للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ هَازِلًا) لَا يَقْصِدُ حَقِيقَةَ كَلَامِهِ (أَوْ سَفِيهًا)

ــ

[رد المحتار]

الْأُولَى الْخُلْعُ عَلَى مَالٍ، بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَى خُلْعِ امْرَأَتِهِ عَلَى أَلْفٍ وَقَدْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَدَخَلَ بِهَا وَالْمَرْأَةُ غَيْرُ مُكْرَهَةٍ فَالْخُلْعُ وَاقِعٌ وَلَهَا عَلَيْهَا الْأَلِفُ؛ وَلَا شَيْءَ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ.

وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُكْرَهَةُ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا الثَّانِيَةُ الْفَسْخُ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَتْ وَلَهَا زَوْجٌ حُرٌّ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَأُكْرِهَتْ عَلَى أَنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِي مَجْلِسِهَا بَطَلَ الْمَهْرُ عَنْ الزَّوْجِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرَهِ، وَلَوْ كَانَ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ قَبْلَ ذَلِكَ فَالْمَهْرُ لِمَوْلَاهَا عَلَى الزَّوْجِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرَهِ الثَّالِثَةُ التَّكْفِيرُ، كَمَا لَوْ أُكْرِهَ بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يُكَفِّرَ يَمِينًا قَدْ حَنِثَ فِيهَا وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُكْرَهِ وَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى عِتْقِ عَبْدِهِ هَذَا عَنْهَا لَمْ يُجْزِهِ وَعَلَى الْمُكْرَهِ قِيمَتُهُ؛ وَلَوْ أُكْرِهَ بِالْحَبْسِ أَجْزَأَهُ عَنْهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ وَجَبَ عَلَيْهِ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ نَذْرٍ أَوْ هَدْيٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ حَجٍّ فَأُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَمْضِيَهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُ الْمُكْرِهُ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَجْزَأَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ. الرَّابِعَةُ مَا كَانَ شَرْطًا لِغَيْرِهِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدٍ عَلَى شِرَائِهِ أَوْ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ فَأُكْرِهَ عَلَى الشِّرَاءِ أَوْ الدُّخُولِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى شِرَاءِ ذِي مَحْرَمِهِ أَوْ أَمَةٍ قَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الرَّضَاعُ فَإِنَّهُ شَرْطٌ لِلْمَحْرَمِيَّةِ وَالِاسْتِيلَادِ أَيْ الْوَطْءِ لِطَلَبِ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ لِثُبُوتِهِ مِنْهُ أَيْضًا الْخَامِسَةُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّوْكِيلِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ، فَقَدْ صَارَتْ ثَمَانِي عَشْرَةَ صُورَةً نَظَمْتهَا بِقَوْلِي:

طَلَاقٌ وَإِعْتَاقٌ نِكَاحٌ وَرَجْعَةٌ ... ظِهَارٌ وَإِيلَاءٌ وَعَفْوٌ عَنْ الْعَمْدِ

يَمِينٌ وَإِسْلَامٌ وَفَيْءٌ وَنَذْرُهُ ... قَبُولٌ لِصُلْحِ الْعَمْدِ تَدْبِيرٌ لِلْعَبْدِ

ثَلَاثٌ وَعَشْرٌ صَحَّحُوهَا لِمُكْرَهٍ ... وَقَدْ زِدْت خَمْسًا وَهِيَ خُلْعٌ عَلَى نَقْدٍ

وَفَسْخٌ وَتَكْفِيرٌ وَشَرْطٌ لِغَيْرِهِ ... وَتَوْكِيلُ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ فَخُذْ عَدِّي.

(قَوْلُهُ أَوْ هَازِلًا) أَيْ فَيَقَعُ قَضَاءً وَدِيَانَةً كَمَا يَذْكُرُهُ الشَّارِحُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ مُكَابِرٌ بِاللَّفْظِ فَيَسْتَحِقُّ التَّغْلِيظَ، وَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَأَمَّا مَا فِي إكْرَاهِ الْخَانِيَّةِ: لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِالطَّلَاقِ فَأَقَرَّ لَا يَقَعُ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ هَازِلًا أَوْ كَاذِبًا فَقَالَ فِي الْبَحْرِ، وَإِنَّ مُرَادَهُ لِعَدَمِ الْوُقُوعِ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ عَدَمُهُ دِيَانَةً، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَالْقُنْيَةِ لَوْ أَرَادَ بِهِ الْخَبَرَ عَنْ الْمَاضِي كَذِبًا لَا يَقَعُ دِيَانَةً، وَإِنْ أَشْهَدَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يَقَعُ قَضَاءً أَيْضًا. اهـ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى مَا إذَا أَشْهَدَ أَنَّهُ يُقِرُّ بِالطَّلَاقِ هَازِلًا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الْخُلَاصَةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَوْ أَنْشَأَ الطَّلَاقَ هَازِلًا. وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ هَازِلًا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا. قَالَ فِي التَّلْوِيحِ: وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ مُكْرَهًا كَذَلِكَ يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ بِهِمَا هَازِلًا، لِأَنَّ الْهَزْلَ دَلِيلُ الْكَذِبِ كَالْإِكْرَاهِ، حَتَّى لَوْ أَجَازَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ إنَّمَا تَلْحَقُ سَبَبًا مُنْعَقِدًا يَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ وَالْبُطْلَانَ، وَبِالْإِجَازَةِ لَا يَصِيرُ الْكَذِبُ صِدْقًا، وَهَذَا بِخِلَافِ إنْشَاءِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ فِيهِ لِلْهَزْلِ اهـ. وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ الرَّمْلِيُّ مِنْ الْمُنَافَاةِ بَيْنَ عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ لَا يَقْصِدُ حَقِيقَةَ كَلَامِهِ) بَيَانٌ لِمَعْنَى الْهَازِلِ، وَفِيهِ قُصُورٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>