تَحِيضَ أُخْرَى، وَفِي حَيْضَتِك فَحَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ، وَفِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ تَنْجِيزٌ، وَفِي مَجِيءِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ تَعْلِيقٌ بِمَجِيءِ الثَّالِثِ سِوَى يَوْمِ حَلِفِهِ لِأَنَّ الشُّرُوطَ تُعْتَبَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَغْوٌ، وَقَبْلَهُ تَنْجِيزٌ.
وَفِي طَالِقٍ تَطْلِيقَةً حَسَنَةً فِي دُخُولِك الدَّارَ إنْ رَفَعَ حَسَنَةً تَنَجَّزَ وَإِنْ نَصَبَهَا تَعَلَّقَ. وَسَأَلَ الْكِسَائِيُّ مُحَمَّدًا عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ:
فَإِنْ تَرْفُقِي يَا هِنْدُ فَالرِّفْقُ أَيْمَنُ ... وَإِنْ تَخْرِقِي يَا هِنْدُ فَالْخِرْقُ أَشْأَمُ
ــ
[رد المحتار]
وَفِي الْخَانِيَّةِ: قَالَ لِحَائِضٍ: إذَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ عَلَى حَيْضٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: إذَا حِضْت غَدًا فَهُوَ عَلَى دَوَامِ ذَلِكَ الْحَيْضِ إلَى فَجْرِ الْغَدِ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ حُدُوثُ حَيْضَةٍ فِي الْغَدِ فَيُحْتَمَلُ الدَّوَامُ، وَكَذَا إذَا مَرِضَتْ وَهِيَ مَرِيضَةٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِلصَّحِيحَةِ إذَا صَحَّحْت فَيَقَعُ كَمَا سَكَتَ لِأَنَّ الصِّحَّةَ أَمْرٌ يَمْتَدُّ فَلِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ؛ كَقَوْلِهِ لِلْقَائِمِ إذَا قُمْت، وَلِلْقَاعِدِ إذَا قَعَدْت، وَلِلْمَمْلُوكِ إذَا مَلَكْتُك، وَالْحَيْضُ وَالْمَرَضُ وَإِنْ كَانَ يَمْتَدُّ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا عَلَّقَ بِالْجُمْلَةِ أَحْكَامًا لَا تَتَعَلَّقُ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ فَقَدْ جَعَلَ الْكُلَّ شَيْئًا وَاحِدًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ تَنْجِيزٌ) لِأَنَّ الْوَقْتَ يَصْلُحُ ظَرْفًا لِكَوْنِهَا طَالِقًا، وَمَتَى طَلُقَتْ فِي وَقْتٍ طَلُقَتْ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ بِمَجِيءِ الثَّالِثِ) لِأَنَّ الْمَجِيءَ فِعْلٌ فَلَمْ يَصِحَّ ظَرْفًا فَصَارَ شَرْطًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشُّرُوطَ تُعْتَبَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ سِوَى يَوْمِ حَلِفِهِ، فَإِنَّ مَجِيءَ الْيَوْمِ عِبَارَةٌ عَنْ مَجِيءِ أَوَّلِ جُزْئِهِ، يُقَالُ جَاءَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَمَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ قَدْ مَضَى أَوَّلُ جُزْئِهِ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ. وَمُفَادُهُ أَنَّ هَذَا فِيمَا لَوْ حَلَفَ نَهَارًا. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَوْ قَالَ فِي اللَّيْلِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَجِيءِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ طَلُقَتْ كَمَا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَلَوْ قَالَ فِي مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إنْ قَالَ ذَلِكَ لَيْلًا طَلُقَتْ بِغُرُوبِ شَمْسِ الثَّالِثِ، هَكَذَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْجَامِعِ، وَفِي بَعْضِهَا لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَجِيءَ سَاعَةُ حَلِفِهِ مِنْ اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ، وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ لَغْوٌ) لِأَنَّ التَّكَالِيفَ رُفِعَتْ فِيهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَنَجَّزْ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْوُقُوعَ فِي زَمَانٍ مُعَيَّنٍ وَالزَّمَانُ يَصْلُحُ لِلْإِيقَاعِ إلَّا أَنَّهُ مَنَعَ مَانِعٌ مِنْ إيقَاعِهِ فِيهِ ط (قَوْلُهُ وَقَبْلَهُ تَنْجِيزٌ) لِأَنَّ الْقَبْلِيَّةَ ظَرْفٌ مُتَّسَعٌ فَيَصْدُقُ بِحِينِ التَّكَلُّمِ ط.
(قَوْلُهُ إنْ رَفَعَ إلَخْ) الْفَرْقُ أَنَّهُ عَلَى الرَّفْعِ يَكُونُ نَعْتًا لِلْمَرْأَةِ فَاصِلًا، وَعَلَى النَّصْبِ يَكُونُ نَعْتًا لِلتَّطْلِيقَةِ، فَلَمْ يَكُنْ فَاصِلًا نَهْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ: أَيْ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فَاصِلٌ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ فِي دُخُولِك مُسْتَأْنَفًا بَلْ يَتَعَلَّقُ بِطَالِقٍ فَيَتَقَيَّدُ بِهِ (قَوْلُهُ وَسَأَلَ الْكِسَائِيُّ مُحَمَّدًا إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى رَدِّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي الْمُغْنِي مِنْ بَابِ الْأَوَّلِ مِنْ بَحْثِ اللَّامِ: أَنَّهُ كَتَبَ الرَّشِيدُ إلَى أَبِي يُوسُفَ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ نَحْوِيَّةٌ فِقْهِيَّةٌ وَلَا آمَنُ مِنْ الْخَطَأِ إنْ قُلْت فِيهَا، فَسَأَلْت الْكِسَائِيَّ فَقَالَ: إنْ رَفَعَ ثَلَاثًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً لِأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَلَاقٌ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ الطَّلَاقَ التَّامَّ ثَلَاثٌ، وَإِنْ نَصَبَهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَمَا بَيْنَهُمَا جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ اهـ مُلَخَّصًا. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ بَعْدَ كَوْنِهِ غَلَطًا بَعِيدٌ عَنْ مَعْرِفَةِ مَقَامِ الِاجْتِهَادِ، فَإِنَّ مِنْ شَرْطِهِ مَعْرِفَةَ الْعَرَبِيَّةِ وَأَسَالِيبِهَا " لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ يَقَعُ فِي الْأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ الْعَرَبِيَّةِ. وَاَلَّذِي نَقَلَهُ أَهْلُ الثَّبْتِ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَمَّنْ قَرَأَ الْفَتْوَى حِينَ وَصَلَتْ خِلَافُهُ، وَأَنَّ الْمُرْسِلَ الْكِسَائِيُّ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَلَا دَخْلَ لِأَبِي يُوسُفَ أَصْلًا وَلَا الرَّشِيدِ وَلَمَقَامُ أَبِي يُوسُفَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ مَعَ إمَامَتِهِ وَاجْتِهَادِهِ وَبَرَاعَتِهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْأَلْفَاظِ. فَفِي الْمَبْسُوطِ: ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ أَنَّ الْكِسَائِيَّ بَعَثَ إلَى مُحَمَّدٍ بِفَتْوَى فَدَفَعَهَا إلَيَّ فَقَرَأْتهَا عَلَيْهِ، فَكَتَبَ فِي جَوَابِهِ مَا مَرَّ، فَاسْتَحْسَنَ الْكِسَائِيُّ جَوَابَهُ. اهـ. وَذَكَرَ ح عَنْ حَاشِيَةِ الْمُغْنِي لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَرْوِيُّ فِي تَارِيخِ الْخَطِيبِ الْبَغْدَادِيِّ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَرْفُقِي إلَخْ) بَعْدَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ بَيْتٌ ثَالِثٌ وَهُوَ قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute