وَإِنْ نَوَى خِلَافَهَا) مِنْ الْبَائِنِ أَوْ أَكْثَرَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) وَلَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ الصَّرِيحُ نَوْعَانِ رَجْعِيٌّ وَبَائِنٌ فَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الصَّرِيحَ نَوْعَانِ: صَرِيحٌ رَجْعِيٌّ، وَصَرِيحٌ بَائِنٌ. فَالْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ بِحُرُوفِ الطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ حَقِيقَةً غَيْرَ مَقْرُونٍ بِعِوَضٍ وَلَا بِعَدَدِ الثَّلَاثِ لَا نَصًّا وَلَا إشَارَةً وَلَا مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ تُنْبِئُ عَنْ الْبَيْنُونَةِ أَوْ تَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَلَا مُشَبَّهٍ بِعَدَدٍ أَوْ صِفَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهَا. وَأَمَّا الثَّانِي فَبِخِلَافِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِحُرُوفِ الْإِبَانَةِ بِحُرُوفِ الطَّلَاقِ، لَكِنْ قَبْلَ الدُّخُولِ حَقِيقَةً أَوْ بَعْدَهُ، لَكِنْ مَقْرُونًا بِعَدَدِ الثَّلَاثِ نَصًّا أَوْ إشَارَةً أَوْ مَوْصُوفًا بِصِفَةٍ تُنْبِئُ عَنْ الْبَيْنُونَةِ أَوْ تَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ حَرْفِ الْعَطْفِ، أَوْ مُشَبَّهًا بِعَدَدٍ أَوْ صِفَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهَا. اهـ. وَيُعْلَمُ مُحْتَرَزُ الْقُيُودِ مِمَّا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ آخِرَ الْبَابِ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثِ فِي أَنْتِ هَكَذَا مُشِيرًا بِأَصَابِعِهِ. وَوُقُوعُ الْبَائِنِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ بِخِلَافٍ وَبَائِنٌ وَبِأَنْتِ طَالِقٌ كَأَلْفٍ أَوْ تَطْلِيقَةً طَوِيلَةً وَاخْتَارَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْقِسْمَ الثَّانِيَ لَيْسَ مِنْ الصَّرِيحِ، فَلَا حَاجَةَ لِاحْتِرَازٍ عَنْهُ. وَاسْتَظْهَرَ فِي الْبَحْرِ مَا فِي الْبَدَائِعِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ حَدَّ الصَّرِيحِ يَشْمَلُ الْكُلَّ. قَالَ فِي النَّهْرِ: لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ عَلَى مَالٍ وَنَحْوِهِ ذَلِكَ لَيْسَ كِنَايَةً، وَإِلَّا لَاحْتَاجَ إلَى النِّيَّةِ أَوْ دَلَالَةِ الْحَالِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا إذْ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا. اهـ. وَفِيهِ عَنْ الصَّيْرَفِيَّةِ: لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَلَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك فَرَجْعِيَّةٌ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك فَبَائِنٌ. اهـ. وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى الْفَرْعِ الْأَخِيرِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى خِلَافًا) قَيَّدَ بِنِيَّتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ جَعَلْتهَا بَائِنَةً أَوْ ثَلَاثًا كَانَتْ كَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَمَعْنَى جَعْلِ الْوَاحِدَةِ ثَلَاثًا عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ أَلْحَقَ بِهَا اثْنَتَيْنِ لَا أَنَّهُ جَعَلَ الْوَاحِدَةَ ثَلَاثًا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَوَافَقَهُ الثَّانِي فِي الْبَيْنُونَةِ دُونَ الثَّلَاثِ وَنَفَاهُمَا الثَّالِثُ نَهْرٌ، وَتَمَامُهُ فِيهِ. وَفِي الْبَحْرِ: وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْكِنَايَاتِ. وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَوْ قَرَنَهُ بِالْعَدَدِ ابْتِدَاءً فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ، أَوْ قَالَ ثَلَاثًا يَقَعُ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي أَنَّهُ مَتَى قَرَنَ بِالْعَدَدِ كَانَ الْوُقُوعُ بِهِ وَسَنَذْكُرُ فِي الْكِنَايَاتِ مَا لَوْ أَلْحَقَ الْعَدَدَ بَعْدَمَا سَكَتَ (قَوْلُهُ مِنْ الْبَائِنِ أَوْ أَكْثَرَ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ خِلَافَهَا فَإِنَّ الضَّمِيرَ فِيهِ لِلْوَاحِدَةِ الرَّجْعِيَّةِ فَخِلَافَ الْوَاحِدَةِ الْأَكْثَرِ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا، وَخِلَافَ الرَّجْعِيَّةِ الْبَائِنِ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ. وَفِيهِ أَيْضًا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ نِيَّةُ الْمُكْرَهِ الطَّلَاقَ عَنْ وَثَاقٍ، فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ تَصِحُّ نِيَّتُهُ قَضَاءً كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ فَقَطْ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ كَمَا يُفَادُ مِنْ الْبَحْرِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ لِأَنَّهُ نَوَى مُحْتَمَلَ لَفْظِهِ ط. مَطْلَبٌ فِي قَوْلِ الْبَحْرِ: إنَّ الصَّرِيحَ يُحْتَاجُ فِي وُقُوعِهِ دِيَانَةً إلَى النِّيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) لِمَا مَرَّ أَنَّ الصَّرِيحَ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ فِي وُقُوعِهِ قَضَاءً وَدِيَانَةً مِنْ قَصْدِ إضَافَةِ لَفْظِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا عَالِمًا بِمَعْنَاهُ وَلَمْ يَصْرِفْهُ إلَى مَا يَحْتَمِلُهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ، وَحَقَّقَهُ فِي النَّهْرِ، احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَرَّرَ مَسَائِلَ الطَّلَاقِ بِحَضْرَتِهَا، أَوْ كَتَبَ نَاقِلًا مِنْ كِتَابِ امْرَأَتِي طَالِقٌ مَعَ التَّلَفُّظِ، أَوْ حَكَى يَمِينَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ أَصْلًا مَا لَمْ يَقْصِدْ زَوْجَتَهُ، وَعَمَّا لَوْ لَقَّنَتْهُ لَفْظَ الطَّلَاقِ فَتَلَفَّظَ بِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَعْنَاهُ فَلَا يَقَعُ أَصْلًا عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ مَشَايِخُ أُوزْجَنْدَ صِيَانَةً عَنْ التَّلْبِيسِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْوُقُوعِ قَضَاءً فَقَطْ. وَعَمَّا لَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ مِنْ قَوْلِ أَنْتِ حَائِضٌ مَثَلًا إلَى أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَقَعُ قَضَاءً فَقَطْ، وَعَمَّا لَوْ نَوَى بِأَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ مِنْ وَثَاقٍ فَإِنَّهُ قَضَاءٌ فَقَطْ أَيْضًا. وَأَمَّا الْهَازِلُ فَيَقَعُ طَلَاقُهُ قَضَاءً وَدِيَانَةً لِأَنَّهُ قَصَدَ السَّبَبَ عَالِمًا بِأَنَّهُ سَبَبٌ فَرَتَّبَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ عَلَيْهِ أَرَادَهُ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute