للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ النِّيَّةِ وَيَكْفِي تَحْلِيفُهَا لَهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَإِنْ أَبَى رَفَعَتْهُ لِلْحَاكِمِ فَإِنْ نَكَلَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا مُجْتَبًى.

(وَفِي الْغَضَبِ) تَوَقَّفَ (الْأَوَّلَانِ) إنْ نَوَى وَقَعَ وَإِلَّا لَا (وَفِي مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ) يَتَوَقَّفُ (الْأَوَّلُ فَقَطْ) وَيَقَعُ

ــ

[رد المحتار]

مِنْ الْأَلْفَاظِ يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ وَالْحَالُ لَا تَدُلُّ عَلَى أَحَدِهِمَا فَيُسْأَلُ عَنْ نِيَّتِهِ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ قَضَاءً بَدَائِعُ. قَالَ ط: فَإِنْ قُلْتُ: إنَّ مَا يَصْلُحُ جَوَابًا يَنْبَغِي الْوُقُوعُ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ قُلْتُ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ جَوَابًا أَنَّهُ جَوَابٌ لِتَحْصِيلِ الطَّلَاقِ بَلْ هُوَ جَوَابٌ لِكَلَامِهَا بِغَيْرِ السُّؤَالِ، أَمَّا إذَا تَكَلَّمَتْ بِسُؤَالِ الطَّلَاقِ فَقَدْ حَصَلَتْ الْمُذَاكَرَةُ، وَفِيهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ إلَّا الْأَوَّلُ كَمَا يَأْتِي. اهـ.

قُلْت: لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْفَتْحِ مِنْ تَفْسِيرِهِ الْمُحْتَمَلِ لِلْجَوَابِ بِأَنَّهُ جَوَابُ طَلَبِ الطَّلَاقِ أَيْ التَّطْلِيقِ فَالْأَوَّلُ الْجَوَابُ عَنْ الْإِيرَادِ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ نَحْوَ اعْتَدِّي يَتَمَحَّضُ لِلتَّطْلِيقِ إجَابَةً لِسُؤَالِهَا أَيْ أَنَّهُ إنْ كَانَ هُنَاكَ سُؤَالُ الطَّلَاقِ تَمَحَّضَ لِلتَّطْلِيقِ وَلَا يَلْزَمُ وُجُودُ سُؤَالِ الطَّلَاقِ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ لِأَنَّهُ قَدْ تَكُونُ الْحَالَةُ حَالَةَ رِضًا فَقَطْ أَوْ حَالَةَ غَضَبٍ فَقَطْ بِدُونِ سُؤَالِ الطَّلَاقِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَخْرُجُ نَحْوُ اعْتَدِّي عَنْ كَوْنِهِ مُتَمَحِّضًا لِلْجَوَابِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ سُؤَالًا لَتَمَحَّضَ جَوَابًا لَهُ وَلِذَا يَقَعُ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى نِيَّةٍ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ السُّؤَالِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ) فَالْيَمِينُ لَازِمَةٌ لَهُ سَوَاءٌ ادَّعَتْ الطَّلَاقَ أَمْ لَا حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى ط عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ) أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي لِأَنَّ النُّكُولَ عِنْدَ غَيْرِهِ لَا يُعْتَبَرُ ط (قَوْلُهُ تَوَقَّفَ الْأَوَّلَانِ) أَيْ مَا يَصْلُحُ رَدًّا وَجَوَابًا وَمَا يَصْلُحُ سَبًّا وَجَوَابًا وَلَا يَتَوَقَّفُ مَا يَتَعَيَّنُ لِلْجَوَابِ. بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ حَالَةَ الْغَضَبِ تَصْلُحُ لِلرَّدِّ وَالتَّبْعِيدِ وَالسَّبِّ وَالشَّتْمِ كَمَا تَصْلُحُ لِلطَّلَاقِ، وَأَلْفَاظُ الْأَوَّلِينَ يَحْتَمِلَانِ ذَلِكَ أَيْضًا فَصَارَ الْحَالُ فِي نَفْسِهِ مُحْتَمَلًا لِلطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ، فَإِذَا عَنَى بِهِ غَيْرَهُ فَقَدْ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ وَلَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ فَيُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ، بِخِلَافِ أَلْفَاظِ الْأَخِيرِ: أَيْ مَا يَتَعَيَّنُ لِلْجَوَابِ لِأَنَّهَا وَإِنْ احْتَمَلَتْ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ أَيْضًا لَكِنَّهَا لَمَّا زَالَ عَنْهَا احْتِمَالُ الرَّدِّ وَالتَّبْعِيدِ وَالسَّبِّ وَالشَّتْمِ اللَّذَيْنِ احْتَمَلَتْهُمَا حَالَ الْغَضَبِ تَعَيَّنَتْ الْحَالُ عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ فَتَرَجَّحَ جَانِبُ الطَّلَاقِ فِي كَلَامِهِ ظَاهِرًا، فَلَا يُصَدَّقُ فِي الصَّرْفِ عَنْ الظَّاهِرِ، فَلِذَا وَقَعَ بِهَا قَضَاءً بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى النِّيَّةِ كَمَا فِي صَرِيحِ الطَّلَاقِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ عَنْ وِثَاقٍ (قَوْلُهُ يَتَوَقَّفُ الْأَوَّلُ فَقَطْ) أَيْ مَا يَصْلُحُ لِلرَّدِّ وَالْجَوَابِ لِأَنَّ حَالَةَ الْمُذَاكَرَةِ تَصْلُحُ لِلرَّدِّ وَالتَّبْعِيدِ كَمَا تَصْلُحُ لِلطَّلَاقِ دُونَ الشَّتْمِ وَأَلْفَاظُ الْأَوَّلِ كَذَلِكَ، فَإِذَا نَوَى بِهَا الرَّدَّ لَا الطَّلَاقَ فَقَدْ نَوَى مُحْتَمَلَ كَلَامِهِ بِلَا مُخَالَفَةٍ لِلظَّاهِرِ فَتَوَقَّفَ الْوُقُوعُ عَلَى النِّيَّةِ، بِخِلَافِ أَلْفَاظِ الْأَخِيرَيْنِ فَإِنَّهَا وَإِنْ احْتَمَلَتْ الطَّلَاقَ لَكِنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ مَا تَحْتَمِلُهُ الْمُذَاكَرَةُ مِنْ الرَّدِّ وَالتَّبْعِيدِ، فَتَرَجَّحَ جَانِبُ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا فَلَا يُصَدَّقُ فِي الصَّرْفِ عَنْهُ فَلِذَا وَقَعَ بِهَا قَضَاءً بِلَا نِيَّةٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوَّلَ يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ فِي حَالَةِ الرِّضَا وَالْغَضَبِ وَالْمُذَاكَرَةِ، وَالثَّانِي فِي حَالَةِ الرِّضَا وَالْغَضَبِ فَقَطْ وَيَقَعُ فِي حَالَةِ الْمُذَاكَرَةِ بِلَا نِيَّةٍ، وَالثَّالِثُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا فِي حَالَةِ الرِّضَا فَقَطْ، وَيَقَعُ حَالَةَ الْغَضَبِ وَالْمُذَاكَرَةِ بِلَا نِيَّةٍ وَقَدْ نَظَمْتُ ذَلِكَ بِقَوْلِي:

نَحْوُ اُخْرُجِي قُومِي اذْهَبِي رَدًّا يَصِحْ ... خَلِيَّةً بَرِيَّةً سَبًّا صَلُحْ

وَاسْتَبْرِئِي اعْتَدِّي جَوَابًا قَدْ حَتَمْ ... فَالْأَوَّلُ الْقَصْدُ لَهُ دَوْمًا لَزِمْ

وَالثَّانِي فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا انْضَبَطْ ... لَا الذِّكْرُ وَالثَّالِثُ فِي الرِّضَا فَقَطْ

وَرَسَمْتُهَا فِي شُبَّاكٍ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>