِلْحَالِ ثُمَّ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ أُخْرَى، وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ جَامَعَهَا فِيهِ لَمْ تَطْلُقَ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِمَوْطُوءَتِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا تَحِيضُ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ، وَشَمَلَ مَنْ لَا تَحِيضُ الْحَامِلَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِلْحَالِ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ وَأَطْلَقَ فِي الْحَالِ فَشَمَلَ حَالَةَ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ ثُمَّ كُلَّمَا نَكَحَهَا) رَاجِعْ الصُّورَةَ الْأُولَى أَيْ فَإِذَا وَقَعَتْ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ لِلْحَالِ بَانَتْ مِنْهُ بِلَا عِدَّةٍ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا يَقَعُ غَيْرُهَا، مَا لَمْ يَتَزَوَّجْهَا فَتَقَعُ أُخْرَى بِلَا عِدَّةٍ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا أَيْضًا وَقَعَتْ الثَّلَاثَةُ وَعَلَّلَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا يُبْطِلُهَا اهـ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ مَضَى شَهْرٌ) يَرْجِعُ إلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ وُقُوعَ الثَّلَاثِ عَلَى الْأَطْهَارِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا نَوَاهُ أَوْ أَطْلَقَ أَمَّا إذَا نَوَى غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ) وَهَذَا لِأَنَّ اللَّامَ كَمَا جَازَ أَنْ تَكُونَ لِلْوَقْتِ جَازَ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ لِأَجْلٍ السَّنَةِ الَّتِي أَوْجَبَتْ وُقُوعَ الثَّلَاثِ، وَإِذَا صَحَّتْ نِيَّتُهُ لِلْحَالِ فَأَوْلَى أَنْ تَقَعَ عِنْدَ كُلِّ رَأْسِ شَهْرٍ قَيَّدَ بِذِكْرِ الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْهَا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ لِلْحَالِ إنْ كَانَتْ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ وَإِلَّا فَحَتَّى تَطْهُرَ وَلَوْ نَوَى ثَلَاثًا مُفَرَّقَةً عَلَى الْأَطْهَارِ صَحَّ، وَلَوْ جُمْلَةً فَقَوْلَانِ وَرَجَّحَ فِي الْفَتْحِ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ وَيَقَعُ طَلَاقُ كُلِّ زَوْجٍ) هَذِهِ الْكُلِّيَّةُ مَنْقُوضَةٌ بِزَوْجِ الْمُبَانَةِ إذْ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ بَائِنًا عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَوْجٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ أَنَّ امْتِنَاعَهُ لِعَارِضٍ هُوَ لُزُومُ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ، ثُمَّ كَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا وَكَّلَ بِهِ أَوْ أَجَازَهُ مِنْ الْفُضُولِيِّ نَهْرٌ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ لِيَدْخُلَ السَّكْرَانُ) أَيْ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْعَاقِلِ زَجْرًا لَهُ، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ عَاقِلٌ وَقَوْلِهِ الْآتِي أَوْ السَّكْرَانُ مَطْلَبٌ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى التَّوْكِيلِ بِالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالْعَتَاقِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ طَلَاقَهُ صَحِيحٌ) أَيْ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ وَشَمَلَ مَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى التَّوْكِيلِ بِالطَّلَاقِ فَوَكَّلَ فَطَلَّقَ الْوَكِيلُ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَحْرٌ قَالَ مُحَشِّيهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: مِثْلُهُ الْعَتَاقُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. وَأَمَّا التَّوْكِيلُ بِالنِّكَاحِ فَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُهُمَا فِي ذَلِكَ، لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الثَّلَاثَ تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ اسْتِحْسَانًا. وَقَدْ ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ أَنَّ الْوُقُوعَ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْوَكَالَةُ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَبْطُلُ بِالْهَزْلِ فَكَذَا مَعَ الْإِكْرَاهِ كَالْبَيْعِ وَأَمْثَالِهِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْبَيْعِ وَلَكِنْ يُوجِبُ فَسَادَهُ، فَكَذَا التَّوْكِيلُ يَنْعَقِدُ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْوَكَالَةِ لِكَوْنِهَا مِنْ الْإِسْقَاطَاتِ؛ فَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ فَقَدْ نَفَذَ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ اهـ فَانْظُرْ إلَّا عِلَّةَ الِاسْتِحْسَانِ فِي الطَّلَاقِ تَجِدُهَا فِي النِّكَاحِ فَيَكُونُ حُكْمُهُمَا وَاحِدًا تَأَمَّلْ اهـ كَلَامُ الرَّمْلِيِّ قُلْت: وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ لَا إقْرَارُهُ بِالطَّلَاقِ) قَيَّدَ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute