للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ صَدَقْت طَلَاقٌ إنْ نَوَاهُ خِلَافًا لَهُمَا. وَلَوْ أَكَّدَ بِالْقَسَمِ أَوْ سُئِلَ أَلِك امْرَأَةٌ؟ فَقَالَ لَا تَطْلُقُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ نَوَى لِأَنَّ الْيَمِينَ وَالسُّؤَالَ قَرِينَتَا إرَادَةِ النَّفْيِ فِيهِمَا. وَفِي الْخُلَاصَةِ: قِيلَ لَهُ: أَلَسْت طَلَّقْتهَا؟ تَطْلُقُ بِبَلَى لَا بِنَعَمْ. وَفِي الْفَتْحِ: يَنْبَغِي عَدَمُ الْفَرْقِ لِلْعُرْفِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَتْ لَهُ: أَنَا امْرَأَتُك، فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ كَانَ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ، وَتَطْلُقُ لِاقْتِضَاءِ الطَّلَاقِ النِّكَاحَ وَضْعًا.

عَلِمَ أَنَّهُ حَلَفَ وَلَمْ يَدْرِ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ لَغَا كَمَا لَوْ شَكَّ أَطَلَّقَ أَمْ لَا. وَلَوْ شَكَّ أَطَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ.

ــ

[رد المحتار]

بَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ مُطْلَقًا لَكِنْ فِي مَسْأَلَةِ السَّمَكِ لَمَّا أَمْكَنَ وُجُودُ الْعَدَدِ فَإِذَا وُجِدَ وَقَعَ بِقَدْرِهِ.

(قَوْلُهُ طَلَاقٌ إنْ نَوَاهُ) لِأَنَّ الْجُمْلَةَ تَصْلُحُ لِإِنْشَاءِ الطَّلَاقِ كَمَا تَصْلُحُ لِإِنْكَارِهِ فَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ بِالنِّيَّةِ وَقَيَّدَ. بِالنِّيَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِدُونِهَا اتِّفَاقًا لِكَوْنِهِ مِنْ الْكِنَايَاتِ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهَا دَلَالَةٌ الْحَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا يَصْلُحُ جَوَابًا فَقَطْ وَهُوَ أَلْفَاظٌ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا.

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ طَلَاقٌ إلَى أَنَّ الْوَاقِعَ بِهَذِهِ الْكِنَايَةِ رَجْعِيٌّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ الْكِنَايَاتِ (قَوْلُهُ لَا تَطْلُقُ اتِّفَاقًا وَإِنْ نَوَى) وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ لَمْ أَتَزَوَّجْك أَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا نِكَاحٌ، أَوْ لَا حَاجَةَ لِي فِيك بَدَائِعُ لَكِنْ فِي الْمُحِيطِ ذَكَرَ الْوُقُوعَ فِي قَوْلِهِ عِنْدَ سُؤَالِهِ. قَالَ: وَلَوْ قَالَ: لَا نِكَاحَ بَيْنَنَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْأَصْلُ أَنَّ نَفْيَ النِّكَاحِ أَصْلًا لَا يَكُونُ طَلَاقًا بَلْ يَكُونُ جُحُودًا وَنَفْيُ النِّكَاحِ فِي الْحَالِ يَكُونُ طَلَاقًا إذَا نَوَى وَمَا عَدَاهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ اهـ بَحْرٌ (قَوْلُهُ قَرِينَتَا إرَادَةُ النَّفْيِ فِيهِمَا) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْيَمِينَ لِتَأْكِيدِ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ فَلَا يَكُونُ جَوَابُهُ الْأَخِيرَ، وَكَذَا جَوَابُ السُّؤَالِ وَالطَّلَاقِ لَا يَكُونُ إلَّا إنْشَاءً فَوَجَبَ صَرْفُهُ إلَى الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ النِّكَاحِ كَاذِبًا (قَوْلُهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ: أَلَسْت طَلَّقْتهَا وَوُجِدَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا فِي ح.

قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمَنَارِ: وَذَكَرَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّ مُوجِبَ نَعَمْ تَصْدِيقُ مَا قَبْلَهَا مِنْ كَلَامٍ مَنْفِيٍّ أَوْ مُثْبَتٍ اسْتِفْهَامًا كَانَ أَوْ خَبَرًا كَمَا إذَا قِيلَ لَك: قَامَ زَيْدٌ أَوْ أَقَامَ زَيْدٌ أَوْ لَمْ يَقُمْ زَيْدٌ فَقُلْت: نَعَمْ كَانَ تَصْدِيقًا لِمَا قَبْلَهُ وَتَحْقِيقًا لِمَا بَعْدَ الْهَمْزَةِ، وَمُوجِبُ بَلَى إيجَابُ مَا بَعْدَ النَّفْيِ اسْتِفْهَامًا كَانَ أَوْ خَبَرًا فَإِذَا قِيلَ: لَمْ يَقُمْ زَيْدٌ فَقُلْت: بَلَى كَانَ مَعْنَاهُ قَدْ قَامَ، إلَّا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ الْعُرْفُ حَتَّى يُقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ اهـ (قَوْلُهُ وَفِي الْفَتْحِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي عَدَمُ الْفَرْقِ فَإِنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يُفَرِّقُونَ بَلْ يَفْهَمُونَ مِنْهُمَا إيجَابَ الْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ) أَيْ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ كَانَ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ وَتَطْلُقُ) أَيْ فَإِذَا كَانَ أَنْكَرَهُ؛ يَلْزَمُهُ مَهْرُهَا وَنَفَقَةُ عِدَّتِهَا؛ وَتَرِثُهُ لَوْ مَاتَ فِي عِدَّتِهَا (قَوْلُهُ لِاقْتِضَاءِ الطَّلَاقِ النِّكَاحَ وَضْعًا) لِأَنَّ الطَّلَاقَ لُغَةً وَشَرْعًا رَفْعُ الْقَيْدِ الثَّابِتِ بِالنِّكَاحِ فَلَا بُدَّ لِصِحَّتِهِ مِنْ سَبْقِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْمُقْتَضَى مَا يُقَدَّرُ لِصِحَّةِ الْكَلَامِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: نَعَمْ أَنْتِ امْرَأَتِي وَأَنْتِ طَالِقٌ، كَمَا قَالُوا فِي: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ قُلْت: وَهَذَا حَيْثُ لَا مَانِعَ. فَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ النِّكَاحِ عَنْ الْمُنْتَقَى قَالَ لَهَا: مَا أَنْتِ لِي بِزَوْجَةٍ وَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالنِّكَاحِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِقِيَامِ الْقَرِينَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى أَنَّ مَا أَرَادَ الطَّلَاقَ حَقِيقَةً اهـ: أَيْ لِأَنَّ تَصْرِيحَهُ بِنَفْيِ الزَّوْجِيَّةِ يُنَافِي اقْتِضَاءَهَا فَلَا يَكُونُ الطَّلَاقُ مُرَادًا بِهِ حَقِيقَةً.

(قَوْلُهُ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ) أَيْ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، إلَّا أَنْ يَسْتَيْقِنَ بِالْأَكْثَرِ أَوْ يَكُونَ أَكْبَرَ ظَنِّهِ. وَعَنْ الْإِمَامِ الثَّانِي إذَا كَانَ لَا يَدْرِي أَثْلَاثٌ أَمْ أَقَلُّ يَتَحَرَّى؛ وَإِنْ اسْتَوَيَا عَمِلَ بِأَشَدِّ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ أَشْبَاهٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ ط: وَعَلَى قَوْلِ الثَّانِي اقْتَصَرَ قَاضِي خَانْ؛ وَلَعَلَّهُ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِالِاحْتِيَاطِ خُصُوصًا فِي بَابِ الْفُرُوجِ. اهـ. قُلْت: وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى الْقَضَاءِ وَالثَّانِي عَلَى الدِّيَانَةِ؛ وَيُؤَيِّدُهُ مَسْأَلَةُ الْمُتُونِ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ. لَوْ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>