بِالتَّشْدِيدِ قَيَّدَ بِخِطَابِهَا، لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ خَرَجْت يَقَعُ الطَّلَاقُ أَوْ لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي فَإِنِّي حَلَفْت بِالطَّلَاقِ فَخَرَجَتْ لَمْ يَقَعْ لِتَرْكِهِ الْإِضَافَةَ إلَيْهَا (وَيَقَعُ بِهَا) أَيْ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَمَا بِمَعْنَاهَا مِنْ الصَّرِيحِ،
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ " سن بوش " يَقَعُ بِهِ الرَّجْعِيُّ [تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ التَّطْلِيقِ بِلُغَةِ التُّرْكِ هَلْ هُوَ رَجْعِيٌّ بِاعْتِبَارِ الْقَصْدِ أَوْ بَائِنٌ بِاعْتِبَارِ مَدْلُولِ " سن بوش " أَوْ " بوش أَوَّلَ " لِأَنَّ مَعْنَاهُ خَالِيَةٌ أَوْ خَلِيَّةٌ فَيَنْظُرُ. اهـ. قُلْت: وَأَفْتَى الرَّحِيمِيُّ تِلْمِيذُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ بِأَنَّهُ رَجْعِيٌّ وَقَالَ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ. وَنَقَلَ مِثْلَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا التُّرْكُمَانِيُّ عَنْ فَتَاوَى عَلِيِّ أَفَنْدِي مُفْتِي دَارِ السَّلْطَنَةِ وَعَنْ الْحَامِدِيَّةِ (قَوْلُهُ بِالتَّشْدِيدِ) أَيْ تَشْدِيدِ اللَّامِ فِي مُطَلَّقَةٍ، أَمَّا بِالتَّخْفِيفِ فَيُلْحَقُ بِالْكِنَايَةِ بَحْرٌ وَسَيَذْكُرُهُ فِي بَابِهَا (قَوْلُهُ لِتَرْكِهِ الْإِضَافَةَ) أَيْ الْمَعْنَوِيَّةَ فَإِنَّهَا الشَّرْطُ وَالْخِطَابُ مِنْ الْإِضَافَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ، وَكَذَا الْإِشَارَةُ نَحْوُ هَذِهِ طَالِقٌ، وَكَذَا نَحْوُ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَزَيْنَبُ طَالِقٌ. اهـ. أَقُولُ: وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَصْلُهُ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْأَيْمَانِ قَالَ لَهَا: لَا تَخْرُجِي مِنْ الدَّارِ إلَّا بِإِذْنِي فَإِنِّي حَلَفْت بِالطَّلَاقِ فَخَرَجَتْ لَا يَقَعُ لِعَدَمِ حَلِفِهِ بِطَلَاقِهَا، وَيَحْتَمِلُ الْحَلِفَ بِطَلَاقِ غَيْرِهَا فَالْقَوْلُ لَهُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي هَذَا الْأَخْذِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَفْهُومَ كَلَامِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْحَلِفَ بِطَلَاقِهَا يَقَعُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقَوْلَ لَهُ فِي صَرْفِهِ إلَى طَلَاقِ غَيْرِهَا، وَالْمَفْهُومُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ تَبَعًا لِلْبَحْرِ عَدَمُ الْوُقُوعِ أَصْلًا لِفَقْدِ شَرْطِ الْإِضَافَةِ، مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ طَلَاقَهَا تَكُونُ الْإِضَافَةُ مَوْجُودَةً وَيَكُونُ الْمَعْنَى فَإِنِّي حَلَفْت بِالطَّلَاقِ مِنْك أَوْ بِطَلَاقِك، وَلَا يَلْزَمُ كَوْنُ الْإِضَافَةِ صَرِيحَةً فِي كَلَامِهِ؛ لِمَا فِي الْبَحْرِ لَوْ قَالَ: طَالِقٌ فَقِيلَ لَهُ مَنْ عَنَيْت؟ فَقَالَ امْرَأَتِي طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ. اهـ. عَلَى أَنَّهُ فِي الْقُنْيَةِ قَالَ عَازِيًا إلَى الْبُرْهَانِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ: رَجُلٌ دَعَتْهُ جَمَاعَةٌ إلَى شُرْبِ الْخَمْرِ فَقَالَ: إنِّي حَلَفْت بِالطَّلَاقِ أَنِّي لَا أَشْرَبُ وَكَانَ كَاذِبًا فِيهِ ثُمَّ شَرِبَ طَلُقَتْ. وَقَالَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ: لَا تَطْلُقُ دِيَانَةً اهـ وَمَا فِي التُّحْفَةِ لَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ طَلُقَتْ قَضَاءً فَقَطْ، لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ بِالطَّلَاقِ كَاذِبًا لَا يَقَعُ دِيَانَةً بِخِلَافِ الْهَازِلِ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهِ وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى الْمَرْأَةِ صَرِيحًا، نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقُلْ إنِّي أَرَدْت الْحَلِفَ بِطَلَاقِ غَيْرِهَا فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْبَحْرِ لَوْ قَالَ: امْرَأَةٌ طَالِقٌ أَوْ قَالَ طَلَّقْت امْرَأَةً ثَلَاثًا وَقَالَ لَمْ أَعْنِ امْرَأَتِي يُصَدَّقُ اهـ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ، لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ مَنْ لَهُ امْرَأَةٌ إنَّمَا يَحْلِفُ بِطَلَاقِهَا لَا بِطَلَاقِ غَيْرِهَا، فَقَوْلُهُ إنِّي حَلَفْت بِالطَّلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَيْهَا مَا لَمْ يُرِدْ غَيْرَهَا لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ذَكَرَ اسْمَهَا أَوْ اسْمَ أَبِيهَا أَوْ أُمَّهَا أَوْ وَلَدَهَا فَقَالَ: عَمْرَةُ طَالِقٌ أَوْ بِنْتُ فُلَانٍ أَوْ بِنْتُ فُلَانَةَ أَوْ أُمُّ فُلَانٍ، فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهَا تَطْلُقُ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَمْ أَعْنِ امْرَأَتِي لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً إذَا كَانَتْ امْرَأَتُهُ كَمَا وَصَفَ كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الْكِنَايَاتِ وَسَيَذْكُرُ قَرِيبًا أَنَّ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُسْتَعْمَلَةِ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي، وَالْحَرَامُ يَلْزَمُنِي، وَعَلَيَّ الطَّلَاقُ، وَعَلَيَّ الْحَرَامُ، فَيَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ لِلْعُرْفِ إلَخْ. فَأَوْقَعُوا بِهِ الطَّلَاقَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهَا صَرِيحًا، فَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ امْرَأَتَهُ لِلْعُرْفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَمَا بِمَعْنَاهَا مِنْ الصَّرِيحِ) أَيْ مِثْلُ مَا سَيَذْكُرُهُ مِنْ نَحْوِ: كُونِي طَالِقًا وَاطَّلَّقِي وَيَا مُطَلَّقَةُ بِالتَّشْدِيدِ، وَكَذَا الْمُضَارِعُ إذَا غَلَبَ فِي الْحَالِ مِثْلُ أُطَلِّقُك كَمَا فِي الْبَحْرِ. قُلْت: وَمِنْهُ فِي عُرْفِ زَمَانِنَا: تَكُونِي طَالِقًا، وَمِنْهُ: خُذِي طَلَاقَك فَقَالَتْ أَخَذْت، فَقَدْ صَرَّحَ الْوُقُوعَ بِهِ بِلَا اشْتِرَاطِ نِيَّةٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ قَوْلُهَا أَخَذْت كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَأَمَّا مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ مِنْهُ: شِئْت طَلَاقَك،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute