كَأَنْتِ بَائِنٌ بَائِنٌ، أَوْ أَبَنْتُكِ بِتَطْلِيقَةٍ فَلَا يَقَعُ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ فَلَا ضَرُورَةَ فِي جَعْلِهِ إنْشَاءً، بِخِلَافِ أَبَنْتُك بِأُخْرَى أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ، أَوْ قَالَ نَوَيْتُ الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى لِتَعَذُّرِ حَمْلِهِ عَلَى الْإِخْبَارِ فَيُجْعَلُ إنْشَاءً، وَلِذَا وَقَعَ الْمُعَلَّقُ كَمَا قَالَ (إلَّا إذَا كَانَ) الْبَائِنُ (مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ) أَوْ مُضَافًا (قَبْلَ) إيجَادِ (الْمُنَجَّزِ الْبَائِنِ) كَقَوْلِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ بَائِنٌ نَاوِيًا ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ بَانَتْ بِأُخْرَى لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ إخْبَارًا،
ــ
[رد المحتار]
آخَرَ فَتَدَبَّرْ. وَأَمَّا اعْتَدِّي اعْتَدِّي فَإِنَّهُ مُلْحَقٌ بِالصَّرِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَلَا يُنَافِي مَا هُنَا حَيْثُ أَوْقَعُوا بِهِ مُكَرَّرًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَأَنْتِ بَائِنٌ بَائِنٌ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُكَرَّرًا، وَفِي بَعْضِهَا كَأَنْتِ بَائِنٌ بِدُونِ تَكْرَارٍ وَهُوَ الْأَصْوَبُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّمْثِيلُ لِإِيقَاعِ الْبَائِنِ عَلَى الْمُبَانَةِ وَلِأَنَّهُ كَمَا قَالَ ط لَيْسَ الْمُرَادُ الْإِخْبَارَ النَّحْوِيَّ بَلْ الْإِخْبَارَ عَمَّا صَدَرَ أَوَّلًا وَلِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنْ يَلْزَمَ كَوْنُهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ أَبَنْتُكِ بِتَطْلِيقَةٍ) عَطْفٌ عَلَى بَائِنٍ الثَّانِيَةِ أَيْ أَنْتِ بَائِنٌ أَبَنْتُكِ بِتَطْلِيقَةٍ. اهـ. ح وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ اللَّفْظَيْنِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ الْبَائِنَةِ أَوْ الْخُلْعِ أَوْ الطَّلَاقِ الصَّرِيحِ إذَا كَانَ عَلَى مَالٍ أَوْ مَوْصُوفًا بِمَا يُنْبِئُ عَنْ الْبَيْنُونَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ بَعْدَ كَوْنِ الثَّانِي بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ الْبَائِنَةِ كَالْخُلْعِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ كَأَنْتِ حَرَامٌ، بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ الرَّجْعِيَّةِ فَإِنَّهَا فِي حُكْمِ الصَّرِيحِ فَتَلْحَقُ الْبَائِنَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ) أَيْ وَإِنْ نَوَى، لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْحَاوِي: وَلَا يَقَعُ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى. اهـ. ط (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ) أَيْ يُجْعَلُ إخْبَارًا لِأَنَّهُ أَمْكَنَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ أَبَنْتُكِ بِأُخْرَى) : أَيْ لَوْ أَبَانَهَا أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ فِي الْعِدَّةِ أَبَنْتُك بِأُخْرَى وَقَعَ لِأَنَّ لَفْظَ أُخْرَى مَنَافٍ لِإِمْكَانِ الْإِخْبَارِ بِالثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ) لِأَنَّ وُقُوعَهُ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ صَرِيحٌ، وَيَلْغُو قَوْلُهُ بَائِنٌ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ: لِأَنَّ الصَّرِيحَ بَعْدَ الْبَائِنِ بَائِنٌ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ، وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِلْمُبَانَةِ أَبَنْتُك بِتَطْلِيقَةٍ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أَلْغَيْنَا بَائِنًا يَبْقَى قَوْلُهُ طَالِقٌ وَبِهِ يَقَعُ، وَلَوْ أَلْغَيْنَا أَبَنْتُكِ يَبْقَى قَوْلُهُ بِتَطْلِيقَةٍ وَهُوَ غَيْرُ مُفِيدٍ. اهـ.
قُلْت: لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا مِنْ أَنَّ الطَّلَاقَ مَتَى قُيِّدَ بِعَدَدٍ أَوْ وَصْفٍ أَوْ مَصْدَرٍ فَالْوُقُوعُ بِالْقَيْدِ، حَتَّى لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَمَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ ثَلَاثًا أَوْ بَائِنٌ لَمْ يَقَعْ، فَهَذَا يُنَافِي مَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ مِنْ إلْغَاءِ الْوَصْفِ هُنَا، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ اعْتِبَارَ الْوُقُوعِ بِهِ هُنَا لَا يَصِحُّ لِسَبْقِ الْبَيْنُونَةِ قَبْلَهُ وَلِوُقُوعِ الْبَائِنِ بِالصَّرِيحِ هُنَا وَإِنْ لَمْ يُوصَفْ، فَتَعَيَّنَ إلْغَاءُ الْوَصْفِ كَمَا عَلِمْتَ آنِفًا. وَبَقِيَ إشْكَالٌ آخَرُ مَذْكُورٌ مَعَ جَوَابِهِ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ نَوَيْتُ) أَيْ بِالْبَائِنِ الثَّانِي الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى أَيْ الْحُرْمَةَ الْغَلِيظَةَ وَهِيَ الَّتِي لَا حِلَّ بَعْدَهَا إلَّا بِنِكَاحِ زَوْجٍ آخَرَ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَقِيلَ لَا يَقَعُ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ صِفَةُ الْبَيْنُونَةِ فَإِذَا أَلْغَتْ النِّيَّةَ فِي أَصْلِ الْبَيْنُونَةِ لِكَوْنِهَا حَاصِلَةً لَغَتْ فِي إثْبَاتِ وَصْفِ التَّغْلِيظِ مُحِيطٌ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إلْغَاءِ نِيَّةِ الْبَيْنُونَةِ؛ وَمِثْلُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْحَاوِي فَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ بَيْنُونَةٍ أُخْرَى خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ كَمَا مَرَّ.
قَالَ فِي الدُّرَرِ: أَقُولُ وَهَذَا يَدُلُّ قَطْعًا عَلَى أَنَّهُ إذَا أَبَانَهَا ثُمَّ قَالَ فِي الْعِدَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَقَعُ الثَّلَاثُ، لِأَنَّ الْحُرْمَةَ الْغَلِيظَةَ إذَا ثَبَتَتْ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ بِلَا ذِكْرِ الثَّلَاثِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا فِي الْمَحَلِّ فَلَأَنْ تَثْبُتَ إذَا صَرَّحَ بِالثَّلَاثِ أَوْلَى، وَتَمَامُهُ فِيهِ وَنَحْوُهُ فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ لِتَعَذُّرِ حَمْلِهِ عَلَى الْإِخْبَارِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ الْبَائِنُ مُعَلَّقًا إلَخْ) يَشْمَلُ مَا إذَا آلَى مِنْ زَوْجَتِهِ ثُمَّ أَبَانَهَا قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ مَضَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْرَبَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يَقَعُ خِلَافًا لِزُفَرَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ قَبْلَ إيجَادِ الْمُنَجَّزِ) سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ مُحْتَرَزَ الْقَبْلِيَّةَ، وَتَنْجِيزُ الثَّانِي غَيْرُ قَيْدٍ بَلْ لَوْ عَلَّقَهُ قَبْلَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ الْأَوَّلِ فَكَذَلِكَ كَمَا يَذْكُرُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ نَاوِيًا) لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ نِيَّةٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ إخْبَارًا) أَيْ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ قَبْلُ فَلَا يَصِحُّ إخْبَارًا عَنْهُ وَكَذَا الْإِضَافَةُ ح وَأَعَادَ التَّعْلِيلَ وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute