للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا قَالَ لِلْمَدْخُولَةِ: إنْ طَلَّقْتُك وَاحِدَةً فَهِيَ بَائِنَةٌ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا يَقَعُ رَجْعِيًّا، الْوَصْفُ لَا يَسْبِقُ الْمَوْصُوفَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكَذَا ثُمَّ قَبْلَ دُخُولِهَا الدَّارَ قَالَ جَعَلْته بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا انْتَهَى، وَمُفَادُهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فِي: مَتَى تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَمْلِكِينَ بِهَا نَفْسَك، إذْ غَايَتُهُ مُسَاوَاتُهُ لَأَنْتِ بَائِنٌ، وَالْوَصْفُ لَا يَسْبِقُ الْمَوْصُوفَ.

كَذَا حَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَفِي الْكِنَايَاتِ:

ــ

[رد المحتار]

وَيُسَمُّونَ بِالشُّهُودِ، وَسُمُّوا مُوَثَّقِينَ لِأَنَّهُمْ يُوَثِّقُونَ مَنْ يَشْهَدُ بِبَيَانِ أَنَّهُ ثِقَةٌ اهـ أَوْ لِأَنَّهُمْ يَكْتُبُونَ صُكُوكَ الْوَثَائِقِ أَفَادَهُ ط. قُلْت: وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْبَحْرِ. وَقَدْ أَلَّفَ فِيهَا رِسَالَةً أَيْضًا هِيَ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: مَتَى ظَهَرَ لِي امْرَأَةٌ غَيْرُك أَوْ أَبْرَأْتِنِي مِنْ مَهْرِك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً تَمْلِكِينَ بِهَا نَفْسَك ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُهَا وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ مَهْرِهَا. فَأَجَابَ بِأَنَّهُ بَائِنٌ وَرُدَّ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِأَنَّهُ رَجْعِيٌّ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ) انْتِصَارٌ لِذَلِكَ الْمُفْتِي. وَرَدَّهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَوَاشِي الْمِنَحِ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ فِي حَادِثَةِ التَّعَالِيقِ هُوَ الطَّلَاقُ الْمَوْصُوفُ بِالْبَيْنُونَةِ. وَفِي مَسْأَلَةِ الْبَزَّازِيَّةِ: الْمُعَلَّقُ وَصْفُ الْبَيْنُونَةِ فَقَطْ وَالْمَوْصُوفُ لَمْ يُوجَدْ بَعْدُ، فَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ التَّعَالِيقِ كَأَنَّهُ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ بَائِنًا وَلَا قَائِلَ بِمَنْعِهِ تَأَمَّلْ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَزَّازِيَّةِ الْأُولَى قَدْ عُلِّقَتْ الصِّفَةُ وَحْدَهَا عَلَى وُجُودِ الْمَوْصُوفِ، وَالْحُكْمُ فِي الْمُعَلَّقِ أَنَّهُ لَوْلَا التَّعْلِيقُ لَوُجِدَ فِي الْحَالِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ فِي الْحَالِ بَيْنُونَةُ طَلْقَةٍ غَيْرِ مَوْجُودَةٍ وَلَا كَوْنُهَا ثَلَاثًا لِأَنَّ الْوَصْفَ لَا يَسْبِقُ مَوْصُوفَهُ، وَكَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ جَعَلَ الطَّلْقَةَ الْمُعَلَّقَةَ بَائِنَةَ أَوْ ثَلَاثًا قَبْلَ وُجُودِهَا فَيَلْزَمُ أَيْضًا سَبْقُ الصِّفَةِ مَوْصُوفَهَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي الْكِنَايَاتِ مَعَ بَعْضِ تَغْيِيرٍ، وَقَدْ عَلِمْت الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَقِيسَةِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ مُسَاوَاتُهُ لِأَنْتِ بَائِنٌ) كَانَ حَقُّ التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ مُسَاوَاتُهُ لِهُوَ بَائِنٌ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِوَصْفِ الطَّلَاقِ فَقَطْ، وَقَدْ عَلِمْت عَدَمَ الْمُسَاوَاةِ، نَعَمْ هُوَ مُسَاوٍ لِأَنْتِ بَائِنٌ عَلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْمَوْصُوفِ وَصِفَتِهِ مَعًا فَصَارَ فِي مَعْنَى مَتَى تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَنْتِ بَائِنٌ، فَهَذَا نَطَقَ بِالْحَقِّ بِلَا قَصْدٍ. [تَتِمَّةٌ] يَقَعُ كَثِيرًا فِي كَلَامِ الْعَوَامّ: أَنْتِ طَالِقٌ تَحِلِّي لِلْخَنَازِيرِ وَتَحْرُمِي عَلَيَّ وَأَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ بِأَنَّهُ رَجْعِيٌّ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَتَحْرُمِي عَلَيَّ إنْ كَانَ لِلْحَالِ فَخِلَافُ الْمَشْرُوعِ لِأَنَّهَا لَا تَحْرُمُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ لِلِاسْتِقْبَالِ فَصَحِيحٌ وَلَا يُنَافِي الرَّجْعَةَ، وَكَذَلِكَ أَفْتَى بِالرَّجْعِيِّ فِي قَوْلِهِمْ أَنْتِ طَالِقٌ لَا يَرُدُّك قَاضٍ وَلَا عَالِمٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إخْرَاجَهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ الشَّرْعِيِّ.

وَأَيَّدَهُ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى الْمِنَحِ بِمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ: لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَلَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك فَرَجْعِيَّةٌ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك فَبَائِنٌ اهـ وَقَالَ: إنَّ قَوْلَهُمْ لَا يَرُدُّك قَاضٍ إلَخْ مِثْلُ قَوْلِهِ وَلَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك لِأَنَّ حَذْفَ الْوَاوِ كَإِثْبَاتِهَا كَمَا لَوْ ظَاهَرَ، لَا مِثْلَ عَلَيَّ أَنْ لَا رَجْعَةَ اهـ. قُلْت: وَالْفَرْقُ أَنَّ عَلَيَّ أَنْ لَا رَجْعَةَ قَيْدٌ لِلطَّلَاقِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ، فَهُوَ فِي مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا مَشْرُوطًا فِيهِ عَدَمُ الرَّجْعَةِ: أَيْ طَلَاقًا بَائِنًا، فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَصَفَ الطَّلَاقَ بِضَرْبٍ مِنْ الشِّدَّةِ وَالزِّيَادَةِ يَقَعُ بِهِ الْبَائِنُ كَمَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ. أَمَّا وَلَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك فَلَيْسَ صِفَةً لِلطَّلَاقِ بَلْ هُوَ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ أَخْبَرَ بِهِ عَمَّا هُوَ خِلَافُ الشَّرْعِ، فَإِنَّ الشَّرْعَ هُوَ وُقُوعُ الرَّجْعِيِّ بِأَنْتِ طَالِقٌ؛ فَقَوْلُهُ وَلَا رَجْعَةَ لَغْوٌ، مِثْلُ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَبَائِنٌ أَوْ ثُمَّ بَائِنٌ بِلَا نِيَّةٍ كَمَا مَرَّ، وَكَذَا قَوْلُهُمْ لَا يَرُدُّك قَاضٍ إلَخْ لَيْسَ صِفَةً لِلطَّلَاقِ بَلْ هُوَ صِفَةٌ لِلْمَرْأَةِ فَلَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْقَاعِدَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>